مع احتفال العالم العربي اليوم بعيد الأم، فإن ما يقال فيها لا يصل إلى ذروة أبداً، لأنها هي "الأم" ذروة الهرم الإنساني المعطاءة.

Ad

غير أننا لا ننصف "الأم" إن لم ننصف "الأب" المعطاء بلا حدود، فكلاهما أرض الحياة الخصبة التي تثمر إنساناً كاملاً بكل المواصفات الربانية... فهل "أمّ" اليوم هي "أم" الأمس؟!

 من الطبيعي أن تكون مختلفة، فما حاق بها في الأزمان السالفة قد ولى في وجود العلم والمدنية والتعرف على ما أخفي عنها، وظلمت به من تجهيل واضطهاد.

والغريب أن بعض المجتمعات مازالت على قيمها البالية ترى في المرأة كائناً ناقصاً! رغم أن الأمم المتحدة خصصت الثامن من مارس من كل عام "يوماً عالميا للمرأة"، حتى إن بعض الدول جعلته يوم عطلة رسمية.

ومنذ أجيال قال الشاعر حافظ إبراهيم في الأم أبياتاً لعل أشهرها:

الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا             أعـددت شـعباً طـيب الأعـراقِ

إلا أن البيت الذي سبقه نقرأ فيه ما أصبحنا نعانيه وسط الهجمة الغريبة التي تتعرض لها المرأة التي هي الأم والأخت والخالة والحبيبة... إلخ، في تلك اللهجة الدينية التي لم نسمع عنها أو وصلتنا في سير الأولين، وكأنه يتنبأ ويلفت النظر إلى ضرورة توخي الحذر:

 مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها          فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق

 فلو أكرمت المرأة "الأم" بما عرف عن العرب من النخوة والعزة وبما جاء به الدين الحنيف من إكرام لها كما كرمها الله حين وضع من روحه في ابنة عمران السيدة مريم أو ما خص به امرأة الجبار"فرعون" من خلق ليتربى في كنفها موسى عليه السلام، وسيدة نساء العالمين في زمنها خديجة حين كانت أول من آمن بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام، لو أن السابقين قرأوا هذا جيداً وفهموه عن المرأة ما حجروا عليها سنين طويلة بحجة الدين والعادات، الأمر الذي أخّر قيامها بدورها كما يجب.

 الأم الآن هي الفتاة التي تعلمت وأخذت مكانها في المجتمع المدني المتحضر ضمن الحفاظ على كل القيم الاجتماعية والدينية، لذلك فالمسؤولية بحجم المكانة، وعليها أن تكون عند حسن الظن بها، وبالثقة التي منحها إياها المجتمع، وهي بلا شك قادرة على أن تكون الأم الصالحة في زمن تتسارع فيه الخطوات نحو المزيد من التقدم، وفي عالم مفتوح على كل الاتجاهات، و"الأم" كما "الأب" هما القادران على توجيه الأبناء منذ الصغر، ليحققوا الخير لهم ولمجتمعاتهم وللإنسانية.

الأم روض إن تــعـهـده الـحـيـا             بــالــرِّي أورقَ أيــمــاً إيـــراقِ

الأم أســتــاذ الأســاتـذة الألـــى             شـغـلت مـآثـرهم مــدى الآفـاقِ

 "الأم" لا يكفيها يوم للاحتفال بها، بل هي كل يوم، حيث يجب أن تكون في قلوب الجميع وبرعاية وباحترام من الجميع.