رغم كل الهجوم والانتقادات العنيفة التي تزخر بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تجاه حكومة سمو الشيخ جابر المبارك، والتي أدت إلى ما يشبه حالة الإحباط الشعبي الواسع، فإنني مازلت أحمل أملاً بأن تلك الحكومة مازال أمامها فرصة ذهبية لكي تحقق إنجازات غير لم تحقق طوال الثلاثين عاماً الماضية، إذا ملكت الإرادة لتحقيق ذلك، إذ إن الظروف السياسية بالنسبة إليها أكثر من ملائمة وممتازة، وكذلك الحالة الاقتصادية، رغم هبوط أسعار النفط الذي مازال سعره بعيداً عن خط الخطر، الذي يوازن الموازنة العامة للدولة، بالإضافة إلى توقعات الخبراء النفطيين بعودة ارتفاع أسعاره في الشتاء.

Ad

وفي المجمل فإن الشيخ جابر المبارك لديه بيئة ملائمة لكي يرفع حالتي الإحباط والتململ الشعبي، إذا قرر ذلك، فالرئيس غير مكبّل بالتزامات تجاه قوى سياسية معينة، والمجاميع المقربة منه تدعو إلى إنجاز المشاريع التنموية الكبرى والإصلاح الاقتصادي، وهو ما يستطيع أن ينفذه من خلال رقابة فاعلة على الأجهزة الحكومية المعنية بتلك المشاريع، وتعديل قرارات الإصلاح الاقتصادي، لتكون بهيئة معتدلة، وتحقق العدالة الاجتماعية.

المطلوب أيضاً أن تتخلى حكومته عن الأوهام المتمثلة بما يسمى بالخطط التنموية الخماسية وغيرها، فقد ثبت أننا لا نستطيع تطبيق خطط تنموية كبرى، فلا أجهزة الدولة ولا كوادرها قادرة على ذلك منذ عام 1986، لذلك يجب أن تُستبدل بأهداف وطنية استراتيجية مختصرة ومركزة بدلاً من الخطة الضخمة التي تضيع بين أجهزة الدولة وتتسرب وتهدر أموالها دون طائل.

الأهداف الوطنية يجب أن تكون مركزة ومحددة بحزمة مشاريع وتشريعات يمكن أن تنفذ على المديين القصير والمتوسط، يحسهما الناس ويتلمسونهما في حياتهم اليومية، ليتم رفع حالة الإحباط الحالية الخطيرة التي تؤدي إلى الشعور باللامبالاة التي تدمر الأوطان، لذا فإن وضع أولوية لمشاريع تنموية كبرى وبدء تنفيذها خلال الاثني عشر شهراً المقبلة سيكون له أثر إيجابي بليغ على البلد، مثل مشاريع مطار الكويت الجديد، وتوسعة وبناء مستشفيات، ومترو الكويت، بالإضافة إلى مدينة الحرير، والمدن الإسكانية الجديدة.

وعلى المستوى التشريعي، فإن المواجهة الجدية مطلوبة تجاه من يعطل إقرار قانون المناقصات الجديد، لمعالجة حالة مشاريع الدولة المنهوبة والمعطلة، وكذلك مراجعة قانون الـB.O.T، وما يمكن أن يؤدي إليه من سلبيات، وإصدار تشريعات بعقوبات مشددة تجاه من يثير المشاجرات، ويحمل السلاح الأبيض في الأماكن العامة، لمعالجة الهاجس الذي يؤرق الأسر الكويتية والمقيمين على سلامتهم، ويهدد الأمن العام، بالإضافة إلى ضرورة البدء بتشريعات كشف الذمة المالية المهمة المعطلة عن التنفيذ منذ صدور القانون قبل أكثر من عامين.

سمو الرئيس، باختصار تملك كل المقومات المطلوبة لتُخرج البلد من حالته الحالية، ولذلك مازال لديّ أمل أن الموسم السياسي الجديد يمكن أن يحمل أحداثاً مختلفة تبعث بالأمل، فلا يوجد من يناكف الحكومة ويعطل أعمالها في مجلس الأمة، ومعظم الوزراء أمضوا الفترة المطلوبة للتعرف على وزاراتهم وطبيعة عملها، واختيار الطاقم المعاون لهم من القياديين والمستشارين، لذا فإنني لم أفقد الأمل في حكومتكم، وأتطلع مع كثر إلى عهد من الإنجازات في فترة تمثل فرصة ذهبية لسموكم، للتأكد أن «عز» الكويت مستمر ولن يغيب.