سلام على أجساد سترحل وملامح ستشيخ لتبقى أرواحنا طليقة، نولد أحرارا ولكن تستعبدنا الحياة، لسنا سوى عبيد لنظام معين وتكنولوجيا وعادات سيئة اكتسبناها، نولد في أجمل حلة أرادها الله لنا، وتتشكل شخصياتنا كما يريدها المجتمع، وحين نتمرد ونقرر أن نشغل هذا العضو المسمى دماغا يتم ردعنا، وحين نتساءل نجد الجواب، ماذا عن كلام الناس؟

Ad

لم أجد في حياتي ازدواجية كتلك التي نعيشها في وطننا العربي، تعلمنا أن نفلتر الكلام، ولا نقول كل ما نؤمن به، تعلمنا أن هذا المجتمع يريدك أن تمثل وسيصفق للممثل الذي أجاد الدور أكثر، حتى اعتدنا الزيف والكلام المكرر،

فهل شعرت يوما أنك مللت حديث الزيف؟

وهل أيقنت أنك مللت هذه التمثيلية؟

وهل شعرت بعدم الانتماء إلى هذه التصرفات غير المنطقية والمعنونة بالعادات والتقاليد؟

نحن بشر معجونون بالمشاعر، ولكن حين كبرنا قيل لنا إن الحب خطيئة، وإنه خدعة كبيرة للوصول للجسد، وأصبنا برهاب الحب، نقرأ عنه ومفترض ألا نشعر به، هكذا تقول العادات والتقاليد خلق الحب للأزواج فقط، عدا ذلك فهو حرام.

جمدوا مشاعرهم، لدرجة أن البشر باتوا لا يتعاطفون ولا يشعرون بمعاناة الآخرين، وباتت مناظر القتل والموت لا تثير الحسرة كما هو مفترض، فأنت حرمت شخصا من أن يحب وبهذا منعت إنسانيته من أن تزدهر.

ولكبح مشاعر مراهق بطريقة تبدو صالحة يتم إلحاقه بتجمع إسلامي يوفر له بطولات رياضية، ويعلمه كيف يقضي وقت فراغه في الرياضة والنهل من علوم الدين.

 تشعب الموضوع ليخرج من علوم الدين إلى حثهم على الجهاد، وترغيبهم في الحور العين بالجنة، لأن الحب محرم في الحياة علهم يلتقونه في الحياة الآخرة، وهكذا خرجت لنا تنظيمات "داعش" وغيرها من الجماعات المتطرفة؛ لأننا تربينا في مجتمع لم يكن صريحاً معنا، علمنا الزيف والازدواجية، وتُهنا في رحلة البحث عن ذواتنا، هناك من غرق في الاستهلاك والبحث عن متعة الشراء لتفريغ شيء ما عالق في روحه، وهناك من توجه إلى الدين وتعمق فيه لشيء ما عالق في روحه، وهناك من لجأ إلى التطوع ومساعدة الآخر لشيء ما عالق في روحه، وهناك من غرق في الفساد والانحلال أيضا لشيء ما عالق في روحه.

كلنا تائهون، ضائعون، أرواحنا تهيم حائرة في هذا الكون الذي نشكل فيه جزءا صغيرا، نحن ذرة في هذه المجرة، سنفنى وترحل أجسادنا، فلا شيء يستحق المزيد من الزيف، لنطهر أرواحنا المكبلة بالقيود والحرمان والتظاهر، سلام على كل روح معذبة في هذه الأرض علها تجد السلام يوما.

قفلة:

مصاب الإنسانية كبير، فموت الطيار معاذ الكساسبة على أيدي الدواعش أظهر للعالم كيف يمكن للإنسان أن يصبح حيواناً مفترساً منتزعة منه الرحمة بامتياز وباسم الدين، فدعاؤنا لآل الكساسبة بالصبر والسلوان.