بينما لايزال التونسيون يترقبون صدور النتائج النهائية للانتخابات التشريعية الأولى بعد الثورة التي أطاحت بن علي، بدأت خريطة المشهد السياسي التونسي المقبل ترتسم، خصوصاً بعد إقرار حركة "النهضة" الإسلامية بهزيمتها وحلولها في المركز الثاني بعد حزب "نداء تونس".

Ad

يستعد حزب "نداء تونس" الذي حصل على على حوالي 84 مقعداً وفق النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التونسية التي جرت الأحد، لتكليفه تشكيل حكومة، لكونه الحزب الذي حاز أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المؤلف من 217 مقعداً.

 ويحتاج "نداء تونس" إلى تشكيل ائتلاف للحصول على الغالبية في مجلس النواب (109 مقاعد).

ورأى مراقبون أنه بإمكان "نداء تونس" تشكيل هذا الاتئلاف مع الحزب "الوطني الحر"، الذي يُعرِّف نفسه بأنه حزب "ليبرالي براغماتي"، ويقوده رجل الأعمال سليم الرياحي، والفائز بنحو 17 مقعداً، ومع "الجبهة الشعبية"، وهي ائتلاف مكون من 12 حزباً يسارياً حصد 12 مقعداً في البرلمان الجديد، بالإضافة الى حزب "آفاق تونس" الليبرالي الذي حصد 9 مقاعد، وبذلك يملك هذا الائتلاف غالبية في مجلس النواب بـ 122 مقعداَ.

قايد السبسي

وأعلن "نداء تونس" أنه لن يحكم تونس بمفرده. وقال زعيم الحزب الباجي قايد السبسي في مقابلة تلفزيونية مساء أمس الأول: "أخذنا قرارا قبل الانتخابات بأن "نداء تونس" لن يحكم وحده، حتى لو حصل على الأغلبية المطلقة. يجب أن نحكم مع غيرنا. مع الأقرب الينا من العائلة الديمقراطية، لكن وفق النتائج".

وقال السبسي المرشح للانتخابات الرئاسية التي ستجرى 23 نوفمبر المقبل: "الناس الذين لديهم أفكار غير أفكارنا نقبلهم ونتحاور معهم ولا نعتبرهم أعداء، ليسوا أعداءنا بل منافسينا"، وأضاف أن "تونس في حاجة ملحة للخروج من الوضع الصعب التي هي فيه، لا أتصور أنه بإمكاننا تحسين الوضع في أقل من سنتين".

ووعد بـ"إرجاع الدولة" و"الاستقرار" الى تونس التي قال إنها تمرّ بوضع "متدن في كل الميادين".

 وقال: "نحن لم نعد بشيء. الشيء الوحيد الذي وعدت به هو إرجاع الدولة التونسية لأني أعتقد أن كثيرا من مشكلاتنا الآن والوضع المتدني الذي تمر به بلادنا في كل الميادين الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ناجم عن غياب الدولة، الدولة التونسية لم يبق لها حضور".

وأضاف "أعتقد أنهم مستعدون (الغرب) الآن لمساعدتنا، لكن على شرط أولا وقف التيار الإرهابي"، وأضاف "لا ينقصنا إلا السند الاقتصادي، التعليم معمم عندنا، المرأة محررة، الطبقة المتوسطة موجودة، لا ينقصنا إلا السند الاقتصادي".

كما وجّه السبسي انتقادا لـ "الترويكا" الحاكمة سابقا، قائلا إن "أداءها كان ضعيفا وسلبيا في نظر التونسيين، والكثير من قراراتها كانت ارتجاليا".

من ناحيته، قال عضو المجلس الوطني لحزب "نداء تونس" أيمن بجاوي: "إن كان علينا التحالف، فينبغي أن يكون مع الديمقراطيين: الجبهة الشعبية وآفاق تونس والمسار"، وأضاف "لدينا واجب أخلاقي تجاههم؛ لكون مناصريهم خيروا التصويت لنا لتجنب تشرذم الأصوات، كما حصل في انتخابات المجلس التأسيسي في 2011"، التي شهدت حصول "النهضة" على الأغلبية.

الغنوشي

من ناحيته، قال زعيم حركة "النهضة" الإسلامية، راشد الغنوشي، إن "النهضة لن تسمح بعودة أصنام الحزب الواحد والزعيم الأوحد والانتخابات المزيفة والمال الفاسد إلى الأبد".

وأضاف، خلال مؤتمر شعبي أمام مقر حركة النهضة بالعاصمة تونس مساء أمس الأول: "المستقبل في تونس اليوم للحرية وللإسلام والوحدة الوطنية ورفض العنف والإقصاء والإرهاب". وأوضح الغنوشي أن "الشعب التونسي تعرّض لمحاولات متكررة من الغش ومن غسل الأدمغة، ولكنه سيبقى شعبًا ذكيًا ووفيا وأبيا".

نتائج أولية

ولم تعلن "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" حتى الآن سوى نتائج جزئية لعمليات الاقتراع. ولم يعلن بالتالي حتى الآن عن توزيع المقاعد، لكن النظام الانتخابي النسبي بالقوائم يساعد على تمثيل الأحزاب الصغيرة.

ووفق النتائج الأولية، حصل "نداء تونس" على ما يقرب الـ 84 مقعداً من أصل 217 في البرلمان. في المقابل، حصلت "النهضة" على 69 مقعداً، مقابل 89 في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت في أكتوبر 2011.

أما الخاسر الأكبر، فكان حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" بزعامة الرئيس التونسي الانتقالي المنصف المرزوقي، الذي حصل على 4 مقاعد فقط مقابل 29 في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.

وكان المرزوقي قد تحالف مع "النهضة"، وشكّل معها ما يعرف بـ "الترويكا" الحاكمة خلال المرحلة الانتقالية مع حزب "التكتل من أجل العمل والحريات" الذي حصد مقعداً وحيداً، بعد أن حاز 20 مقعداً في انتخابات "التأسيسي".

وخرجت "جبهة الإصلاح" الإسلامية المكونة من 3 أحزاب صغيرة خالية الوفاض، بعدم حصولها على أي مقعد.

وفي جانب آخر، حقق الحزب "الوطني الحر"، الذي يعرّف نفسه بأنه حزب "ليبرالي براغماتي" ويقوده رجل الأعمال سليم الرياحي رئيس نادي الإفريقي العريق مفاجأة بحلوله في المركز الثالث بنحو 17 مقعداً.

كما حققت "الجبهة الشعبية"، وهي ائتلاف مكون من 12 حزباً يسارياً نتيجة طيبة بحصولها على 12 مقعداً في البرلمان الجديد. وحصل حزب "آفاق تونس" على 9 مقاعد، وتوزعت المقاعد الباقية على أحزاب صغيرة تتراوح بين اليمين واليسار.

إشادة أوروبية

وأشاد مراقبو الاتحاد الأوروبي، أمس، بالانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت الأحد الماضي، ووصفوها بـ"الشفافة" و"ذات المصداقية". وقالت البلجيكية آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحافي بتونس العاصمة "لقد عزّز الشعب التونسي التزامه الديمقراطي بفضل انتخابات ذات مصداقية وشفافة مكنت التونسيين من مختلف الحساسيات السياسية من التصويت بحريّة لمجلس تشريعي وفقا لأول دستور ديمقراطي" في البلاد.

(تونس، رويترز، أ ف ب ـــ د ب أ)