يصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأثنين إلى الجزائر في زيارة خاطفة بدعوة من نظيره عبدالعزيز بوتفليقة الذي يعتبر محاوراً أساسياً لفرنسا حول الأزمتين في مالي وليبيا.

Ad

وفيما تقع مسألة خلافة بوتفليقة في صلب سجال متزايد في الجزائر، فإن هولاند لا يعتزم التطرق إليها خلال زيارته.

وأعلن دبلوماسي فرنسي مؤخراً أن فرنسوا هولاند "لن يتدخل لا بشكل مباشر أو غير مباشر" في قضية خلافة بوتفليقة التي "ليست في رأيه اليوم مسألة مطروحة".

والرئيس الجزائري البالغ الـ 78 من العمر الذي أصيب بجلطة دماغية في 2013، أعيد انتخابه في 2014 وهو يعتزم البقاء على رأس البلاد حتى انتهاء ولايته في 2019.

وأكد مدير ديوان الرئاسة الجزائرية أحمد اويحيى أن بوتفليقة الذي أعيد انتخابه العام الماضي لولاية رابعة من خمس سنوات "سيستكمل ولايته الرئاسية كاملة" حتى ربيع 2019 أي بعد سنتين على انتهاء الولاية الرئاسية الفرنسية.

كما استبعد اويحيى سيناريو توريث الحكم في وقت تنسب المعارضة إلى السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس ومستشاره الخاص منذ انتخابه للمرة الأولى عام 1999 نوايا رئاسية.

ورأى الوزير السابق عبد العزيز رحابي الذي انتقل إلى المعارضة أن زيارة هولاند هي "زيارة مجاملة" معتبراً أن بوتفليقة "يوظف هذه الزيارات في السياسة الداخلية لاعطاء الانطباع بأن له نشاطات دبلوماسية بالرغم من غياب النشاط الرئاسي المؤسساتي منذ شهور".

وأوردت وكالة الأنباء الجزائرية أنها "زيارة صداقة وعمل" ونقلت عن الرئاسة الجزائرية إعلانها في بيان أن الزيارة تأتي في وقت "يسجل التعاون والشراكة بين الجزائر وفرنسا خلال السنوات الأخيرة تقدماً معتبراً".

وسيلتقي هولاند الذي ينتظر وصوله قبل الظهر رئيس الوزراء عبد المالك سلال ثم بوتفليقة، قبل عقد مؤتمر صحافي.

وهي ثاني زيارة لهولاند بصفته رئيساً إلى الجزائر بعد زيارة أولى في ديسمبر 2012، وسبق له أن قام بدورة تدريب في العاصمة الجزئرية وهو طالب ثم طلق فيها حملته للانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي نهاية 2014.

وبعد فتور في عهد سلفه نيكولا ساركوزي، أتاح وصول هولاند إلى قصر الاليزيه تعزيز العلاقات الثنائية ما أدى بصورة خاصة إلى تكثف التعاون بين باريس والجزائر لمحاربة الحركات الجهادية في منطقة الساحل.

وإن كانت مسألة "توبة" فرنسا عن ماضيها الاستعماري تبقى حاضرة في الصحافة وبين المعارضة إلا أنها لم تعد مطروحة بين القادة الجزائريين.

وذكرت الرئاسة الجزائرية أن بوتفليقة وهولاند سيبحثان خلال محادثاتهما مسائل "تتعلق بالأمن والسلم في أفريقيا والشرق الأوسط وكذلك التعاون العالمي المتعدد الأطراف".

وقبل ساعات من بدء زيارته أعلن هولاند في مقال نشرته صحيفة "لو كوتيديان دوران" الأثنين "إنني أعلق أهمية كبيرة على الحوار السياسي بين فرنسا والجزائر لأن بلدينا يساهمان في الاستقرار والأمن في المنطقة".

وأثنى هولاند في المقال أيضاً على "مساعي السلطات الجزائرية بحثاً عن حل سياسي في ليبيا" مؤكداً "ثقته العميقة" بأن البلدين "قادران على بناء شراكة استثنائية".

وقال الخبير عبدالرحمن مبتول أن زيارة هولاند ستسمح ببحث "مسألة الأمن في منطقة الساحل والصحراء" حيث "يهدد التوتر بزعزعة استقرار أوروبا من خلال فرنسا".

وساهمت الجزائر إلى حد كبير في توقيع اتفاقات السلام والمصالحة في مالي في 15 مايو، وفي 5 يونيو تعهدت تنسيقية حركات ازواد التي تضم المجموعات المتمردة الرئيسية في شمال مالي ويشكل الطوارق العنصر الأقوى فيها، من العاصمة الجزائرية توقيع الاتفاق بدورها في 20 من الشهر.

وفي مواجهة الفوضى في ليبيا حيث يحقق تنظيم الدولة الإسلامية تقدماً، تقول باريس أن الجزائريين "يتمتعون ببراغماتية ويركزون على قضايا الاستقرار والأمن".

من جهة أخرى، تود فرنسا التي تتخبط في أزمة اقتصادية تجد صعوبة في الخروج منها، وكذلك الجزائر التي تعاني من تراجع في عائداتها النفطية تكثيف "الشراكة الاستراتيجية" الموقعة بينهما عام 2012.

وأكدت الرئاسة الجزائرية أن "التعاون والشراكة بين الجزائر وفرنسا يسجلان خلال السنوات الأخيرة تقدماً معتبراً ويتطلعان إلى احراز تقدم في عديد من القطاعات".

وتسعى فرنسا الشريك الاقتصادي الثاني للجزائر مع حجم مبادلات وصل إلى 10,5 مليار يورو عام 2014 للحلول مجدداً في المرتبة الأولى بين مزودي هذا البلد بعدما خسرت هذه المرتبة عام 2013 لصالح الصين، وتصدر باريس إلى الجزائر حبوب وأدوية وسيارات.

وتقوم حوالي سبعة آلاف شركة فرنسية بتصدير سلع إلى الجزائر وثمة 450 منها متمركزة في هذا البلد وبينها بعض المجموعات الكبرى مثل الستوم ولافارج ودانون ورينو وسويز، وكذلك شركات متوسطة وصغيرة.

ويستعين عدد متزايد من هذه الشركات بمجموعة كبيرة من حاملي الجنسيتين الجزائرية والفرنسية في سعيها لتوسيع نشاطاتها في السوق الجزائرية وأكد سفير فرنسا في الجزائر برنار ايمييه في فبراير أن حوالي "سبعة ملايين" فرنسي "لديهم رابط مباشر مع الجزائر".