• أمر مخجل استمرار التعثر بالحجر نفسه... وبيان مجلس الوزراء دون مستوى تصريحات وزرائه

Ad

• سعر البرميل الكويتي في أقرب مستوى من سعر التعادل منذ عام 2008

ما يجب أن يعيه مجلس الوزراء هو أن هناك حالة عدم يقين، لا يعلم أحد في سوق النفط العالمي متى ستنتهي، وأن فاتورة الإنفاق في الكويت عالية جداً، لذلك فإن تحدياً مثل سوق العمل في ظل انخفاض أسعار النفط والاعتماد العالي عليه، يمكن أن يشكل كابوساً لأي حكومة تدير البلد.

لم يكن البيان الصادر من الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء على مستوى تصريحات عدد من الوزراء حول الوضع المالي للدولة ومخاطر اقتراب العجز.

ففي الوقت الذي شدد فيه اكثر من وزير على خطورة الوضع الحالي وتنامي احتمالات العجز في الميزانية، اكتفى مجلس الوزراء بـ»توجيهات» بخصوص ترشيد الإنفاق وضغط المصروفات والحد من الأوامر التغييرية لمشاريع الدولة وتقليص اللجان الحكومية والمصروفات المساعدة وخفض ميزانيات المهام الخارجية لموظفي الحكومة والمؤتمرات، وهي تفاصيل صغيرة مقارنة بالمطلوب من حكومة تناقش وضعا اقتصاديا اقل ما يقال عنه انه مقلق جدا إن لم يكن خطيراً.

قرارات حقيقية

فتراجع اسعار النفط بنسبة 30 في المئة منذ نحو 3 أشهر لدولة لا تعرف غير النفط مصدرا في انفاقها الباهض، يستوجب البدء بإجراءات فعلية على الآماد القصيرة والمتوسطة والطويلة، لا مجرد توجيهات يعلم من يتابع الاجراءات الحكومية انها تنتهي مع انتهاء اجتماع مجلس الوزراء، لذلك كان من المفترض ان يتم اتخاذ قرارات حقيقية لها اثر ملموس في الميزانية والايرادات العامة.

فما نحتاج اليه اليوم هو اتخاذ قرار بشأن استهلاك الطاقة الكهربائية والمائية التي تكلف الدولة نحو 3 مليارات دينار سنويا بما يوازي 13 في المئة من إجمالي الميزانية واعادة هيكلة هذا الدعم ليصل الى المستحقين وفقا لشرائح تصاعدية فلا يعقل ان يكون سعر استهلاك الكيلووات في العقار السكني مثله مثل الكيلووات في المجمعات التجارية والشركات والمصانع في بلد لا يدفع القطاع الخاص فيه ضريبة ولا يساهم بشكل فاعل بتشغيل العمالة الوطنية.

سوق النفط

ما يجب ان يعيه مجلس الوزراء هو ان هناك حالة عدم يقين لا يعلم احد في سوق النفط العالمي متى ستنتهي، وان فاتورة الانفاق في الكويت عالية جدا، لذلك فإن تحديا مثل سوق العمل في ظل انخفاض اسعار النفط والاعتماد العالي عليه يمكن ان يشكل كابوسا لأي حكومة تدير البلد، خصوصا عند تصاعد الطلب على سوق العمل بواقع 20 الف فرصة عمل سنويا في الوقت الحالي، و70 الف فرصة عمل سنويا خلال 10 سنوات قادمة.

فإذا كانت الرواتب وما في حكمها تستهلك اليوم 10.5 مليارات دينار من الميزانية بما يوازي 45.2 في المئة، فكم سنحتاج خلال السنوات القادمة لتغطية النفقات المطلوبة، وهل هناك فرص حقيقية خارج القطاع الحكومي تستوعب حجم القادمين الى سوق العمل.

بيان مجلس الوزراء ركز على اوجه الهدر في الميزانية، باعتبارها تتلخص في اللجان الحكومية والمهام الخارجية والأوامر التغييرية، لكنه أغفل مثلا ان سبب ارتفاع معظم اسعار المشاريع الكبرى يرجع الى منع قانون المناقصات لمنافسة الشركات الاجنبية في المشاريع المحلية بشكل مباشر، والزامها بوكيل محلي يرفع من كلفة المشروع 10 الى 20 في المئة دون عائد اقتصادي يقدمه الوكيل في الاقتصاد المحلي، وهو امر يفتح الباب للحديث عن الشركات الاجنبية واهمية وجودها داخل الكويت.

تنويع الاقتصاد

فتنويع الاقتصاد وفتح قنوات استثمار هو الجناح الثاني لخفض النفقات وترشيد الدعم، لذلك يجب الحديث مجددا عن الضريبة على الشركات والجهود الخاصة المفروض بذلها لجذب استثمارات اجنبية في الكويت لتعزيز ايرادات الضرائب جنبا الى جنب مع الشركات المحلية، مع الاخذ بعين الاعتبار اصلاح سوق العمل الذي يمثل التحدي الاكبر خلال السنوات القادمة، فضلاً عن اصدار قوانين تسهل اطلاق فرص عمل جديدة في القطاع الخاص، الى جانب تسريع إصدار اللائحة التنفيذية للمشروعات الصغيرة ووجود فرص استثمارية كتشغيل ميناء مبارك ومدينة الحرير لتوفير فرص عمل في القطاعات الخدمية واللوجستية والتطوير العقاري والاستثمار الصناعي والمالي والسياحي وغيرها، وفقا لقواعد تنافسية تكون الدولة فيها منظمة ومشرفة على السوق، وجابية للضرائب من الشركات التي تستفيد من هذا السوق.

هذه الاجراءات وغيرها تعرفها الحكومة جيدا ولا حاجة لعمل اي دراسة جديدة، فالحلول مكدسة لديها منذ سنوات وعبر عنها حديثا تقارير اللجنة الاستشارية الاقتصادية العليا والمجلس الاعلى للتخطيط، لكن يبدو ان هناك خوفا من اتخاذ اي قرار جدي يحمي الميزانية في المستقبل، فضلا عن ان هناك شكاً في قدرة من لم يعمل خلال فترة الفوائض المليارية، منذ 15 عاما على اصلاح الاقتصاد، ان يكون قادرا على التعامل مع تحديات صعبة تستلزم اجراءات عاجلة.

تحدٍّ متزايد

سعر البرميل الكويتي حالياً في أقرب مستوى من سعر التعادل الرسمي في الميزانية، الذي يبلغ 75 دولاراً للبرميل منذ عام 2008، وهو أمر يشير، بدرجة عالية، إلى الضغوط التي يمكن أن تتعرض الإيرادات العامة للدولة، وبالتالي الفوائض المتوقعة من السنة المالية 2014 -2015، إذ إن بيع النفط بالأسعار الحالية سيحقق فوائض هامشية، وكلما انخفضت الأسعار كانت احتمالات تحقيق عجز مالي لبعض شهور السنة - لا كلها - واردة، وهنا يكون الحديث عن أسعارٍ دون الـ75 دولاراً للبرميل.

وعندما تتراجع الفوائض لتتحول إلى عجز يبرز البديل لتغطيته، وهو ما يعيد إلى الأذهان إجراءات الحكومة في نهاية تسعينيات القرن الماضي، بالسحب من الاحتياطي العام لتغطية النفقات لميزانية تعاظَم حجمها نحو 7.2 مرات، ما بين عامي 2000 و2014 وربما بعدها تلجأ الدولة إلى خيار اصعب كخفض قيمة الدينار مقابل الدولار... بالطبع سيرافق هذه الاجراءات انعكاسات سلبية على حياة الناس تتمثل في نمو البطالة وعدم تنفيذ المشاريع الاسكانية وغيرهما إذ إنه كلما انخفضت أسعار النفط كانت خيارات الإصلاح اكثر صعوبة خصوصا انها لم تتعد حتى الآن مرحلة التوجيهات والدراسات، وهنا لا بد من القول إنه من المخجل استمرار التعثر بالحجر نفسه.