يبدو أن الاتفاق النووي المرتقب مع إيران بدأ يخرج من يد إدارة الرئيس الديمقراطي أوباما، الذي تراجع أمس الأول عن تهديده باستخدام الفيتو ضد مشروع قانون يمنح الكونغرس الحق في المشاركة في إقرار أو رفض رفع العقوبات عن طهران، وهو أمر أساسي في أي صفقة.
وافقت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي مساء أمس الأول على مشروع قانون من شأنه أن يمنح الكونغرس حق المشاركة في تحديد مصير أي اتفاق نهائي دولي بشأن البرنامج النووي الإيراني.والآن سيمرر مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ بكامل هيئته للتصويت عليه، ومن ثم يحال الى مجلس النواب. وبعد التصديق على مشروع القانون من قبل مجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب) يحال إلى الرئيس للمصادقة عليه وتوقيعه ليصبح قانونا نافذا.ولم يتم تحديد أي موعد للتصويت، علما بأن هذه المسألة هي إحدى أولويات الغالبية الجمهورية للأسابيع المقبلة.بالإجماعوصوتت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ التي يرأسها السيناتور بوب كوركر بالإجماع بـ19 صوتا من دون معارضة أي عضو، على مشروع القانون الذي بات يعرف باسم «قانون كوركر»، والذي يسمح للمشرّعين بمراقبة الاتفاق النهائي وإمكان رفضه. وجاء التصويت بعد أن توصل كوركر وهو مقدم مشروع القانون، الى «حل وسط» بشأن لغة النص مع كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ بين كاردن.تعديلاتوكان مشروع قانون كوركر ينص على منح الكونغرس مهلة 60 يوما بعد توقيع الاتفاق النووي لمراجعته ومن ثم التصويت على رفع العقوبات عن إيران. ويمنع أوباما من رفع العقوبات خلال هذه المهلة. وفي حال صوّت أعضاء الكونغرس على رفض رفع العقوبات، فإن أوباما ملزم بعدم رفع العقوبات التي أقرها الكونغرس، وهو الأمر الأساسي في أي اتفاق نووي. ووفق التعديل الجديد، خفضت المهلة من 60 يوما الى 52. وخلال 30 يوما من هذه المهلة لن يكون أوباما قادرا على إلغاء أي عقوبات تبناها الكونغرس في الأعوام الأخيرة، وسيقوم الكونغرس بمراجعة الاتفاق والتصويت على رفع العقوبات أو إبقائها، وبعدها يمنح أوباما ملهة 12 يوما إذا كان يريد استخدام حق الفيتو.وبعدها يكون أمام الكونغرس مهلة 10 أيام للتصويت مرة جديدة على مشروع القانون وإقراره وكسر الفيتو الرئاسي بغالبية ثلثي الأصوات في الكونغرس.ويطلب مشروع القانون من الرئيس تقديم تقارير مفصلة للكونغرس حول عدة مسائل، بينها الأنشطة الإيرانية المتعلقة بالصواريخ البالستية ودعم طهران للإرهاب، وخصوصا ضد الأميركيين. وتخلى كوركر عن بند كان يشترط أن يؤكد الرئيس عدم دعم إيران للإرهاب الدولي لرفع العقوبات.وأصر كاردن على أن يسمح القرار للمحادثات بين إيران ومجموعة «5 + 1» (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، إضافة الى المانيا) بأن تستمر دون أن يعرقلها تدخّل الكونغرس. وقال كاردن «من الواضح أننا لن نقوم بالتحرك إلا بعد أن تقدم لنا الإدارة اتفاقا».غير أنه شدد أيضا على أن البيت الأبيض لن يمكنه رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي عن إيران دون ضوء أخضر من الكونغرس. وأضاف ان «الكونغرس وحده يمكنه إجراء تغيير أو تعديل نهائي على نظام العقوبات».البيت الأبيض: لا فيتووقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست إن الرئيس باراك أوباما الذي كان قد صرح بأنه سيستخدم حق النقض (فيتو) ضد مشروع القانون المقترح يمكن أن يقبل التسويات التي حظيت بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس الشيوخ. وأضاف: «ما أوضحناه للديمقراطيين والجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ هو أن الرئيس سيكون مستعدا لتوقيع التسوية المقترحة التي تشق طريقها في اللجنة». وأكد الجمهوريون أن الإدارة تراجعت لحفظ ماء الوجه في ضوء موقف أعضاء المجلس الديمقراطيين.العقوباتولايزال من الممكن رفع عقوبات الأمم المتحدة على إيران وغيرها من العقوبات إذا تم التوصل لاتفاق على الحد من البرنامج النووي الإيراني قبل يوم 30 يونيو. لكن احتمالات عرقلة الكونغرس لتخفيف العقوبات أو رفض الأمر تماما ستضيف إلى المخاوف في إيران التي طالب زعيمها الأعلى آية الله علي خامنئي برفع العقوبات فور توقيع الاتفاق.كما قال مسؤولون أوروبيون إن المخاوف من إفساد الكونغرس المحتمل للاتفاق قوض مصداقية الوفد الأميركي في المحادثات، وأثار التساؤلات بشأن قدرة إدارة أوباما على الوفاء بالالتزامات.كيريوعبّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، عن «ثقته» بقدرة الرئيس باراك أوباما على التفاوض حول اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وذلك بعد إقرار مشروع القانون في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ. وقال كيري للصحافيين عند وصوله الى لوبيك شمال المانيا للقاء نظرائه في مجموعة السبع: «توصلنا الى تسوية في واشنطن بشأن دور الكونغرس. نحن واثقون بقدرة الرئيس على التفاوض حول اتفاق والقيام بذلك، مع جعل العالم أكثر أمانا».إسرائيلواعتبر وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينيتس أن مشروع القانون «حل وسط جيدا قد يشكل عقبة أخرى أمام اتفاق سيئ». ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه القول إن «الإدارة الأميركية وطواقم المفاوضات مع إيران ستضطر إلى بذل المزيد من الجهود لسد الفجوات في الاتفاق وإنجاز اتفاق أفضل أو على الأقل معقول».ووصف شتاينيتس مشروع القانون بأنه «إنجاز لسياسة إسرائيل»، مشيرا إلى أن نواب مجلس الشيوخ الذين دفعوه يقرون بأن خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس لعب دورا حاسما في سن مشروع القانون.روحاني وظريفمن ناحيته، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن بلاده لن تقبل اتفاقا نوويا شاملا مع القوى العالمية ما لم ترفع كل العقوبات المفروضة عليها. وأضاف في كلمة ألقاها بمدينة رشت بشمال إيران ونقلها التلفزيون الرسمي «إذا لم توضع نهاية للعقوبات، فلن يكون هناك اتفاق»، وأضاف «يجب أن يشمل هدف هذه المفاوضات وتوقيع اتفاق إعلان إلغاء العقوبات الجائرة على الأمة الإيرانية العظيمة».وعن إقرار مشروع قانون كوركر، قال روحاني إن هذا شأن داخلي يخص الولايات المتحدة. وتابع «ما يقوله مجلس الشيوخ الأميركي والكونغرس وآخرون ليس مشكلتنا. نريد احتراما متبادلا... نحن في محادثات مع القوى الكبرى وليس مع الكونغرس».من ناحيته، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، أن الاتفاق حول برنامج نووي مدني إيراني «قريب جدا»، مصرا على ضرورة إرفاقه برفع فوري وليس تدريجيا للعقوبات.كما أكد ظريف، في مقابلة مع 4 صحف إسبانية نشرت أمس، أن إسرائيل ليس لديها ما تخشاه، لكنه استبعد الاعتراف بها كما ترغب تل أبيب. وقال في هذا السياق إن «الرئيس أوباما رفض هذا المطلب، لذلك لا أحتاج أن أرفض بنفسي اقتراحا بهذا السخف».(واشنطن - أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي)
دوليات
«الاتفاق النووي» في طريقه إلى قبضة الجمهوريين
16-04-2015