إن كانت الدول العظمى تتحدث عن سنوات عجاف وأن التنظيم لن يُقضى عليه خلال السنوات القليلة القادمة فلا بد من تغيير السياسة العامة لمواجهة خطر هذا التنظيم، وكل من يحمل فكره، فسياسة ضرب نظام الأسد وتغييره لم تجلب إلا دولة «داعش»، فهم من استطاع التحرك في أكثر من اتجاه وسيطر على مساحات شاسعة كبيرة بعكس أي تنظيم آخر.

Ad

سؤال بودّي أن أوجهه إلى من آزر تنظيم "داعش" من ربع جمع السلاح، وأنصاف الدعاة واللادعاة عن موقفهم من الجرائم التي ارتكبها التنظيم بحق السنّة والشيعة والمسيحيين قبلهم، وهل راعى الله فيهم وحقن دماءهم؟ أم سنسمع منهم المزيد من الفتاوى المفصلة على مقاس جرائمهم كالتي سبقت نحرهم وحرقهم الشيعة!!!

على العموم لا أستغرب رد من هم على شاكلة الحارث، وابن مدفوع، وابن مأجور، وقناة خصام، ووصال، والمغرر من الشباب الذين انطلت عليهم فكرة دولة الخلافة، فما إن أحرق الطيار الأردني إلا وتصدر مطاوعة الفلس مواقع "التويتر"، بعضهم يبرر وبعضهم يستنكر ويشجب بعد أن كان منذ أشهر قليلة يمجد ببطولات "داعش" الذي دحر الجيش العراقي والجيش السوري، وبعد أن دفعوا الشباب إلى ساحات القتال مع معرفتهم بمصيرهم الحتمي وهو القتل ثم الخلود في النار حالهم حال الخوارج والمرتدين.

ما يحزّ في النفس هو دور العلماء في تبيان البيان وإماطة اللثام عن النصوص الشرعية التي تلجأ إليها تنظيمات الجهاد الضالة، والتي هي سبب الانحراف الفعلي عن الشريعة الإسلامية السمحاء التي راعت حق الشجر قبل البشر.

المشكلة التي يعانيها عوام المسلمين من تلك النصوص والأحاديث الموضوعة على الصحابة الكرام يجب أن تخضع للفحص والتدقيق لمعرفة أساسها التاريخي والعقائدي، وحتى إن صحت تلك الروايات من حيث السند فلا بد من عرضها على النصوص القرآنية وسنّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن تعارضت معها تترك ولا يؤخذ بها، فالصحابة وإن علا شأنهم فهم لهم اجتهادات صار بعضها خلافاً للآخر.

إن كانت الدول العظمى تتحدث عن سنوات عجاف وأن التنظيم لن يُقضى عليه خلال السنوات القليلة القادمة فلا بد من تغيير السياسة العامة لمواجهة خطر هذا التنظيم، وكل من يحمل فكره، فسياسة ضرب نظام الأسد وتغييره لم تجلب إلا دولة "داعش"، فهم من استطاع التحرك في أكثر من اتجاه وسيطر على مساحات شاسعة كبيرة بعكس أي تنظيم آخر.

اليوم هناك فرصة لتحرك سياسي لوجستي بعد أن عرف غالبية الشارع العربي خطورة هذا الفكر على استقرار دول المنطقة، فوحشيتهم لم ولن تستثني أحداً، وطموحاتهم في التمدد لن تقف عند حدود العراق وسورية، فهم ينظرون إلى دولنا الكعكة القادمة لهم.

لقد عاث هذا التنظيم فساداً في الأرض، وتجرأ على الله بفعله وقتله النفس المحرمة؛ مستغلاً العداء الذي أسسه بعض دعاة الفتنة من السنّة والشيعة لاستباحة دماء عامة المسلمين؛ لذا من الضروري التصدي لهذا الفكر المنحرف وكل من يسانده بفرض قوة القانون.

ودمتم سالمين.