أقلعت الطائرة الأميرية، كعادتها في مثل هذه الأحوال، في اتجاه معتقل غوانتنامو لجلب المعتقل الكويتي فوزي العودة، وتوقفت في محطتين خلال الطريق للتزود بالوقود وتبديل طاقم الطائرة. وعند وصولها إلى غوانتنامو استغرقت عملية تسلم فوزي ساعة واحدة، ومن ثَمَّ أقلعت الطائرة عائدة لتتوقف في محطة واحدة، لتصل إلى الكويت بعد رحلة طويلة.

Ad

 عدد الكويتيين المعتقلين في غوانتنامو كان 12 معتقلاً، تم الإفراج عن 10 منهم، وفي كل مرة كانت الطائرة الأميرية تتسلمهم، وبقي فوزي العودة وفايز الكندري، ليقضيا ما يزيد على 12 سنة دون توجيه تهمة ودون محاكمة، وهي قضايا أساسية في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، فضلاً عن كونها أساسية في الدستور الأميركي، لكنّ لذلك حديثاً آخر.

بالطبع لا حاجة للتذكير بأن سجوناً على شاكلة غوانتنامو، موجودة في المنطقة وغير المنطقة، تعد مؤشراً على استمرار الظلم واستلاب كرامة الإنسان تحت كل الملل والنحل.

لم يكن الطريق إلى غوانتنامو سهلاً على الإطلاق، فهناك ما قيل وهناك ما لم يقل.

الجهود التي تم بذلها حتى وصلنا إلى هذه النتيجة أخيراً كثيرة ومتعددة، وهي ليست جهوداً فردية فحسب بل كانت، وعلى مدى 12 عاماً، متواصلة، تداخَلَ فيها المحلي بالإقليمي بالدولي، والحكومي بغير الحكومي. الجهود الدولية التي قادتها منظمة العفو الدولية وعدد من الخبراء الدوليين كانت تستهدف غوانتنامو برمته، لا أشخاصاً بعينهم، وترى فيه انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، وهي جهود مستمرة، ولن تتوقف حتى يتم التعامل مع المعتقل بحسب المعايير الدولية.

أما محلياً وبالنسبة لمعتقلَيْنا الكويتيَّين فلابد من التنويه بالجهد الخارق الذي بذله الأخ العزيز خالد العودة أبوفوزي، والذي استطاع أن يتفاهم مع المتناقضات لتحريك المسألة بأسلوب علمي ومثابرة نادرة. ولله الحمد كان تجاوب الأجهزة الحكومية في هذه المسألة متسماً بالمسؤولية، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، وكذلك الخارجية، إلى النيابة إلى الداخلية، وكان جهد سفارتنا في واشنطن كبيراً. أقول ذلك وقد شهدت على الكثير من التفاصيل، فالتقييم هنا ليس سياسياً، ولكن علينا أن نذكر ما جرى.

وبعد وصول فوزي العودة سيدخل في جملة إجراءات أمنية تم الاتفاق عليها مع الطرف الأميركي، ويكون مسلسل غوانتنامو بالنسبة له قد انتهى، ويتبقى لنا استمرار العمل للمعتقل الآخر فايز الكندري الذي آمل أن تستمر ذات الجهود بذات الطريقة معه، فالملف مازال مفتوحاً ولم يغلق بعد. وللحديث بقية.