احتيال موسيقي
![فوزي كريم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1498033753948674500/1498033754000/1280x960.jpg)
«ولكن شيئاً أمسك بكاحلي وصار يسحبني إلى الأسفل... والصوت يتناءى مع تدفق الماء في أذني، وفجأة لم أعد أستطيع التنفس، وفقدت الوعي. حينها استيقظت». ترك سريره واتجه إلى آلة البيانو، وحين ضرب على المفاتيح بأصابعه لم يسمع صوتاً، فبدأت لحظات ذعره. صار يضرب أذنيه، يضرب رأسه على الجدار، وفي لحظة وجد نفسه غارقاً ببركة من دمه...».هكذا عرض صممه، وهو في ذروة فيضه الموسيقي، على الناس. وحين قدم عمله «سيمفونية هيروشيما» كانت عواطف الناس جاهزة لرفعه إلى مصاف بيتهوفن. وارتفع فعلاً، حتى بيع من العمل أكثر من مئة ألف نسخة، كما عُزف كتعبير وطني مناسب بعد كارثة السونامي التي اجتاحت اليابان عام 2011. وفي استفتاء حول أهم عشرين مؤلفاً موسيقياً يابانياً آنذاك كان هو المؤلف الموسيقي الحي الوحيد بينهم. في حوار مع مجلة التايم يقول حينها: «إذا ما وثقت بحاسة الصوت الداخلية، فأنت تخلق شيئاً ما حقيقياً. إنه يشبه تواصلاً قلبياً. إن فقدان سمعي كان هبة من الله». هذه اللغة النظرية المتسامية مألوفة في نسيج اللغة النقدية، في كل الأزمان، وكانت سيرته الذاتية التي وضع لها عنوان «السيمفونية رقم واحد»، تيمناً بسيمفونية هيروشيما، ذات شعبية شأن أعماله الموسيقية.ولكن هذه الهبة الإلهية التي تواصلت بسلام حتى مطلع 2014، حُجبت عن السماء فجأة، حين طلع نيشاكي ناغاكي على الناس، وهو مؤلف موسيقي، في مؤتمر صحافي، ليعلن أن صمم السيد ساموراغوشي ادعاء لا صحة له، وأن كل موسيقاه التي صدرت عبر السنوات لم تكن له، بل هي من نتاجه هو: نيشاكي ناغاكي:«إنني لم أشعر مطلقاً بأنه كان أصماً، فلقد كنا نواصل الحديث المتبادل في لقاءات العمل». ناغاكي أبلغ الصحافة بأنه استلم عبر 18 سنة قرابة 69 ألف دولار، عن قرابة عشرين عملاً موسيقيا ألفه ووضعه تحت اسم ساموراغوشي. لقد كان المؤلف الحقيقي لأعمال بيتهوفن اليابان، يتقاضى على كل عمل يكلفه به ساموراغوشي مبلغاً مغرياً من المال صار يعتمده في معاشه، ولا يمانع معه من الصمت عن الحقيقة. وكعادة اليابانيين ذهب يعتذر من الجمهور، الذي أسهم في خداعه، بالانحناءات المتواصلة. بعده بأيام ظهر ساموراغوشي هو الآخر معترفاً، وبانحناءات أكثر تواصلاً من ناغاكي.لقد اختفى تدريجياً عن الأنظار، شطب على تلفونه الشخصي، وعلى عنوانه الإلكتروني، باستثناء بضعة أصدقاء معدودين. معتزلاً الناس مع زوجته وقطته. ولكنه ربح عقدين من الزمان غنيين في المال والشهرة.