دخلت طلائع قوات الانقلاب الحوثي مدينة عدن أمس، بعد سيطرة ميليشياتها على محافظة لحج المجاورة وتمكّنها من أسر وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، في حين حركت السعودية آليات عسكرية ثقيلة بالقرب من حدودها مع اليمن.

Ad

وصل الحوثيون بدعم من قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، أمس، إلى مشارف مدينة عدن ودخلت طلائع الميلشيات الحوثية المدينة من جهة دار سعد، في ظل مقاومة محدودة من أنصار الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي اتخذ المدينة عاصمة مؤقتة لليمن بدلا من صنعاء.

وبالتزامن مع وصول الحوثيين إلى مشارف عدن قصفت طائرات حربية موالية للانقلابيين القصر الرئاسي في المدينة التي شهدت حالة من الاستنفار منذ ساعات الصباح، مع توارد الأنباء عن تقدم الحوثيين صوبها، بينما تضاربت الأنباء بشأن مكان وجود هادي.

تعليق الملاحة

من جهة ثانية، أوقفت حركة الملاحة الجوية في مطار عدن، وأوضحت مصادر في المطار أن عددا من شركات الطيران ألغت رحلاتها إلى عدن بسبب توتر الأوضاع بعد المعارك التي وقعت بين ميليشيات الحوثيين واللجان الشعبية الموالية لهادي.

وصدرت تعليمات للعاملين في القطاع العام في عدن بالعودة إلى منازلهم، في حين تسلح سكان المدينة لمواجهة المقاتلين الحوثيين.

تقدُّم وأسر

في وقت سابق، سيطر المسلحون الحوثيون مدعومين بقوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً) على قاعدة العند الجوية، وبعد ذلك بسطوا سيطرتهم على مبنى محافظة لحج أثناء زحفهم باتجاه عدن.

وكانت القاعدة، التي استعملتها القوات الأميركية في شن غاراتها الجوية على تنظيم «القاعدة»، في يد قوات الجيش الموالية لهادي، قبل أن يهاجمها الحوثيون ويسيطرون عليها صباح أمس.

وألقت الجماعة الحوثية القبض على اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع المستقيل في حكومة خالد بحاح، كما ألقت القبض على قائد اللواء 119 في لحج اللواء فيصل رجب في مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، ونقلتهما جواً إلى صنعاء.

وأشار مصدر إلى أن الصبيحي شارك في المعارك التي دارت أمس الأول بين مسلحين حوثيين ومقاتلي اللجان الشعبية في لحج.

وكان الحوثيون قد كلفوا اللواء الصبيحي القيام بمهام وزير الدفاع في السادس من فبراير الماضي، إلا أنه نجح في الخروج من صنعاء والوصول إلى مسقط رأسه في لحج، ومن ثم إلى مدينة عدن، حيث بدأ بممارسة مهامه كوزير للدفاع إلى جوار هادي.

تظاهرات تعز

في هذه الأثناء، تظاهر مئات الآلاف لليوم الخامس على التوالي في مدينة تعز، رفضا لوجود مسلحي الحوثي في المدينة، وتنديدا بالقمع الوحشي الذي تعرض له شباب الثورة أمس الأول، غداة ارتكاب الميليشيات الحوثية مجرزة بحق المتظاهرين السلميين، حيث سقط 10 قتلى وأصيب 120.

وكان شباب الثورة في تعز التي تعد ثالث أكبر المدن اليمنية دعوا إلى خروج مليوني صباح أمس، رداً على وحشية مسلحي الحوثي، ومحاولتهم السيطرة على مدينة تعز.

تدخل عربي

من جهته، طالب هادي من مجلس الأمن الدولي أمس الأول بدعم عمل عسكري تقوم به «الدول الراغبة» للتصدي لتقدم الحوثيين.

وقال هادي في رسالة بعثها إلى المجلس الدولي التابع للأمم المتحدة إنه طلب من جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي «تقديم جميع الوسائل الضرورية فورا، بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه».

واستشهد هادي بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تشمل الحق الفردي أو الجماعي في الدفاع عن النفس ضد الهجوم المسلح كمبرر قانوني لطلب المساعدة العسكرية من الدول العربية.

وكتب هادي في الرسالة «واجهت كل جهودنا من أجل تسوية سلمية الرفض المطلق من قبل الحوثيين الذين يواصلون عدوانهم لإخضاع بقية المناطق الواقعة خارج سيطرتهم... هناك قوافل عسكرية تتجه لمهاجمة عدن وبقية الجنوب».

في السياق، صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري، بأن القمة العربية التي تعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية السبت والأحد المقبلين ستناقش الأحداث التي تدور في اليمن في ظل القلق الناتج عن سيطرة الحوثيين على بعض المناطق، مضيفا خلال تصريحات أدلى بها من إثيوبيا أن «كافة الحلول بشأن الأزمة اليمنية مطروحة ومنها الحل العسكري».

في المقابل، أصدر ضباط في الجيش موالون للرئيس اليمني السابق المتحالف مع الحوثيين، والذي لا يزال يتمتع بنفوذ كبير في الجيش، رغم تخليه عن السلطة في 2011 بيانا أمس، يرفضون فيه رفضا باتا أي تدخّل أجنبي لإنهاء الصراع في البلاد.

حشد سعودي

على صعيد متصل، أفاد مسؤولون أميركيون، أمس الأول، بأن السعودية تحرك معدات عسكرية ثقيلة تضم مدفعية إلى مناطق قريبة من الحدود مع اليمن بعد تصريحات لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفصيل، أكد فيها أن المملكة ستتخذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها وأمن المنطقة واليمن من عدوان جماعة الحوثي، إذا لم يمكن التوصل لحل سلمي للفوضى في اليمن.

وقال مصدران بالحكومة الأميركية إن «المدرعات والمدفعية التي تحركها السعودية قد تستخدم لأغراض هجومية أو دفاعية».

ووصف أحد المصدرين الحكوميين حجم الحشد العسكري بأنه «كبير»، وقال إن السعوديين ربما يستعدون لشن ضربات جوية للدفاع عن هادي إذا هاجمه الحوثيون في مدينة عدن بجنوب البلاد.

وكان السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر قال لـ»رويترز» بعد اجتماع مع أعضاء غرفة التجارة العربية الأميركية في واشنطن «السعوديون يشعرون بقلق بالغ إزاء ما يعتبرونه معقلا إيرانيا في دولة فاشلة على طول حدودهم».

سفير مصر

في سياق منفصل، غادر سفير جمهورية مصر لدى اليمن يوسف الشرقاوي وكامل أعضاء القنصلية المصرية في عدن المدينة متجهين إلى القاهرة، بالتزامن مع تدهور الأوضاع في عدد من المحافظات الجنوبية.

وكان الشرقاوي وصل إلى عدن في أواخر النصف الأول من مارس الجاري، وسلّم رسالة مهمة لهادي، تتضمن دعوته لحضور القمة العربية التي تستضيفها مصر، بعد أن أغلقت السفارة المصرية في صنعاء أبوابها وغادر أعضاؤها اليمن في منتصف يناير الماضى.

(عدن، صنعاء - أ ف ب، د ب أ، رويترز)