عطفاً على مقالي السابق، ولأهمية موضوع تطوير المناهج والبرامج التعليمية واستحداثها في مؤسسات التعليم العالي التي تعيش إداراتها حالة من الاستقلالية عن الرقابة البرلمانية والشعبية، ومع ذلك تعاني تراجعاً في جودة المخرجات بسبب ضعف برامجها التعليمية والتدريبية.

Ad

فإن أهم المعضلات التي تواجه جودة مخرجات التعليم عدم القدرة على مواكبة احتياجات سوق العمل؛ لغياب التخطيط السليم والمنهجية في استمرارية تطوير البرامج واستحداثها؛ مما أدى إلى تشبع السوق الكويتي ببعض التخصصات من جانب، ومن جانب آخر ندرة في التخصصات ذات الطابع الفني والمهني والطبي، مما ترتب عليه إخلال في التركيبة السكانية، حيث نسبة الكويتيين للوافدين واحد إلى ثلاثة.

الحل يقتضي جرأة في اتخاذ القرار ومعالجة شاملة من إدارات مؤسسات التعليم العالي، ووقفاً لبعض التخصصات، واستحداثاً لأخرى؛ كي لا يتفاقم الأمر كما حدث مع الأعداد الكبيرة الملتحقة ببرنامج القانون الذي اضطر وزير التربية إلى وقف الانتساب إليه بالجامعات العربية.

الخطوة التي اتخذها الوزير يجب أن تدق ناقوس الخطر، وتفتح المجال للمزيد من المكاشفة، عبر تحمل مؤسسات التعليم العالي (جامعة الكويت، الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، التعليم العالي، الأمانة العامة للجامعات الخاصة) مسؤولياتها تجاه مستقبل التعليم؛ بمراجعة شاملة لمتطلبات سوق العمل واحتياجاته للسنوات العشر القادمة.

الاعتناء بجودة مخرجات مؤسسات التعليم العالي وتنوعها يجب أن يأخذا الأولوية كمشروع وطني يستحق تكاتف الجهود حوله؛ بربطه بمتطلبات خطة التنمية ومشاريع الدولة المستقبلية؛ لضمان إيجاد فرص وظيفية للخريجين في المجالات التي تحتاجها الدولة من العمالة الوطنية.

هناك أكثر من فلسفة تتبعها الدول المتقدمة في كيفية صياغة البرامج التعليمية، فالتعليم بالنسبة إلى تلك الدول ركن مهم في صناعة الاقتصاد الوطني، حيث تدفع الحكومات بالجامعات إلى لعب دور في رفع كفاءة الطالب المهارية والمعرفية، وتوجيه البرامج نحو احتياج سوق العمل؛ ضمن إطار الجودة الشاملة، ومن ضمنها الرضا الوظيفي.

قضية تطوير المناهج يجب أن تأخذ مكانها من الاهتمام من الأقسام العلمية؛ لضمان مواكبة التطور الهائل في سوق العمل، خصوصا في جانب استخدام التكنولوجيا وصناعتها؛ لذا من الضرورة تفعيل الشراكات مع مؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص كشريك في التعليم والتدريب.

الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل كبيرة، والنظرة إلى الوظائف الفنية يجب أن تتغير، فمن غير المعقول استمرار هذا الكم من أعداد الخريجين في الكليات الإدارية مع تراجع لمخرجات الكليات الأخرى أو انعدام لتخصصات يتطلبها سوق العمل؛ لعدم وجودها من الأساس، خصوصاً في الهيئات التمريضية والفنية المساندة.

هنالك نقطة أخرى تحتاج إلى معالجة تخص طلبة القسم العلمي، فبعد تخرجهم من الثانوية العامة تجد نسبة ليست بالقليلة تختار الدراسة في التخصصات الأدبية، وهناك من ينتقل من كلية علمية إلى أدبية بسبب التعثر الدراسي، وفي كلتا الحالتين يتضح أن هناك خللاً في الإرشاد والتوجيه؛ مما يترتب عليه هدراً في المال العام.

ودمتم سالمين.