الاكتشافات النفطية الجديدة بين الحقيقة وسرية المعلومات و«التكتيك السياسي»
هل ستضاف إلى الاحتياطيات أم إلى إنتاج 4 ملايين برميل يومياً؟
تضاربت آراء الخبراء حول الإفصاح عن حجم وكميات الحقول الجديدة المكتشفة، فمنهم من يرى أنها سرية ومعروفة لدى الشركة، وسيتم الإفصاح عنها، ومنهم من يرى أن الإفصاح عن هذه الكميات ضرورة لكي يكون للإعلان قيمة.
طرح موضوع اكتشاف حقول ومكامن نفطية جديدة في الكويت العديد من الأسئلة، خاصة في توقيت إعلانه ولماذا لم يتم شرح أرقام هذه الحقول؟ وما تأثيرها على أسعار النفط؟وجاءت إجابات بعض خبراء النفط لـ"الجريدة" بأن مثل هذه الأرقام تعتبر سرية، وتأخذ اعتبارات أخرى كتكتيك سياسي، بينما يرى البعض الآخر أنه بدون الافصاح عن الأرقام لا يعني شيئا، ولو تم نشرها لشهدت أسواق النفط انخفاضا للاسعار، وتساءل البعض: هل هذه الاكتشافات ستضاف إلى احتياطيات الكويت ام ستكون ضمن خطة الانتاج للوصول الى 4 ملايين برميل يوميا عام 2020؟... واليكم التفاصيل:بداية، قال الخبير النفطي كامل الحرمي إن "هذه الاكتشافات لا تعني شيئا طالما لم توضح فيها الكميات التي تم اكتشافها"، مشيرا إلى ان الآلية المتبعة لدى الشركات العالمية في إعلان الاكتشافات تكون عبر خبر أولي يصدر من دائرة الاعلام، تعلن فيه عن اكتشافات نفطية، وتشير إلى انه ستكون هناك تفاصيل بالأرقام وحجم الاكتشاف عبر مؤتمر صحافي يعرض لاحقا، وهو ما لم يتبع في الاعلان الاخير للاكتشافات النفطية بالكويت.ضرورة الإفصاحوعما اذا كانت أرقام الاكتشافات النفطية يجب ان تكون سرية اشار الحرمي إلى ان "النفط ليس ملكا لشخص واحد، ومن يريد ان يكون للكويت شأن او اهتمام عالمي من قبل الشركات الكبرى فعليه ان يفصح عن تفاصيل هذه الاكتشافات، وغير ذلك لن يكون مجديا، مضيفا ان الاكتشافات النفطية الكبيرة، مثل حقل برقان بالكويت او غوار في السعودية انتهت.وعما إذا كانت هذه الاكتشافات ستساهم في وصول الكويت الى هدفها بإنتاج 4 ملايين برميل يوميا في 2020، قال إن "القطاع اليوم يعاني مشاكل عديدة لاسيما المتعلقة بإنتاج النفط"، لذا يجب "غسل يدينا" فالكويت لن تحقق اهدافها في الانتاج ما لم تستعن بالشركات الاجنبية.وأضاف انه "اذا كان إعلان الاكتشافات هدفه توصيل رسالة بأنه يمكن للكويت تعويض وقف إنتاج الخفجي فهي رسالة خاطئة، ويجب تأكيد ان الخفجي هو حق وجزء مكمل لإنتاج الكويت من النفط"، متابعا انه يخشى ان يكون توقيت اعلان الاكتشاف له ابعاد سياسية داخلية لا فنية، متسائلا: "اين موقع وزير النفط من هذا الاكتشاف ولماذا لم يكن في الصورة؟".واردف انه "لو تم الاعلان عن تفاصيل وارقام الاكتشافات لكان هناك انخفاض في اسعار النفط، واتمنى ألا يعلل أحد المسؤولين عدم ذكر الارقام بالخوف من انخفاض اسعار النفط". سرية الأرقاممن جهته، اكد المتخصص في شؤون النفط والطاقة د. محمد السلمان ان هذه الاكتشافات لم تكن وليدة اللحظة، فقد تم اكتشافها قبل سنوات، وجاء اعلانها بعد التأكد من التوصيف الكامل لحجم هذه الاكتشافات، مشيرا إلى ان سبب عدم ذكر اي تفاصيل حول ارقام وكميات هذا الاكتشاف هو السرية، فشركة نفط الكويت لديها الارقام، لكن الافصاح عنها سيكون في الوقت الذي تراه مناسبا، فهو "تكتيك سياسي"، لانه كلما زاد المخزون النفطي زادت حصة الكويت في "اوبك".ولفت السلمان إلى انه "ليس من الضرورة انه بإعلان الاكتشافات تهبط الاسعار، وقد يكون لساعات معينة للمتداولين في بورصة النفط، لان هناك احداثا وتطورات اخرى في العالم قد تؤثر في الاسعار لاسيما التجاذبات بين المعسكر الروسي والاميركي".واكد ان "الكويت تمتلك كميات نفط كثيرة للوصول الى هدفها لانتاج 4 ملايين برميل يوميا، لكن يجب ان تكون لدينا منشآت نفطية تستوعب هذا الانتاج، وهذه هي المعضلة الاساسية"، موضحا ان بعض حقول الكويت وصلت الى الشيخوخة، وتسعى الشركة الى عدم الانتاج منها، وادارة المكامن والحقول والمنشآت النفطية هي التي تحدد ان الكويت تستطيع تحقيق هدفها ام لا.وشدد على ان النفط المكتشف يعد من اجود النفوط، وسينعكس مستقبلا على سعر الخام الكويتي، مطالبا في الوقت نفسه بأن تسعى الكويت لتعظيم قيمة البرميل عبر الصناعات النفطية الاخرى مثل صناعة البتروكيماويات.قصور المعلوماتمن جانبه، ذكر خبير اقتصادات الطاقة د. مشعل السمحان ان "هناك قصورا في المعلومة، فالبيان كان بحاجة الى تفصيل اكثر طالما جاء على لسان رئيس الشركة"، مشيرا إلى ان المتابعين لهذه الصناعة كانوا ينتظرون معلومات عن الانتاج المتوقع منها، وهل ستتم إضافته الى احتياطيات الكويت او إلى الحقول التي ستنتج 4 ملايين برميل التي تسعى اليها الشركة.واكد السمحان ان مثل هذه الاكتشافات يؤثر على اسواق النفط، خاصة ان هناك اكتشافا تم اعلانه في لندن، ويعطي تطمينات للاسواق الحالية والمستقبلية، مشيرا الى انه "اذا كان الهدف من الاعلان تغطية إنتاج الخفجي أو غيره، فالشركة غير معنية بذلك، لان هذه الامور يجب ان تكون عبر تصريحات الوزير، لانها بالاصل مشاكل سياسية لا فنية".واوضح ان "شركة نفط الكويت لم تحقق اهدافها خلال السنتين الماضيتين، وهو ناقوس خطر ورسالة على اننا لن نصل إلى الاهداف لعام 2020"، متابعا: "اليوم يجب الا نتحدث عن اكتشافات جديدة، بل عن قدرات كافية لتحقيق ما هو موجود في الخطة، وتعظيم الخبرات والقدرات، وان ما يأتي بعد ذلك من اكتشافات لا تخدمه المرحلة قصيرة المدى".