مشكلة الفلسطينيين، والعرب عموماً، ليست مع الإسرائيليين، فهؤلاء كانوا ومازالوا مجرد مشروع استعماري في هذه المنطقة لابد أن ينتهي ذات يوم قريب أو بعيد... إن المشكلة أساساً وسابقاً ولاحقاً هي مع الولايات المتحدة، لأن هذا المشروع الاستيطاني هو مشروعها، ومشروع الغرب الذي أراد التخلص من اليهود فزرعهم كشوكة في خاصرة الأمة العربية، التي تواجه الآن تحديات حقيقية وفعلية، حتى من الذين يُفترَض أنهم «أشقاء» وشركاء مسيرة حضارية طويلة.

Ad

ربما كان مفهوماً وقوف الولايات المتحدة الأميركية، ومعها الغرب الانتهازي والمنافق، مع إسرائيل عندما كان بعض العرب يرفعون شعار: «تجوع يا سمك»، وعندما لم يكن الفلسطينيون قد انخرطوا بعد في عملية السلام وقبلوا ما قبلوه في وطنهم الممتد من البحر إلى النهر، أما الآن، بعد كل هذه السنوات وما تم فيها من اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، فإنه لا يمكن فهم المواقف الأميركية تجاه ما يفعله الإسرائيليون في القدس والضفة الغربية وفي فلسطين كلها إلا أنه استمرار للمؤامرة والتآمر، و«إرخاء للرّسَن» لتطبيق بنيامين نتنياهو لما تعلمه من كتاب والده «مكان تحت الشمس»!

هناك قرارات دولية قديمة وجديدة تنص على ضرورة انسحاب إسرائيل من كل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967، وهناك اعتراف من الأمم المتحدة بدولةٍ للشعب الفلسطيني على كل هذه الأراضي وعاصمتها القدس الشرقية، لكن رغم هذا كله فإن الإسرائيليين يواصلون ركل هذه القرارات بأحذيتهم، ويواصلون تحدي العالم، والسبب أنهم متأكدون أن أميركا غير جدية، ويشعرون أن الأوروبيين يقولون ما لا يفعلون، وأن العرب ينطبق عليهم المثل القائل: «العين بصيرة واليد قصيرة»!

ولذلك فإن الفلسطينيين، الذين يكابدون الإذلال والويلات يومياً وفي كل ساعة على أيدي عتاة التطرف الإسرائيلي، لم يجدوا ما يردون به على كل هذا إلا الانتحار و«علي وعلى أعدائي»، فالشاب الفلسطيني لا يمكن أن يستخدم سيارته كقنبلة كبيرة و«يدهس» بها إسرائيليين بينهم أطفال لو لم «تسود» الدنيا في وجهه، ولو لم يفقد الأمل في عملية السلام، ويشعر أن العالم كله أصبح ضده وضد شعبه.

إن مسؤولية هذا كله تقع على أميركا وإدارتها المترددة الخائبة، كما تقع أيضاً على الدول الأوروبية الكبرى التي يُفترَض أنها فاعلة ومقتدرة، إذ يمكن لوضع حد لكل ما تفعله إسرائيل، أن تكون هناك خطوات كالخطوة الشجاعة التي اتخذتها السويد، وأن تطلق الولايات المتحدة أسر مجلس الأمن الدولي، وتوقف استخدام حق النقض (الفيتو) الذي يمنعه من اتخاذ أي قرار جدي ضد تمرد الإسرائيليين على العالم كله، وإهانتهم المتواصلة للإرادة الدولية.

الآن، من خلال كل هذا التحشيد الدولي، تقول أميركا إنها تسعى للقضاء على الإرهاب وتنظيماته، وهي تعرف أن ما يقوم به الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني يشكّل مبرراً لظهور تنظيم إرهابي جديد في كل يوم، بل في كل ساعة، وفي كل دقيقة... إننا نعرف أن «داعش» و«القاعدة» لا يهمهما لا القدس، ولا الأقصى، ولا فلسطين، ولكنهما وغيرهما يستخدمون كل هذا الذي يفعله الإسرائيليون مبرراً للمزيد من التطرف والعنف الأهوج، الذي يقومون به ضد العرب والمسلمين.. وبالتالي فإن المسؤولية تتحملها أميركا وإدارتها البائسة!