لم ينجح باحثو العلاقات الدولية في تحديد نموذج تحليلي مناسب لدراسة المتغيرات التي تؤثر وتتأثر بها دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة، أقول ذلك ونحن على أبواب قمة الدوحة، فإن نظرنا إلى الخلف وجدنا خلافات قد انتهت وصدعاً تم رأبه، وإذا نظرنا إلى الأمام فسنجد فرصاً وتحدياتٍ أمام دول المجلس. ومهما اختلفنا حول الأطر التحليلية في حقل العلاقات الدولية تبقَ حالة دول مجلس التعاون الخليجي خاصة، وتستدعِ أدوات تحليلية خاصة مستوحاة من علوم الإدارة والاقتصاد، لنستطيع تحديد العوامل والمحددات الداخلية والخارجية وقياس مدى انعكاسها على التغيرات الجيوستراتيجية، وتتمثل الخارجية منها في السعي إلى تحديد الرؤية المشتركة تجاه القضايا العربية كمستقبل مصر وليبيا والعراق واليمن وسورية، أما الداخلية فهي السعي إلى البحث عن عوامل لتعزيز الاندماجية الخليجية، فما المنتظر من البيان الختامي الخليجي؟

Ad

أولاً: من المتوقع أن يتطرق الشق الجيوسياسي من البيان الختامي إلى ضرورة رسم وتحديد استراتيجية للتعامل مع الانخفاض في أسعار النفط وتأمين الإمدادات النفطية والاستعداد لضمان تدفق النفط للأسواق العالمية بسعر متفق عليه من قبل الأغلبية طبقاً لاجتماع "أوبك" الأخير.

ثانياً: من المتوقع أن يتطرق الشق الأمني من البيان الختامي إلى استراتيجية لحماية المنطقة من انتشار الشبكات الإرهابية والتي تتخذ من الدول الفاشلة مرتعاً، ومن الجهلة والمرتزقة جيشاً، لذا فمن الواجب الضغط على المجتمع الدولي لمساعدة الدول المجاورة لدول الخليج والتي خضعت لحركات ثورية مؤخراً باستعادة قوامها الإداري والأمني الصحيح، واستعادة مؤسساتها التعليمية والاجتماعية دورها المناسب.

أما النزاعات الداخلية فعلى دول المجلس، بعد المصالحة الأخيرة، السعي إلى التمسك بالحوار وإنشاء هيئة لتسوية المنازعات وحل الخلافات داخل البيت الخليجي الواحد، أما في الخارجية فتبرز الحاجة إلى صياغة موقف سياسي مشترك كوسيلة لنزع فتيل الأزمات بكل أشكالها.

ثالثاً: أما في ما يخص الشق الاقتصادي، فمن المتوقع أن يدعو البيان الختامي إلى رسم استراتيجية للتعامل مع تداعيات تدهور أسعار النفط على مجريات السوق المالي، وذلك بعد تراجع الأسواق الخليجية متأثرةً بتردي أسعار النفط ومتشابكة مع تباطؤ النمو ببعض الأسواق العالمية، وكما ذكرنا في مقالات سابقة، أثناء ارتفاع أسعار النفط، أهمية الحاجة إلى تكريس جزء من الفوائض النفطية لتعزيز هياكل الإنتاج النفطي.

بالإضافة إلى الإسراع بالآلية التنفيذية للخطط التنموية، واليوم وبعد بروز التداعيات الاقتصادية هل ستشهد دول الخليج عصراً تنموياً أم سياسات للتقشف وضبط الإنفاق؟ الإجابة لدى القادة بقمة الدوحة.