لم يؤثر فيّ إنسانياً بشكل عميق من أخبار الأسبوع الماضي، رغم طفح نشرات أخبارنا بمآسي الحروب التي اعتدنا عليها، كما أثر فيّ استبعاد أطفال من أبناء المقيمين في البلاد بصورة غير قانونية، أو ما هو متعارف عليه بتسميتهم بـ»البدون»، من المشاركة في عرض أوبريت «البيت العود» الوطني، الذي حضره سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وولي عهده الشيخ نواف الأحمد، ورجالات الدولة والضيوف.

Ad

عملية الاستبعاد - مما تسرب من أخبار - جاءت من مسؤولين في وزارة التربية، شملت عشرة أطفال غير محددي الجنسية، أتموا التدريبات مع أقرانهم الكويتيين في كل مراحل الأوبريت واستوعبوا أدوارهم فيه، ولم يكن هناك سبب وجيه فنياً أو قانونياً لحرمانهم من المشاركة في تأديته سوى تقدير فردي من مسؤول في وزارة التربية أو قرار أكبر على مستوى الحكومة، وفي الحالتين فإنه قرار خلا من الرحمة وتقدير نتائجه على أطفال لا ذنب لهم جنوه، وهو أمر سيكون له تبعات نفسية عظيمة على حياتهم ومستقبلهم، ورغم نفي وزير التربية د. بدر العيسى للواقعة فإن ولي أمر طالبة مُستبعَدة أكد أن ابنته كانت مستوفية لكل المتطلبات ولا تعاني عوارض صحية تبرر استبعادها من أداء الأوبريت.

والغريب أن الدولة تسمح لأبناء هذه الفئة بالانضواء في السلك العسكري وحمل السلاح ولا تسمح لأطفالهم بالمشاركة في أوبريت غنائي وهي مفارقة تستعصي على الفهم، وشاذة عن المنطق  والعقل، فرغم أنني أرى أن معالجة قضية «البدون» يجب أن تكون بالغة الحزم والدقة لعدم قدرة تركيبة المجتمع الكويتي على استيعاب أي عمليات تجنيس واسعة جديدة، فإنها يجب أن تكون أيضاً مغلّفة بطابع إنساني شامل.

  ولذلك نبارك ما قامت به اللجنة المركزية لمعالجة القضية برئاسة العم الفاضل صالح الفضالة من توفير معظم الخدمات الإنسانية لـ»البدون» الذين يُعدِّلون أوضاعهم، وكذلك الامتيازات الكبيرة التي تُمنَح لمن يكشف عن جنسيته الحقيقية، بالإضافة إلى ما قُدِّم لتلك الفئة من بطاقات إقامة ممتدة ووظائف في القطاعين الحكومي والخاص، وكذلك إمكانية تجنيس أصحاب التخصصات العلمية العليا وأصحاب المواهب النادرة منهم.

  ولكن المؤسف، في خضم كل هذا الجهد المميز للكويت تجاه هذه القضية المهمة والحساسة تأتي الممارسة السلبية في الأوبريت الوطني لتجرح مشاعرنا جميعاً، وتجعلنا نحزن ونطالب بردة فعل من الحكومة لجبر الضرر بأي شكل ممكن تجاه هؤلاء الأطفال البدون المُستبعَدين، وأعتذر، بشخصي البسيط كمواطن كويتي، لهم وأُقبِّل رؤوسهم جميعاً، وأقول لهم إن الكويت «البيت العود» بإنسانية وطيب أهلها تسع الجميع بمن فيهم «البدون» وفقاً لأنظمتها وقوانينها وسيادتها الوطنية.