شراب الأغاف بديل السكّر؟ نعم ولكن...

نشر في 23-03-2015 | 00:02
آخر تحديث 23-03-2015 | 00:02
No Image Caption
تتراكم الأدلة التي تؤكد أن السكّر يشكل خطراً على الصحة، إن أفرطنا في استهلاكه. يبدو شراب الأغاف بديلاً صحياً، ولكن ألا يحمل أوجهاً سلبية؟
يغذي السكر الأورام السرطانية ويحفز نموها، يزيد احتمال الإصابة بالداء السكري والسمنة، يرفع معدلات الدهون الثلاثية في الدم، يثبط جهاز المناعة، يحدث خللاً في مجموعة البكتيريا المعوية، ويحفز نمو المبيضات البيضاء (فطريات المهبل)... صحيح أننا نعلم أن من الحكمة أن نحد استهلاك السكر إلى حد كبير في غذائنا، إلا أن من الصعب أن نحرم أنفسنا تماماً من النكهات الحلوة التي اعتدنا تذوقها. لذلك يحلم الجميع بالعثور على بديل صحي للسكر. وهنا يأتي دور شراب الأغاف بقدرته العالية على التحلية ومؤشره الغلايسيمي الأكثر انخفاضاً من السكر، ما يرفع مكانته على مائدتنا. ولكن هل هذا الحل المثالي للجميع مع المأكولات اللذيذة والصحية؟ ربما، إلا أننا نسير بسرعة...

وعود جميلة

بات شراب الأغاف واسع الاستعمال اليوم. مع أنه كان مغموراً قبل بضع سنين، أصبح اليوم واسع الانتشار في المتاجر التي تبيع منتجات عضوية وحتى السوبرماركات. يُنتج شراب أو «نكتار» الأغاف في المكسيك من نبتة الأغاف الزرقاء، وهي نبتة معشوشبة تنتمي إلى عائلة اليوكا. يُستخرج من العصير من قلب النبات الذي يتراوح عمره بين 7 و10 سنوات، ومن ثم يصفى ويسخن إلى أن نحصل على شراب غني بالإنولين، نوع من الفروكتوز. وتُعتبر قدرته على التحلية أكبر من السكر العادي بنحو 40%. أما نكهته المحايدة، فتسمح باستعماله في أي وصفة. ولكن بخلاف السكّر المعالج، يبدو أن شراب الأغاف لا يسبب ارتفاع الإنسولين. وفيما يخلو السكر الأبيض من أي مواد مغذية، يحتوي شراب الأغاف على الحديد، الكالسيوم، السيليس، المغنيزيوم، والبوتاسيوم. هكذا يبدو هذا المنتج واعداً جداً. ولكن من المؤسف أن المظاهر قد تكون خادعة.

تاريخ الفروكتوز

يحتوي شراب الأغاف على كمية متوسطة من الفروكتوز تصل إلى 80%، في حين أن شراب القيقب يحتوي على 0.3% والعسل النيء على 38%. تكمن المشكلة في أنه، بخلاف الفروكتوز الطبيعي المتوافر في الفاكهة الطبيعية، والذي يتفكك ببطء في الجسم بفضل الألياف والبكتين في الفاكهة، يتحول الفروكتوز الصافي بسرعة إلى دهون، وإلى سم للجسم ما إن يتخطى 25 غراماً في اليوم، ما يعادل ملعقة كبيرة واحدة من شراب الأغاف الصناعي. ولكن إن كنت تستهلك هذا النوع من الشراب، فمن المستبعد أن يكون مصدر الفروكتوز الوحيد الذي تتناوله خلال اليوم.

لطالما اعتقد العلماء أن الفروكتوز ليس مضراً لمرضى السكري لأنه لا يزيد العبء على البنكرياس. ولكن تبين أن هذا خاطئ.

صحيح أن الفروكتوز لا يرفع معدل الإنسولين، غير أنه يزيد مقاومة الإنسولين. بالإضافة إلى ذلك، يلحق الفروكتوز الضرر بالكبد. فعند استهلاكه بانتظام، يدفع الكبد إلى العمل بإفراط، وقد يؤدي إلى حالة من التنكس الكبدي الدهني أو تشكل «الدهون على الكبد».

يُعتبر الغلوكوز شكل السكر الذي تستخدمه كل خلايا الجسم كمصدر طاقة. لذلك يحرق الجسم في الحال نحو 80% من الغلوكوز بعد استهلاكه ويتولى الكبد عملية استقلاب نحو 20% فقط. في المقابل، يتولى الكبد بمفرده تقريباً عملية معالجة الفروكتوز ويخزنه على شكل دهون، خصوصاً على مستوى البطن. ولا شك في أن هذا سيلحق الضرر برشاقتك. وهذا الاختلاف في عملية الاستقلاب يجعل مؤشر الفروكتوز الغلايسيمي أدنى، مقارنة بالغلوكوز والسكروز.

علاوة على ذلك، يخدع الفروكتوز الجسم، لأنه لا يمنحه شعوراً بالشبع، ما يجعلك تتناول كمية أكبر من الطعام وتكسب بالتالي الوزن. على غرار كل أنواع السكر، يؤدي الفروكتوز إلى الإدمان إن تناولته بكميات كبيرة. كذلك يسبب استهلاكه ارتفاع معدل الدهون الثلاثية والكولسترول السيئ (وانخفاض الكولسترول الجيد)، ضغط الدم، والسكر في الدم.

على نحو مماثل، يعزز الفروكتوز ارتفاع معدلات حمض البول، يسبب الالتهاب المزمن، داء المفاصل، النقرس...

نيء ونيء فحسب

لا تلتزم أنواع شراب الأغاف المختلفة اليوم قواعد محددة. فلا تخضع هذه الصناعة لقيود وضوابط مدروسة، حتى إن بعض أنواع شراب الأغاف ما هي إلا شراب فروكتوز مركز خالٍ من أي فوائد صحية. فمع تصنيعه لأغراض تجارية، تحول شراب الأغاف إلى شراب غني بالفروكتوز من خلال عملية تصفية ومعالجة كيماوية. وعندما يُسخن هذا الشراب على درجات حرارة عالية، يُعالج بإفراط، يتحول، لا يعود يملك أي قواسم مشتركة مع النبتة الأصلية، حتى إن البعض يضيفون إليه شراب الذرة الذي يمتاز بنسبته العالية من الفروكتوز، أو يحتوي أحياناً على الهيدروكسيميتيل- فورفورال، مركب عضوي يتشكل خلال عملية تحويل الفروكتوز وقد تكون تأثيراته سامة، مشوهة، أو مسرطنة. إذاً، فهمت على الأرجح أن هذا الشراب ليس طبيعياً ولا صحياً.

لعل شراب الأغاف الوحيد الذي يحمل فائدة غذائية هو شراب الأغاف العضوي الخام. يُسخن هذا الشراب على دراجات حرارة منخفضة، لا تتعدى 45 درجة مئوية، ما يسمح له بالاحتفاظ بفوائده الغذائية والإنزيمات الطبيعية. كذلك يخلو من أي إضافات ومنتحات كيماوية. أضف إلى ذلك أن محتواه من الفروكتوز يتراوح حول 50% بدل 90% في أنواع الشراب التجارية. وفي أنواع الشراب العالية الجودة هذه، يتّحد الفروكتوز بأنواع سكر أخرى، ما يبطئ أكثر عملية امتصاصه في الجسم، ويجعل عملية استقلابه مختلفة عن قريبه التجاري. إذاً، إن رغبت في تناول شراب الأغاف، فقد يكون من الأفضل أن تختار صنفاً مماثلاً من دون تردد. تحقق من أن عبارة AB وكلمة “خام” واردتان بوضوح على الغلاف.

منتجات بديلة؟

من الضروري أن نذكّر أولاً بنقطة بالغة الأهمية: كل أنواع السكّر، حتى الطبيعي منها، مضرة إن استُهلكت بإفراط. لذلك من الضروري الحدّ إلى أقصى درجة ممكنة استهلاك كل أنواع المنتجات السكرية. فلا داعي لتناول الحلوى بعد كل وجبة. ولكن ما من مصدر مثالي يكون بديلاً للسكّر الأبيض، إليك بعض الحلول الأخرى التي يمكنك اللجوء إليها فضلاً عن شراب الأغاف. وحاول دوماً ألا تفرط في استهلاكها.

• الرابادور أو سكر القصب الكامل: يأتي من تبخير عصير قصب السكر.

في طريقة الإعداد التقليدية، يُبخر العصير تحت أشعة الشمس، وهكذا نحصل على سكر طبيعي غير معالج أو محوّل. يتألف هذا السكر من 80% من السكر (جزيء غلوكوز وجزيء فروكتوز)، 10% من الغلوكوز، 10% فقط من الفروكتوز، فضلاً عن أنه غني بالفيتامينات (B1، B2، B5، وE)، الأملاح المعدنية (بوتاسيوم، مغنيزيوم، كالسيوم، فسفور وحديد)، والأحماض الأمينية. تحد هذه المواد المغذية من الحموضة التي تعزز نمو البكتيريا المسببة للجير. إذاً، يُعتبر هذا النوع من السكّر أقل تسبباً للسرطان مقارنة بالسكّر الأبيض.

• شراب القيقب: يُنتج في كندا، وهو شراب بني عطر نكهته قريبة من الكراميل. يُبخر نسغ شجرة القيقب، الذي يُستخرج في نهاية فصل الشتاء وبداية الربيع، للحصول على الشراب. وبخلاف شراب الأغاف، يختفي الفروكتوز بالكامل من شراب القيقب خلال عملية التسخين. فعندما يتحد بالغلوكوز، يتحول إلى سكروز. كذلك يُعتبر شراب القيقب غنياً بالكالسيوم، البوتاسيوم، المغنيزيوم، المنغنيز، الفسفور، وأحماض عضوية. أيضاَ يحتوي شراب القيقب على أكثر من 20 نوعاً من مضادات الأكسدة التي تحمي جسمنا من الجذور الحرة. إذاً، يشكل هذا الشراب بديلاً لذيذاً للسكر الأبيض يمكنك استهلاكه بكميات محدودة. ولكن احرص على أن يتألف بالكامل من شراب القيقب الكندي.

• العسل: يُعتبر العسل الخام والطبيعي السكر الوحيد المتوافر بهذا الشكل في الطبيعة. يتألف السكر من نحو 40% من الفروكتوز، 30% من الغلوكوز، 20% من أنواع سكر أخرى، و10% من الماء. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي على مجموعة واسعة من الأحماض الأمينية، الإنزيمات، البروبيوتيك، الفلافونويدات المضادة للأكسدة، الفيتامينات، عدد من الأملاح المعدنية، ومضادات البكتيريا الطبيعية. ولكن من الضروري أن تختاره طبيعياً 100% وخاماً، أي أنه غير مسخن أو مبستر.

• الستيفيا: تُعتبر قدرتها على التحلية أعلى من السكر بنحو 45 مرة، ويستعملها سكان أميركا الجنوبية منذ قرون لتحلية المشروبات. تتمتع هذه النبتة بخصائص تخفض ضغط الدم وتحسن تحمل الغلوكوز، لذلك تشكل بديلاً جيداً للسكر بالنسبة إلى مرضى الداء السكري.

بالإضافة إلى ذلك، لا تسبب الستيفيا السرطان. لكن وجهها السلبي الوحيد أنها تملك نكهة قوية لا تتلاءم مع مختلف الأطعمة وأنها لا تذوب جيداً دوماً. بالإضافة إلى ذلك، عليك أن تستخدم كمية قليلة منها للتحلية كي لا تؤدي إلى طعم مرّ. ويمكنك زراعة نبتة الستيفا في حوض على شرفتك.

back to top