يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي أن ثمة آليات عدة وطرقاً يمكن من خلالها جذب مختلف شرائح الجمهور إلى السينما، من دون التقيد بزيادة المساحة المخصصة لنسخ الأفلام الأجنبية، موضحاً لـ «الجريدة» أن المزيد من القاعات يُخصص للأعمال التي تحظى باتفاق الجمهور، فثمة أفلام جيدة التف حولها جمهور المشاهدين، وعانت أزمة عدم تخصيص دور عرض كافية لها، ما تسبب في حالة من العزوف، بالإضافة إلى تحديد معايير تفرز الأعمال الجيدة والتركيز عليها. وتابع: {لا أقصد حجب الأفلام الأخرى، ولكن لا بد من مزيد من المجهود لإبراز أعمالنا التي تستحق، ناهيك بضرورة تطعيمها بعناصر الجذب}.

Ad

أضاف الشناوي أن {خفض سعر التذاكر سيكون عاملاً مهماً جداً لملء القاعات بالجمهور من دون الاضطرار إلى إعطاء هذه المساحة الهائلة للأفلام الأجنبية، فغير مقبول تخطي الحد القانوني لمثل هذه الأفلام من تسع نسخ إلى 19 ودراسة وصولها إلى 30، في الوقت الذي يجتهد فيه كثير من القيمين على أمر السينما المصرية المحلية ويعززون محاولاتهم المشرفة لصناعة أفلام جيدة تبتعد عن سينما العصابات والكوميديا الهزلية، لذلك علينا تشجيعهم للحد من المساحة المخصصة لهم في مقابل زيادتها للأفلام الأجنبية}.

مستقبل السينما

اختتم الشناوي كلامه، مؤكداً أنه في حال حسم المعركة بين المنتجين الموافقين والمعارضين، لصالح زيادة الأفلام الأجنبية فإن ذلك سيكون تخلياً عن حماية مستقبل السينما المصرية، إلى جانب سلبيات أخرى كالتدخل العنيف أخيراً من الرقابة في الأعمال الإبداعية وحجب بعضها رغم تصدير خطاب رسمي يناقض ذلك. لذلك على الجميع عدم التسرع في أي قرارات أخرى غير مدروسة جيداً، من دون إدراك  أبعادها كافة، خصوصاً الضارة منها على مستقبل سوق الأفلام المصري.

 كذلك أبدى المنتج والمؤلف محمد حفظي انزعاجه الشديد من دراسة زيادة الأفلام الأجنبية، قائلاً إن المحرك الوحيد لمثل هذه القرارات هو السعي وراء أهداف ربحية بحتة، فحينما يسمح مسؤولو الدولة بغزو السينمات الأجنبية وأفلامها السوق المحلي وما ينتجه، فإن ذلك هدفه  الحصول على ضريبة من الإيرادات قدرت بـ 20%، من دون النظر في الأخطار التي ستحيط جراء ذلك بالأعمال السينمائية المصرية.

وأوضح حفظي أنه لا يقف ضد عرض أفلام أجنبية في الداخل المصري، ولكنه يعترض على منح زيادات غير مطلوبة والإفراط في تخصيص مساحات لتلك الأفلام خارج النطاق الطبيعي لأهداف تجارية غير مسؤولة، مشيراً إلى أن ثمة مشكلات أخرى يجب التفرغ إليها بخلاف تلك القضايا التي تنتج منها حالة جدل غير مجدية، فأبرز مشاكلنا هي «ميزانيات الأعمال» التي تشكل عائقا أمام مزيد من الأعمال الجيدة وظهورها على الساحة، فالفنيون وليس الفنانون يبالغون في أجورهم بشكل غير طبيعي، وحسم موقف موحد ضد تلك القضية الشائكة يشجع على حالة تدفق للأعمال بدلا من اللجوء إلى حلول ضارة على المدى البعيد كزيادة عرض الأفلام الأجنبية.

مساحات نوعية

يرى المخرج أمير رمسيس أنه ليس سهلاً أن {تتخذ موقفاً مع زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبي أو ضدها، فثمة أعمال أجنبية يجب أن نحارب كي يشاهدها الجميع، وأخرى نرفض زيادة المساحات المخصصة لها، وأغلب الظن أنه ستتاح مساحات لنوعية بعينها تمتاز بكونها تجارية استهلاكية، في حين أضع ثقتي كاملة في أن شباب الجيل الحالي للسينما المصرية يستطيعون تقديم أفكار ومناهج جديدة تساعد على تطوير السينما وحماية مستقبلها}.

وأضاف رمسيس أن الموزعين وملاك دور العرض وعدداً من المنتجين لا ينظرون بعين {الفائدة} إلى مصالح العاملين في هذا المجال في مصر، وهدفهم الوحيد  جذب الجمهور لأفلام أجنبية تزاحم المصرية وتنافسها وقد تتفوق عليها حال تركيزها على مضامين جنسية أو كوميدية سطحية. بالتالي، فإن إعادة الرواج لقاعات العرض المصرية يكون بتهيئة الأجواء وحل الأزمات والمشكلات التي تعوق سينما الداخل، ثم ننظر في أمر مزيد من أفلام الخارج، وعدم تركيز الاهتمام على عرض الأفلام التي تحقق المكاسب المادية للمنتجين.

من ناحيته دافع الموزع السينمائي أنطون زند عن الأمر، قائلا لـ {الجريدة} إنه لا يجب الخلط بين سوق الأفلام المصري وبين الأجنبي، فلكل منهما قواعده ورواده، وليس صحيحاً أن أحدهما يؤثر على الأخر بالشكل المبالغ فيه الذي يتم به انتقاد المساعي الأخيرة لزيادة حصة الأفلام الأجنبية، مشدداً على أن المنتج السينمائي الجيد قادر على فرض نفسه على الساحة بغض النظر عن جنسيته والمساحة المتاحة له في دور العرض.

واستطرد زند أن زيادة النسخ الأجنبية من الأفلام ستشجع السينمات على توسيع دور العرض، وتجهيز قاعات وشاشات إضافية بما يعود بالنفع على المجال الفني وصناعة السينما في أحد أوجهها، ويعمل على تحريك المياه الراكدة وتحفيز صانعي الأفلام العربية على تجويد منتجاتها لتجاري آخر التطورات في السينما العالمية.