أجمع المحاضرون في ندوة «أين حقوق المرأة بعد مرور عشر سنوات على حصولها على الحق السياسي؟»، على أن المجتمع الكويتي يحتاج إلى تثقيف لجهة اختيار المرشحين الأنسب لمجلس الأمة، مشيرين إلى محدودية دور المرأة وسط غياب الأحزاب، وعدم إعطائها فرصتها الحقيقية في العمل السياسي.

Ad

نظّم مركز دراسات وأبحاث المرأة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت ندوة حوارية بعنوان «أين حقوق المرأة بعد مرور عشر سنوات على حصولها على الحق السياسي؟» أمس في الحرم الجامعي بالشويخ، بمشاركة كل من رئيس لجنة المرأة في مجلس الأمة النائب صالح عاشور والنائبة والوزيرة السابقة د.معصومة المبارك، والنائبة السابقة د. أسيل العوضي.

وقالت د. العوضي، إن المشكلة ليست في القوانين، أو أنها ستحل بمجرد إقرار القوانين «بل هي مشكلة ثقافة عامة لدى المجتمع الذي يعتقد جزء كبير منه بأن المرأة لا تصلح للعمل السياسي، بحجة أنها عاطفية، ولا تملك أعصابها في الوقت الذي رأينا فيه المشاجرات وفقدان للأعصاب من قبل الأعضاء الرجال في المجلس وهو ما يسمى أيضاً بالعواطف».

وأوضحت د. العوضي، أن الثقافة العامة «أثرت سلباً على تولي المرأة المناصب القيادية في الدولة سواء مديرة أو وكيلة وزارة، علما أن المرأة تعمل بجد واجتهاد في مختلف الأقسام بالوزارة، مما دفعنا في مجلس 2009 إلى مناقشة موضوع الكوتا في المناصب القيادية، بنسبة 30 في المئة تكون للمرأة في حالة توفر الكفاءات بين الرجل والمرأة، لكننا واجهنا رفضاً تاماً وعنيفاً من قبل الحكومة والنواب لهذا المقترح».

أحكام دون دراسات

وأضافت، «أننا نعاني في المجتمع الكويتي إطلاق الأحكام دون دراسات أو معطيات وإنما من خلال الثقافات العامة المترسخة في عقول معظم الناس، إذ للرجل أفضلية في الانتخابات من خلال إدارة الحملات الانتخابية وزيارة الديوانيات وتخليص المعاملات وغيرها من الأمور الانتخابية، التي تعجز عنها المرأة، بالتالي للرجل أفضلية عن المرأة في هذا الجانب كونها تهتم ببيتها وعائلتها، وسيظل دور المرأة محدوداً في التمثيل بالمجلس بسبب غياب الأحزاب وعدم وجود (كوتا) لتعيين المرأة في المناصب القيادية بالدولة».

تثقيف المواطن

ولفتت إلى ضرورة تثقيف المواطن بطريقة اختيار الأنسب بشكل عام، وليس التركيز على تثقيف المرأة فحسب، «فعندما يقول الناس إن هذا المجلس أو ذاك لا يمثله تجب مراجعة اختياراتهم للمرشحين، وبناء على ماذا تقوم، فهناك التصويت للقبيلة أو الطائفة أو الجماعة أو غيرها من الأمور مثل المعاملات وما شابه ذلك، وليس الموضوع اختياراً للمرشحين من أجل التشريع والرقابة».

ورداً على ماقاله النائب عاشور، عن ضرورة انتخاب مرشحات من عامة المجتمع لا أستاذات في الجامعة، أعربت العوضي عن اعتقادها بأن الناخبين «وفقوا في اختيارهم أربع نائبات على مستوى عال من العلم والثقافة، من أجل العمل على التشريع والرقابة ولم تكن اختياراتهم وفقاً لتخليص المعاملات والمعايير الأخرى».

نقلة في ثقافة المجتمع

وأشارت إلى «أننا نحتاج إلى نقلة في ثقافة المجتمع، وبالفعل نتمنى ثقافة ذكورية بشكل عام، يتبناها الرجل والمرأة، ونحتاج أساليب جديدة في العمل غير نظر التشريعات والتعديل عليها لأن التشريعات أصبحت حبراً على ورق».

وقالت العوضي، «من المؤسف أن المجلس الحالي يفتقر إلى تمثيل نسائي»، مستطردة أن قضايا المرأة ليست مقتصرة فقط على المرأة للدفاع عنها، بل هناك العديد من الأمور كان الرجال سباقين إلى الدفاع عنها.

حقوق مهضومة

من جانبه، قال النائب عاشور، «إن لجنة المرأة تم تشكيلها قبل حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية»، موضحاً «أنه مع التطور السياسي في البلد والمنطقة، شعرنا بدورها وأهميته، وتم تقديم مجموعة من الاقتراحات لقانون إعطاء حق المرأة السياسي، وحصرنا الكثير من الحقوق المهضومة ووضعناه في قانون واحد»،  فبعض الاقتراحات تم تطبيقه وبعضها الآخر إلى الآن بقي بلا تطبيق».

وأكد عاشور، أن لجنة الأسرة والمرأة في المجلس، أصدرت قانون حقوق الطفل وحمايته وبمشاركة ممثلي الجمعيات من النساء والناشطات، مبيناً أن هذا القانون صدر وهو متميز لما فيه من حفظ وحماية لحقوق الطفل.

ظاهرة الطلاق

ولفت عاشور إلى القانون الآخر المتعلق بالمرأة، مؤكداً «أننا سنناقش تعديلات على قانون الفحص ما قبل الزواج، وادخال موضوعين هما ظاهرة الطلاق الآخذة في الازدياد الكبير، ووضع مادة بالقانون للمقبلين على الزواج بيحث يلتحقون بدورة لا تقل عن شهر وفي ختامها تعطى لهم شهادة اجتياز قبل أن يصدر عقد الزواج.

وأوضح، أن الدورة تتضمن التعريف بالمسؤوليات والتحديات الاجتماعية، ومعرفة واجبات ومسؤوليات الزوجين، لافتاً إلى أن هذه الدورة تم تطبيقها في ماليزيا وانخفضت نسبة الطلاق لديهم.

وأشار عاشور إلى قانون الصحيفة الجنائية للمتقدم للزواج، مبيناً أنه من حق المرأة أن تحصل على الصحيفة الجنائية للمتقدم للزواج، لاسيما أنه تم اكتشاف قضايا كبيرة للمتقدم قبل زواجه، مؤكداً أن هذه القوانين سيتم البحث فيها وتطبيقها.

وبين أن المرأة الكويتية في دورها لاتختلف عن المرأة العربية عموماً، مشيراً إلى أن المجتمع إلى الآن لا يقبل أن يجد المرأة في الصدارة، ولا يقبل أن تكون قيادية، مؤكداً أن من أسباب هذه النظرة هو الفكر المتشدد الذي لابد من معالجته، فهو يلغي أن تكون المرأة قيادية وتتصدر الواجهة.

وذكر عاشور أنه حتى في التوجهات والكتل السياسية من الواضح غياب المرأة فيها، وقلة وجود قياديات فيها، وتكون دغدغة المشاعر للمرأة مقتصرة فقط على العملية الانتخابية.

وعن فترة إقرار الحقوق السياسية للمرأة خلال عشرة أعوام، أوضح عاشور، أن الفترة قصيرة وغير كافية لتقييم المرأة في العملية السياسية، مضيفاً أن النظام الانتخابي الحالي لم يساعد المرأة بطريقة حقيقة في أن يكون لها دور مستقل في العملية السياسية، وسابقاً كان من الأنسب لها ذلك لتحقيق نجاحات سياسية.

محرك ومغذٍّ

من جهتها، قالت د. المبارك، إن دور المرأة عامل محرك ومغذٍّ للعمل السياسي، وإن لجنة المرأة شكلت عام ٢٠٠٥، ولم تكن داخل البرلمان، حيث بدأ النواب الالتفات إلى دور المرأة وإقرار حقوقها، لعدم حضور قضايا المرأة على طاولة البرلمان، لافتة إلى أنه في عام 1973 كانت هناك حركة جادة بتقديم ١٢ اقتراحاً بقانون لتعديل المادة الأولى من النواب في قانون انتخاب المرأة منذ عام 1973 حتى عام 2005 إلى أن تم إقرار القانون.

وأضافت د. المبارك أن عام ٢٠٠٦ شهد ترشيح ٢٩ امرأة لمجلس الأمة، وكان هناك زخم من قبل المرشحات، لكن لم تفز أي مرشحة آنذاك، وجاء عام ٢٠٠٨ وترشحت ٢٨ امرأة، حيث بدأ العدد يتناقص، وفي عام ٢٠٠٩ ترشحت ١٥ امرأة، وعلى الرغم من ذلك كانت أول بادرة تغير بالمجتمع بفوز ٤ نساء من أصل ١٥ مرشحة.

«دينامو»

وأوضحت، أن النساء بعد دخولهن المجلس كن «دينامو» أو محرك العديد من اللجان البرلمانية، حيث انتشرن في اللجنة التشريعية، ولجنة الخارجية، ولجنة التعليم، واللجنة الصحية، ولجنة الميزانيات، ولجنة حماية المال العام، واللجنة المالية، وكلها لجان رئيسية في مجلس الأمة.

وأشارت د. المبارك إلى أنه في الشهر الأول لدخول المرأة مجلس الأمة سُئل أحد النواب المعارضين بشدة لوجود المرأة، عن رأيه بالمرأة  في العمل البرلماني، فقال، إنها «فشلت فشلاً ذريعاً»، وخرج بذلك الحكم على المرأة بعد شهر من دخولها البرلمان فقط.

وذكرت أنه في شهر فبراير عام ٢٠١٢ لم تنجح أي مرشحة بسبب (الطق) وخيبة الأمل الشكلية التي تروّج ضد المرأة، وفي العام نفسه بشهر ديسمبر أجريت انتخابات، وكان في ذلك الوقت ١٥ مرشحة ونجحت ٣ مرشحات والمجلس لم يستمر طويلاً.  

وضع الغليان

وقالت د. المبارك، «نريد ثقافة مجتمعية والحاجة فيها للمرأة والرجل في كل المجالات، لافتة إلى دور الإعلام الرسمي في تقليص دور المرأة، «ففي عام ٢٠٠٩ تم توزير سيدتين أما في عام ٢٠١٢، فلا توزير للمرأة».