«التعليم للجميع»: عدم استقرار مراكز القرار وتدخلات السياسيين من أهم معوقات التعليم في الكويت

نشر في 01-02-2015 | 00:01
آخر تحديث 01-02-2015 | 00:01
No Image Caption
التقرير يعطي صورة منصفة عن الوضع ويشير إلى نقص البيانات والإحصاءات من «التربية»
ذكر تقرير «التعليم للجميع» أن الوضع التعليمي بالكويت يواجه معوقات عدة، ويحتاج إلى اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة لمواجهة ضعف المخرجات، وتدني المستوى، وتوفير كوادر مناسبة لسوق العمل المحلي والعالمي.

أكد تقرير «التعليم للجميع» الصادر عن مكتب «اليونسكو» في الكويت، بالتنسيق مع وزارة التربية، أن التعليم بالكويت يواجه عدة معوقات، منها عدم وجود استقرار إداري بالمراكز العليا، ما يؤدي إلى غياب الرؤية، وتسييس التعليم من خلال تدخلات السياسيين وتقييدهم لعمل التربويين المختصين، وفقدان هيبة المعلم وغياب الدافعية، وعدم تطبيق مبدأ المساءلة على الأداء، وعدم وجود مسارات متعددة في المرحلة الثانوية، وربط توجهات التعليم العالي والبحث العلمي باحتياجات التنمية والمجتمع.

وقال التقرير، الذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، إن من المعوقات ايضا ضعف المهارات القيادية، والتغير الدائم بالمناهج واختلال التوازن في المقررات الدراسية لمصلحة المواد الأدبية وتراجع العلمية، واختلال الملاءمة بين مخرجات التعلم وحاجات سوق العمل وعدم توافر خريطة واضحة ودقيقة عن الاحتياجات الفعلية لسوق العمل بقطاعيه العام والخاص «كما ونوعا»، وهذا كله أدى إلى ضعف مخرجات التعليم الثانوي والجامعي.

وأشار إلى أن طلبة الصف الرابع في الكويت احتلوا المستوى الأدنى بين البلدان التي شاركت في الدراسات الدولية «تيمز» و»بيرلز» عام 2011، وفي الدراسة الوطنية «ميزة» لقياس وتقييم مخرجات نظام التعليم بالكويت، حيث كانت النتائج غير مشجعة، ففي عام 2011 جاءت الكويت في المركز الـ48 من أصل 50 دولة شاركت في دراسة timss الخامسة.

وأضاف ان الكويت حلت في المركز الـ46 من أصل 49 بلدا شاركت في اختبارات PIRLS، لافتا إلى أن نتائج هذه الاختبارات أثارت قلقا وردود فعل كبيرة تولد منها شعور عام في الدولة بالحاجة إلى اعادة النظر في النظام التعليمي والتغيير نحو الافضل.

وزاد ان تقرير التعليم للجميع للكويت عام 2014 يعطي صورة منصفة عن وضع التنمية بالكويت، واي قصور فيه كان بسبب نقص بعض البيانات والاحصاءات المستمدة من بعض الجهات المختصة في الدولة، ومن ضمنها وزارة التربية، مشيرا إلى أن هناك شعورا عاما بالدولة بوجود حاجة إلى إدخال تحسينات على مخرجات التعليم بالكويت.

وشدد على أن إصلاح المنظومة التعليمية بالكويت بحاجة الى عدة عوامل، منها تكوين مناهج تواكب القرن الـ21، ووجود نظام اختبارات تقييمة يهدف الى تحفيز المهارات «العليا» للتفكير، إضافة الى تطوير مبتكر لمدارس القرن الـ21، والحاجة الى تحسين الكفاءة المهنية للمعلمين، وخلق كادر من قادة المدارس الابتكاريين، والحاجة الى وضع أداة تقييم فعالة لأداء المعلمين، وفي ما يلي ملخص التقرير:

إن تحقق أهداف التعليم للجميع في الكويت أمر لا يخفى، في ظل ان هذه الأهداف جزء لا يتجزأ من جميع الخطط التنموية للدولة منذ تأسيسها، والدستور الكويتي ينطوي على العديد من القوانين والمراسيم التي تعد إرهاصا لهذا التحقق بما تتضمنه من دعم الاهتمام بالتعليم والصحة والتنمية، والاهتمام بالفئات التي هي بحاجة لرعاية في المجتمع من الطفل والمرأة والشباب وكبار السن.

وطالما كان جزء رئيس من الخطط الإنمائية للدولة مختصا بالتربية والتعليم، ومما جاء على أثر إطلاق الحكومة خطة التنمية الشاملة للدولة للفترة 2010/ 2011 ـ 2013/ 2014 انه تم العمل على تنفيذ العديد من المشاريع التي تبلور معها تحقق الاستراتيجيات المطبقة في الخطط التنموية للدولة، والتي ترتبط بالاستراتيجيات الـ12 للتعليم للجميع.

رصد المنجزات

وأضافت «اليونسكو» ان لهدف الاهتمام بالطفولة المبكرة ورياض الاطفال حظوة في الكويت، فهي من الدول الرائدة في منطقة الخليج والدول العربية بهذا المجال الذي توليه اهمية كبيرة، فالرعاية الصحية المجانية تقدم للام والطفل الذي يحصل على التطعيمات الضرورية حتى وهو بالحضانة والمدرسة.

والرعاية التعليمية للطفل متوفرة ومنتشرة في الدولة، فقد بلغ عدد الحضانات 243 حضانة عام 2013، اما رياض الاطفال فقد بلغ عددها 306 في العام الدراسي 2012/ 2013، نظرا للاقبال الكبير على هذا النوع من التعليم، من خلال رصد اعداد الاطفال من 2001/ 2002 إلى 2012/ 2013، حيث كان عدد الاطفال «62880» عام 2001/ 2002، وارتفع الى 83044 عام 2012/ 2013، اي بنسبة نمو بلغت 32.1 في المئة، ما ينعكس بالتالي على ارتفاع معدلات القيد الظاهري والصافي في رياض الاطفال، رغم عدم الزاميتها، ما ادى الى زيادة اعداد المعلمين بصورة كبيرة، إذ بلغت نسبة النمو 82.6 في المئة، وانعكس ذلك على المؤشرات المتعلقة بالمعلمين، ومنها معدل طفل لكل معلم، حيث بلغ المعدل في التعليم الحكومي 7.4.

والمعلمات في رياض الاطفال على مستوى عال من التعليم، حيث إن 98.1 في المئة منهن تأهيلهن جامعي، وتشكل الحاصلات منهن على مؤهل تربوي 97.9 في المئة، لذا فإن مرحلة رياض الأطفال في طريقها لأن تكون من ضمن التعليم الاساسي الالزامي، فتوجهات وزارة التربية المستقبلية الى الزامية المرحلة، وثمة توجه جديد لإدخال مواد يتم تدريسها في الرياض كاللغة الانكليزية والرياضيات.

ونجاح تعميم التعليم الابتدائي يعود للالتزام بتطبيق قانون التعليم الإلزامي منذ عام 1965، فمعدلات القيد الظاهري والصافي للتعليم الابتدائي تبلغ فيها النسبة تقريبا في ما حول 96 في المئة، يرافق ذلك ازدياد أعداد المعلمين من 2001/ 2002 إلى 2012/ 2013 إلى أكثر من الضعف في المرحلة الابتدائية؛ فقد بلغ عدد المعلمين 10940 في عام 2001/ 2002، وقفز العدد الى 27801 عام 2012/ 2013، نتيجة التغير الذي طرأ على السلم التعليمي عام 2004/ 2005.

وكانت المرحلة الابتدائية تحوي 4 صفوف ثم تحولت إلى 5، ونتيجة لزيادة أعداد المعلمين انخفض معدل طالب لكل معلم الى 6.3، أما في المرحلة المتوسطة فبلغ المعدل 5.8 طلبة لكل معلم، وإن خفض عدد الطلبة في الفصل يرجى منه أن يعطي بيئة صفية أفضل ليزيد فرص التحصيل لدى الطلبة ويعزز اكتسابهم للمعارف والمهارات بصورة أفضل، ويساعد على تمكين المعلم من أداء مهنته بإتقان بأن يعطي كل طالب قدراً مناسباً من الاهتمام.

وذكر ان ارتفاع معدلات النجاح وانخفاض معدلات الرسوب في المرحلة الابتدائية سائد في جميع الصفوف، ما عدا الرابع الابتدائي؛ ويرجع ذلك إلى تطبيق نظام الملف الإنجازي للمرحلة، حيث يتم النقل تلقائيا بين الصفوف الثلاثة الأولى بدون اختبارات، ما يؤدي إلى نقلة مفاجئة لنظام جديد من الاختبارات وطرق التقييم في الصف الرابع، ورغم ذلك نجد أن معدلات البقاء للصف الأخير ومعدل إكمال الفوج في التعليم الابتدائي تتجاوز 95 في المئة، وهي نسبة مرتفعة وتفيد تعميم التعليم الابتدائي.

محو الأمية

وبلغ معدل الانتقال من المرحلة المتوسطة إلى الثانوية 97.8 في المئة، وبلغ معدل تكلفة الطالب في الأخيرة 4762 دينارا، وهو اعلى معدل من بين معدلات تكلفة الطالب بين المراحل التعليمية في التعليم العام، أما الفئة العمرية (15-45) فهي تقع تحت قانون إلزامية محو الأمية.

وانعكس تطبيق ذلك على معدل القرائية الذي بلغت نسبته 99 في المئة للذكور و94 في المئة للإناث للسن (15+)، فقد وفرت الدولة مراكز تعليم الكبار ومحو الأمية كي تتيح الفرصة لمن تسرب من التعليم والتحق بسوق العمل لاستكمال تعليمهم، وفي الهيئات التعليمية الأخرى يتوفر برامج التدريب والتعليم المستمر، ومعظم المؤسسات الحكومية تشترط مؤهلات تعليمية عليا لتوظيف العاملين لديها، وقد تقبل بعض الإدارات شهادات دنيا مثل محو الأمية في أقل الظروف وأضيقها.

نوعية التعليم

إن تحسين نوعية التعليم تحققت في شق توفير الكوادر البشرية من المعلمين، فنسبة حملة الشهادات الجامعية من المعلمين في التعليم الأساسي بلغت 96.5 في المئة، إضافة الى ذلك حرصت وزارة التربية على تقديم الدورات التدريبية للمعلمين بصورة مستمرة لتحسين أدائهم وزيادة مهاراتهم فضلا عن اشتراط شهادة ICDL للالتحاق بسلك التدريس.

كما عقدت وزارة التربية دورات محو أمية الحاسوب في سبيل تحقيق هذا الهدف، وتسعى الكويت جاهدة إلى وضع شروط وأسس لرخصة التعليم، كذلك تحقق توفير المباني التعليمية التي لها أهميتها البالغة في خدمة هذا الهدف، بحيث تحتوي المباني على الضروريات الصحية ومصادر التعلم وغيرها من مستلزمات لخلق بيئة مناسبة للطالب، فالمستوى العام للدولة يحقق لها هذا.

جودة التعليم

في الشق الثاني من تحسين نوعية التعليم، وهو جودة ونوعية التعليم، احتل طلاب الصف الـ 4 في الكويت المستوى الأدنى بين البلدان التي شاركت في الدراسات الدولية «تيمز» و»بيرلز» في عام 2011، وكذلك في الدراسة الوطنية «ميزة» لقياس وتقييم مخرجات نظام التعليم بدولة الكويت كانت النتائج غير مشجعة؛ ففي عام 2011 جاءت الكويت بالمركز 48 من أصل 50 دولة شاركت في دراسة timss الخامسة، وفي المركز 46 من اصل 49 بلدا شاركت في اختبارات PIRLS.

إن نتائج هذه الاختبارات أثارت قلقا وردود فعل كبيرة تولد منها شعور عام في الدولة بالحاجة إلى إعادة النظر في النظام التعليمي والتغيير نحو الافضل، اتخذت على إثرها كثير من السياسات الإصلاحية التي جاءت عبر مشاريع تطويرية تخص قطاعات التربية والتعليم ضمن خطة التنمية للدولة 2010/ 2014.

وعند وضع الإطار العام لتطوير التعليم الأساسي، اندرجت أغلب مشاريع الخطة الإنمائية لتطوير التعليم تحت مظلة البرامج والآليات القائمة أساسا، والتي انتهجتها الدولة لتعجيل التقدم نحو تحقيق التعليم للجميع، فكان استمرار تطبيقات الاستراتيجيات الموضوعة منذ فترة طويلة قد اعتمد على آليات ناجحة حققت أهداف التعليم للجميع. وحالياًّ يستمر العمل على تنفيذ الاستراتيجيات التي تهدف لتحسين نوعية التعليم ورفع مستوى مخرجات النظام التعليمي الكويتي والتوجه نحو النوع بدلا من الكم. والآليات التي يتم العمل عليها لتحسين مخرجات التعليم اعتمدت على وضع معايير للمناهج لتطويرها وتجويدها وإحداث نقلة نوعية في المناهج الدراسية وفق المعايير والأسس التربوية العالمية في صناعة المناهج، وكذلك تطبيق التكنولوجيا في التعليم بإدخال المناهج الإلكترونية لجميع المواد الدراسية، والعمل على تأهيل المعلمين واستحداث نظام رخصة المعلم وتطبيقها حسب لوائح تنظيمية تجعل المهنة جاذبة للمتميزين، وإشراك أصحاب المصلحة وكل الأطراف المعنية بالتعليم للجميع وأخذ رؤيتهم بشأن مدى جودة النظام التعليمي.

تحديات التعليم

أما التحديات التي تواجه التعليم للجميع في الكويت فهي عدم وجود استقرار اداري بالمراكز العليا المشرفة على التعليم ومؤساته، ما يؤدي إلى غياب الرؤية التي تعبر عن الدولة، وفرض الاشخاص وتوجهاتهم في التعليم، وتسييس التعليم بتدخلات السياسيين لتقييد عمل التربويين المختصين، وفقدان هيبة المعلم وغياب الدافعية لديه وغياب المساءلة على ادائه، وضعف مخرجات التعليم الثانوي.

ومن ضمن التحديات ايضا الحاجة لرفع مستوى مخرجات التعليم العالي والجامعي، وكذلك عدم وجود مسارات متعددة في المرحلة الثانوية، وربط توجهات التعليم العالي والبحث العلمي باحتياجات التنمية والمجتمع، وضعف المهارات القيادية، والتغير الدائم بالمناهج واختلال التوازن في المقررات الدراسية لمصلحة المواد الادبية وتراجع العلمية، وكذلك اختلال الملائمة بين مخرجات التعلم وحاجات سوق العمل، وعدم توافر خريطة واضحة ودقيقة عن الاحتياجات الفعلية لسوق العمل بقطاعيه العام والخاص «كما ونوعا» يمكن الاعتماد عليها لاعادة هيكلة البرامج التعليمية التخصصية والتدريبية، واستحداث تخصصات جديدة تتماشى مع التوجهات العامة للدولة، وكذلك توجيه المقبولين نحو التخصصات المطلوبة لخطة التنمية، كما ان بعض برامج الدراسات العليا لا تتناسب واحتياجات سوق العمل.

ومن التحديات ضرورة اعتماد سياسة مرنة تستهدف قبول اكبر عدد من المتقدمين للالتحاق بالتعليم ما بعد الثانوي في المؤسسات التعليمية كالجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والبعثات الداخلية والخارجية، وفقا لمنهجية الزيادة المتدرجة في الطاقة الاستيعابية للكليات والمعاهد والبعثات. حيث إن سياسة القبول في الكليات والمعاهد بالدولة لا تشجع على استقطاب الطلبة المتميزين من خارج الكويت، والارتقاء بالمستوى المهاري والمعرفي لمخرجات التعليم العالي وزيادة قدراتهم التنافسية بما يحقق تحسين فرص التوظيف لهم سواء على المستوى المحلي او الاقليمي او الدولي. ومن التحديات كذلك ضعف نظام التبادل الطلابي الجامعي وتبادل اعضاء هيئة التدريس، وتجاوز عدد الطلبة المقيدين في مؤسسات التعليم العالي الطاقة الاستيعابية، ما يقلل من كفاءة العملية التعليمية بسبب نقص المنشآت التعليمية والبطء في تنفيذ المشاريع الانشائية للجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بالقدر الذي يمكنها من مقابلة الزيادة المطردة في اعداد الملتحقين وتطويع السياسات والنظم واللوائح للاستجابة للمتغيرات في التوجهات العامة للخطط التنموية الشاملة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية دون المساس باللوائح والنظم والقوانين المعمول بها في الدولة، وبعض العادات والتقاليد للمجتمع الكويتي والنظرة المجتمعية للتعليم الفني، ما يحول دون الالتحاق ببعض التخصصات مثل التعليم الفني في المجال الصحي، ووجود فجوة بين النظرية والتطبيق، لذا لابد من تعزيز الشراكة بين كليات اعداد المعلمين والمدرسة.

الدروس المستخلصة

وتعزيز سياسات التعليم للجميع لابد ان يأتي متسقا مع الرؤية المستقبلية للبلاد مع ضرورة المشاركة الوطنية من جميع القطاعات في توفير فرص التعليم وتنفيذها ومتابعتها، وكذلك ضرورة تسخير التكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصال للمساعدة على تحقيق اهداف التعليم للجميع، مبينا ان تحسين الرعاية والتربية الشاملتين في مرحلة الطفولة المبكرة يتطلب تحالفا استراتيجيا بين وزارتي التربية والشؤون الاجتماعية والعمل في الكويت، ليتسنى وضع نوع النظام والبنية والتنظيم والالية وتحديد القدرات والكفاءات المؤسسية والفردية الضرورية.

وضمان تلبية حاجات التعليم لجميع النشء والكبار من خلال الانتفاع المتكافئ ببرامج ملائمة للتعلم واكتساب المهارات الحياتية يتطلب وضع معايير وطنية، بحيث تأتي البرامج متسقة معها، ولابد من تحسين كل الجوانب النوعية للتعليم، بحيث يحقق جميع الدارسين نتائج معترفا بها ويمكن قياسها، لا سيما في القدرات القرائية والحسابية والمهارات الحياتية الاساسية، ما يتطلب تطويرا في المناهج وبيئة التعلم وفي اداء المعلمين، بما يتماشى مع المعايير الدولية، ولابد من وجود شبكة معلومات على اعلى درجة من الدقة والشمولية، بحيث تشمل جميع قطاعات الدولة، بما يسهل من التخطيط للتعليم للجميع، والحصول على الاعتماد الاكاديمي لجميع برامج التعليم الجامعي والتطبيقي والتدريب، ما يساهم في اكتساب الخريجين قدرا اكبر من التنافسية في سوق العمل على المستويات المحلية والاقليمية والدولية.

آفاق ما بعد عام 2015

متابعة المشاريع التطويرية الناجحة واستكمالها لإحداث الإصلاح المؤسسي في قطاع التعليم العام، والذي يتناول مواكبة المناهج للمستجدات الوطنية والاقليمية والعالمية لتشجيع ملكات الطالب على التفكير والابداع، وتحويل دور المعلم ليكون قائدا وموجها للعملية التربوية، وتشجيع الطالب على التعلم الذاتي في المجتمع، واستحداث نظام الرخصة المهنية لجميع وظائف مهنة التدريس، وتطوير التنمية المهنية اثناء الخدمة للقياديين والعاملين في التعلم وسد الفجوة الرقمية بين واقع التعليم العام الحالي ومتطلبات التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة وغيرها من مشاريع جاءت لتتناسب مع متطلبات الغايات الاستراتيجية ولتحقيق اهداف التعليم للجميع.

نقلة نوعية

إن إحداث نقلة نوعية في التعليم مهمة لا يمكن لوزارة التربية ان تحققها في عزلة عن باقي المؤسسات المعنية بالتعليم، فهذا مسعى يتطلب التزاما من جميع اصحاب المصلحة الرئيسيين في المجتمع التعليمي، وكل اركان المجتمع الكويتي، والاولويات والاستراتيجيات يجب أن توضع على اجندة التعليم المستقبلية.

ويجب ان يتم الاهتمام وتطوير التعليم المبكر على مستوى الحضانات الخاصة ورياض الاطفال ومواكبة المناهج للمستجدات الوطنية والاقليمية والعالمية وترسيخ القيم التربوية وتنمية المعارف والمهارات العلمية والتكنولوجية الحديثة، وتقييم العملية التعليمية وتحقيق التميز المدرسي، وتحويل دور المعلم ليكون قائدا وموجها للعملية التربوية وتشجيع الطالب على التعلم الذاتي في المجتمع واستحداث نظام الرخصة المهنية لجميع وظائف مهنة التدريس.

تحسين نوعية التعليم

ذكر التقرير ان الكويت حققت الاهداف الاساسية في توفير التعليم الابتدائي والثانوي لجميع مواطنيها، وتتمثل المرحلة المقبلة في تحقيق «جودة التعليم»، ومع ذلك فإن الطريق نحو إنشاء نظام تعليم عالي الأداء ليس سهلا او مباشرا، فهناك مشاكل متاصلة بعضها ثقافية واجتماعية ستستغرق وقتا وجهدا لحلها، لذا كان لابد من دراسة مستشفية للوقوف على نقاط القوة ونقاط الضعف، ففي 2013 قام المركز الوطني لتطوير التعليم NCED بعمل دراسة تشخيصية مع المعهد الوطني للتعليم NIE بجامعة ناتيانغ التكنولوجية في سنغافورة، وخلصت إلى نتيجة مفادها:

- الحاجة الى مناهج تواكب القرن الـ 21.

- الحاجة الى وجود نظام اختبارات تقييمة يهدف الى تحفيز المهارات «العليا» للتفكير.

- الحاجة الى تطوير مبتكر لمدارس القرن الـ21.

- الحاجة الى تحسين الكفاءة المهنية للمعلمين.

- الحاجة الى خلق كادر من قادة المدارس الابتكاريين.

- الحاجة الى وضع اداة تقييم فعالة لاداء المعلمين.

كما ورد في تقرير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق طوني بلير حول رؤيته للكويت بحلول عام 2030 ان نظام التعليم في الكويت غير قادر على اعداد القوى العاملة لمواكبة تحديات المستقبل، داعيا الى ضرورة اتخاذ اجراءات قوية وفاعلة وإلا فإن الاستمرار في التقاعس عن العمل سيعرض حتما مستقبل الكويت للخطر.

وباختصار فإن هناك انطباعا عاما بان وزارة التربية في الكويت قد وضعت مختلف الجهود من اجل تحسين نتائج نظام التعليم، لكن لم تحقق هذه الجهود مستوى الرضا المأمول كما هو متوقع.

وهناك شعور عام في الدولة بأن هناك حاجة لادخال تحسينات على مخرجات التعليم في الكويت، ايضا هناك شعور عام بأنه يمكن تطوير نظم جيدة في الكويت، لكن المشكلة الكبرى تكمن في تنفيذها، حيث إنها تميل الى أن تكون عشوائية وقصيرة الأجل في طبيعتها، اضف الى ذلك انه خلال مرحلة تطوير نظام معين لا يتم إشراك كل أصحاب المصلحة، وبالتالي فإن هؤلاء لا يفهمون الفلسفة الكامنة وراء النظام او البرامج او المشروع.

التوصيات

اعطى التقرير صورة منصفة عن وضع التنمية بالكويت، واي قصور فيه كان بسبب نقص بعض البيانات والاحصاءات المستمدة من بعض الجهات المختصة في الدولة، ومن ضمنها وزارة التربية، ومن الأهمية بمكان ان يعمد الى استمرار السياسة الحالية بتطوير المناهج الرئيسية التي تدرس في جميع المراحل الدراسية وضمان التيقن من ان جميع المواد تشحذ الفكر والتفكير الموجه، وتخلق معرفة عامة واسعة لدى الطلبة لنخرج طلبة مبدعين فكريا ومنتجين، ويستطيعون رفع مستوى ادائهم في الاختبارات الدولية ودراسات TIMSS وPIRLS.

وحري ان يوضع في الحسبان عند توفير البنية التحتية للتكنولوجيا ان يكون بتواز مع توفير المهارات الاساسية للمعلمين، والمتعلقة بكيفية ادماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عمليات التعليم والتعلم، ولا يتأتى ذلك الا بتدريب المعلمين بشكل منتظم بما يؤهلهم لان يكونوا اكثر ابتكارا في استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وكذلك حري بمهارات استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجالات الادارة والتنظيم ان يكون هناك تبين لإنشاء هيئة اعتماد لدراسة جميع برامج اعداد المعلمين قبل الخدمة وفصحها، فلا تنفذ ايا من هذه البرامج قبل تمريرها من قبل هيئة الاعتماد، بل ويكون من مهام هذه الهيئة الاشراف على تنفيذ تلك البرامج وتطبيق معايير عالية لاختيار المعلمين في كليات اعداد المعلمين تعتمد على الجدارة وانتقاء الافضل.

ومن المفيد في هذا الصدد أن تعد خطة إعلامية تنويرية تعد إيجابيات العمل في وظيفة التدريس، يستقطب من خلالها المرشحون الجيدون واولو الرغبة الحقيقية بمهنة التعليم دون سواهم ممن يحدوهم إغراء الحوافز المادية، فلا يتقدم للعمل في هذا السلك التربوي الا من يؤمن بسمو رسالة المعلم في المجتمع، ويعتقد انه من اللبنات الاساسية لخلق دولة قوية، ولا ينبغي ان يفوت عملية الدعاية هذه شمولها على تعزيز وضع المعلم ليصبح التعليم الخيار الاول للمستقبل الوظيفي.

ويحسن ببرامج تدريب المعلمين المتعلقة بتخطيط المناهج الدراسية وتنفيذها والمهارات التربوية والتقييم التربوي ان تحظى بتعزيز يمكن المعلمين من امتلاك مهارة تخطيط النهج الدراسي ومهارات تقييم الطلاب مع مراعاة الفروق الفردية بينهم، كما يحسن بها ان تضع في الاعتبار ايجاد هيئة تدريسية قادرة على غرس مهارات التفكير المنطقي والابداعي بين الطلاب، الامر الذي يتطلب منها مهارات تربوية وقدرة على التقييم.

ان يوضع نظام للتطوير المهني أثناء الخدمة للمعلمين وقادة المدارس ينفذ بدقة، اذ من المهم ان يكون تطوير المهارات لدى المعلمين ورؤسائهم بشكل مستمر ليكونوا دائما على اطلاع بمستجدات المناهج الدراسية وطرق التدريس والتقييم والقيادة، وربما اجريت العديد من ورش التدريب اثناء الخدمة بهدف التطور المهني. لابد من ترشيد الانفاق على التعليم، اذ على الرغم من الميزانية الكبيرة المخصصة له فإن معظمها يذهب في باب الرواتب وباب المباني والمنشآت، في حين توجد حاجة الى تعزيز ميزانية اعداد وتدريب المعلمين وتطوير المناهج.

back to top