وجهة نظر : اليورو... والحاجز النفسي
الاتحاد الأوروبي في وضع اقتصادي لا يحسد عليه، واستمرار تراجع سعر صرف اليورو، الذي سجل أمس أدنى مستوى له أمام الدولار في 11 عاما، ما هو إلا انعكاس لهذا الوضع. وبحد ذاته، يشكل هذا التدهور الذي وصل إلى مستوى 1.10 دولار، أي الحاجز النفسي الذي كان يراهن عليه جمع كبير من المضاربين، مؤشرا سلبيا إضافيا بسبب ما يدفع إليه من زيادة في حجم المعروض من العملة الأوروبية في الأسواق نتيجة قيام المضاربين بالعملات بالتخلص من مراكزهم الغنية باليورو.
العرض والطلبالبنك المركزي الأوروبي لم يأت بجديد أمس بشأن برنامج التيسير الكمي، أي شراء السندات السيادية، الذي بدأ تنفيذه هذا الشهر، كما أبقى الفائدة عند مستواها السابق، ولم يكن في بيانه ما يبرر الضعف القياسي الذي شهده اليورو أمس.وعلى الأرجح فإن السوق قد تأثر بتداعيات الأزمة الراهنة في جانب العرض، حيث كانت أحدث التقارير قد أكدت تباطؤ معدلات النمو في عدة قطاعات اقتصادية خلال شهر فبراير الماضي، ومن أهمها قطاع الخدمات في ألمانيا، بينما لم تكترث الأسواق بجانب الطلب الاستهلاكي الذي أشارت بياناته إلى ارتفاعه بنسبة 1 في المئة، وهي نسبة متدنية إذا ما قيست بحجم الوفر الذي حققه المستهلك الأوروبي في فاتورة الوقود بعد الانخفاض القياسي الراهن في أسعار النفط. ويسهم وضع اليونان في مزيد من التداعيات السلبية، حيث لم تتوافر بعد بيانات تشير إلى تحسن الوضع الاقتصادي في اليونان، بل وخلافا لذلك، شهد معدل البطالة في قراءته الجديدة المعلنة أمس عن الربع الأخير من العام الماضي زيادة، وان كانت طفيفة، إذ بلغ 26 في المئة مقابل 25.9 في المئة. كما بات هاجس خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي أكثر حضورا من ذي قبل.النمو الأميركي عامل ضغط على اليورو كما لا ينبغي صرف النظر عن المؤشرات الإيجابية الآتية من الولايات المتحدة، فهي تشكل عامل ضغط إضافيا مباشرا على اليورو، وغير مباشر على الاقتصاد الأوروبي. وكان أحدث هذه المؤشرات زيادة حجم الإنفاق الاستهلاكي الخاص، مع توقع تسارع وتيرة نموه في الفترة المقبلة.وتترقب الأسواق الأوروبية اليوم الجمعة بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة، وهذه إن حفلت بنتائج مشجعة وملموسة، مثل تراجع معدل نمو البطالة، فان من المرجح أن ينهي اليورو أسبوعه هذا دون مستوى حاجزه النفسي أمام العملة الأميركية.* أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت