يعلن رئيس الوزراء اليوناني الجديد اليساري المتشدد الكسيس تسيبراس الثلاثاء عن تشكيلة حكومته الائتلافية بعد فوزه الساحق الذي أثار قلقاً في أوروبا فيما يمهد تحالفه مع حزب اليمين السيادي لمفاوضات صعبة مع الاتحاد الأوروبي.

Ad

وتولى مناهضو سياسة التقشف مقاليد السلطة الأثنين في اليونان بقيادة تسيبراس "40 عاماً" وقد حذرت أوروبا من الآن من أنها غير مستعدة لشطب ديون البلاد التي يُطالب رئيس الوزراء الجديد بإعادة جدولتها.

ومع إعلان التشكيلة الحكومية الثلاثاء وأدائها اليمين سيتمكن العالم من التعرف على الإدارة الجديدة التي تريد إعادة التفاوض على خطة انقاذ البلاد ما يضعها في مواجهة مع الجهات الدائنة الدولية.

وسيريزا هو أول حزب مناهض للتقشف يصل إلى السلطة في أوروبا لكنه لم يحصل على الغالبية المطلقة "151 مقعداً" بفارق صوتين فقط ما اضطره للتحالف مع حزب يميني صغير "المستقلون اليونانيون".

وهكذا يبدو أن النهج المتشدد حيال دائني البلاد، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، قد اعتمد مع إعلان اتفاق تشكيل حكومة بين سيريزا وحزب اليونانيين المستقلين، اليميني السيادي.

لكن محللين اعتبروا أن التحالف "غير الطبيعي" بين الحزبين قد لا يعيش طويلاً، واعتبروا أن حزب اليونانيين المستقلين المعروف بهجماته العنيفة ضد ألمانيا، لا يمكن التكهن بتصرفاته، ومشاركته في الحكم يمكن أن تزعزع التوازن بين مختلف فصائل التيار اليساري التي يتشكل منها حزب سيريزا.

وسيؤمن الحزبان غالبية من 162 مقعداً "149+13" من أصل مقاعد البرلمان الـ 300، وقد أدى تسيبراس اليمين الدستورية الأثنين رئيساً لوزراء اليونان، ليكون أصغر شخص يتولى هذا المنصب في تاريخ اليونان.

وكسر تسيبراس الذي كان يرتدي بزة زرقاء بدون ربطة عنق كعادته، التقليد المتبع بأداء القسم الديني في اليونان البلد المسيحي الأرثوذكسي، فأختار أداء قسم مدني متعهداً "خدمة مصالح الشعب اليوناني دائماً".

وفي بادرة رمزية أخرى وبعد أدائه القسم، توجه تسيبراس إلى جدار كيسارياني القريب من أثينا حيث أُعدم مئتا شيوعي رمياً بالرصاص في 1944 على يد النازيين.

من جهته قال بانوس كامينوس زعيم حزب اليونانيين المستقلين "أن اليونانيين يتقدمون متحدين في إطار احترام السيادة الوطنية"، مشدداً بالتالي على أبرز مبدأ مشترك بين الحزبين.

وردود الفعل على تغير المشهد السياسي في اليونان كانت متحفظة لا سيما من ألمانيا.

واعتبرت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أن على الحكومة اليونانية الجديدة "احترام التعهات التي قطعتها" الحكومة السابقة، وحذرت وزارة المالية الألمانية من أن خفض الدين غير وارد موضحة بأنه يمكن فقط بحث تمديد برنامج المساعدة لليونان على المستوى الأوروبي إذا قدمت أثينا "طلباً" في هذا الصدد.

كما أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأثنين أن "التعهدات التي قطعتها" أثينا حيال دائنيها في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي "يجب التقيد بها".

ورغم أن اليونان تمكنت من تثبيت استقرار ماليتها العامة بعدما وصلت إلى حافة الافلاس، لكنها لا تزال تحصل على مساعدات من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين قدما لها 240 مليون يورو كقروض منذ العام 2010 مقابل اصلاحات هيكلية وسياسة تقشف صارمة.

وقال رئيس مجموعة اليورو يورين ديسيلبلوم أن "الانتماء إلى منطقة اليورو يعني أنه يجب احترام كل الاتفاقات الموقعة".

وأبدى صندوق النقد الدولي استعداده الأثنين "لمواصلة دعم اليونان"، معبراً عن أمله في بدء محادثات مع الحكومة الجديدة.

والتحدي بالنسبة لرئيس الوزراء اليوناني الجديد سيكون ايجاد حلفاء في صفوف أعضاء منطقة اليورو.

واعتباراً من الأحد حذر تيسيبراس من أن التقشف أصبح من الماضي مؤكداً على أنه مستعد للتفاوض على حل "يفيد الجميع".

في الواقع أن ما يسعى إليه تسيبراس هو تخفيض للديون الهائلة "300 مليار يورو و175% من اجمالي الناتج الداخلي"، إلى جانب إمكان افساح المجال لليونانيين لاستعادة الانفاس في حياتهم اليومية، وزيادة الحد الأدنى للأجور من 580 إلى 751 يورو أو الغاء عدد من الضرائب، ما يخالف إرادة الترويكا.