تراثنا المذهبي فيه الكثير من المطبات والشقوق اكتشفها المستعمرون منذ مئات السنين، وعملوا على تغذيتها قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية وبعده، طردوا اليهود من أوروبا وأسكنوهم فلسطين، وبواسطتهم عمقوا كل الخلافات العرقية والمذهبية، وقسموا الوطن العربي إلى أجزاء يسهل ضربها، وحين قامت الحركات القومية وعادت نداءات الوحدة ضربوا قيادتها، واحتلت الصهيونية بقية فلسطين وأجزاء من مصر وسورية.
وفي سقوط المشروع القومي الوطني خلقوا الطوائف الدينية، واستفادوا من قوة بعضها، وكسبهم لصفوف مقاومة أي تحرك قومي وطني، وأشعلوا الفتن الطائفية، وخرجوا بعد الاستقواء المزيف للحركات الدينية بخطة التجاذبات المذهبية وتأجيج النار بين المذاهب، فصارت إيران في طرف تصرف بدون حساب لبناء القوة العسكرية، وقامت الدول السنية بالصرف بدون حساب لبناء قوة السلاح تحسبا لقوة إيران. في البداية أطلقوا يد إيران والعراق للدخول في معارك قتلت مليون إنسان، وخربت اقتصاد البلدين، في حين مورد السلاح والفتنة للطرفين يشجعهما على استمرار القتال مع التعهد لكل منهما بأنه لن يهزم، وأنه لو ضعف سيكون هو إلى جانبه، وبعدها احتل العراق دولة الكويت مغتراً بقوته ومختالاً بذكاء رئيسه، فإذا هو يبتلع الطعم ويلقى الذل والهوان، ثم يلحقون به فينهون نظامه. ولكن اللعبة لم تفلح في وقف إيران عن ممارسة دور صدام وغروره، وظن بعض قادتها أنهم أشطر من صدام ولن يقعوا في الفخ نفسه، وهم إليه ماضون للأسف، وبيع سلاح بمئات المليارات لدول الخليج العربي تحسبا وخوفا من مستقبل القوة الإيرانية ولعبة السياسة الدولية، وفتحوا آذانهم لكل من هبّ ودبّ، وأشاع عن نوايا إيران وقوة نفوذها ودورها في حماية أو دعم الشيعة في بلادهم، فأقدموا على التحرك في اليمن تحسبا لكل ما أثير، ودخلوا في معارك لا أحد يعرف كيف تنتهي.الكل وقع في الفخ والكل استخدم القوة بدلا من العقل، والكل نسي كل مخططات الفتنة ودور الصهيونية والدول المستعمرة، ولم يبق إلا فكرة سيطرة طائفة على أخرى أو خوف طائفة من أخرى، ونسينا مخطط الشرق الأوسط الجديد، ونسينا حسابات المخططين لضرب الجميع من أجل إسرائيل، وأمسكنا بتلابيب بعضنا، وقلنا "الله أكبر" ستدخلنا الجنة.قلت مرارا وأقولها الآن قبل أن يفوت الوقت وقبل أن نصبح أضحوكة في عيون الأمم، وقتلى وجرحى وخرابا كاملا في كل مكان من إيران والوطن العربي: عودوا إلى عقولكم واجلسوا جميعا، إيران ودول مجلس التعاون ومصر والعراق، وناقشوا بحضارة وعقل كل ما تختلفون فيه، وأفشلوا مخطط الاستعمار والصهيونية، وأوقفوا هذا الملعوب وأبعدوا عن أذهانكم فكرة الغلبة لأنه لن يكون هناك غالب مهما كانت أسلحته وجيوشه، وسنعيش عشرات السنين نقتل بعضنا أو نكون أمما مجهولة خارج التاريخ. لا إيران ستنجح ولا العرب سينجحون في حرب لا معنى لها، فالصهيونية وكيانها الذي خلقوه، ونقول إننا نرفضه، هي الكاسب وهي التي ستتسلم خير هذه الأمة في إيران والوطن العربي، حتى لو أظهرت الدول المخططة تعاطفا مع هذا الطرف أو ذاك أو قدمت من النصائح أو السلاح هنا أو هناك فإن نيتها وخطتها ليستا كسب فريق على فريق إنما تشتيت وقتل الجميع.لو اجتمعتم واتفقتم على أن تكون إزالة إسرائيل هي الهدف الأول فإن الجميع سيسمع لكم، وستتغير كل خطط التقسيم، فكونوا أمة واحدة بهدف أولي واحد، وأعدوا سلاحكم لنصرة الحق العربي والإسلامي في فلسطين وعودة أهلها لها، ودعوا العالم يراكم قوة واحدة وبهدف نبيل واحد، وعالجوا ما فعله المخططون بنا بالحكمة والعقل، فافعلوا هذا قبل فوات الأوان.
مقالات
كلنا نقع في الفخ المرسوم
25-05-2015