{متحيز} أعادت فتح الملف... الأغاني الوطنية بين صدق الحالة وتملق أنظمة الحكم

نشر في 13-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 13-10-2014 | 00:01
فجرت أغنية محمد منير الوطنية {متحيز} جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، فبينما اعتبرها البعض نقلة في مشواره الفني، رأى البعض الآخر أنها سوء خاتمة لفنان غنى للوطن بتجرّد، وحلقة في سلسلة نفاق السلطة عبر الأغاني المسماة بالوطنية. هنا ترتسم علامة استفهام: متى تكون الأغنيات «مغازلة للسلطة» ومتى تكون لسان حال الشعب؟
عقب ثورة 25 يناير، برزت تجارب غنائية ومشاريع فنية جسدت الحالة السياسية للبلاد آنذاك، أما الأعمال الغنائية التي ظهرت  في الفترة الأخيرة، فيعتبرها البعض ترويجاً للسلطة الحاكمة وأفكارها وتوجهات النظام القائم، وتراها فئة ثانية {مؤقتة} ومتلونة بحسب بوصلة النظام السياسي.

في حقبة الستينيات مجدت الأغاني الوطنية السلطة ممثلة بقائدها عبد الناصر الزعيم والإنسان، وسنة 1967  حفزت الناس على النضال وحاولت معالجة آثار النكسة والعدوان، ليتمكن الجيش والشعب  من خوض حرب والانتصار على إسرائيل العدو الأبرز.

 ثم كانت حرب أكتوبر 1973، التي قدمت خلالها أغانٍ  تمحورت حول الوطن وانتصاراته وبقيت  في الذاكرة لغاية اليوم، ولم يتهمها أحد بأنها تمجد السلطة بل تعبر عن حالة وطن، تماماً مثل حقبة الستينيات حيث الأغاني أقرب إلى ترجمة آمال الشعوب وأحلامها وإحباطاتها.

ظاهرة قديمة

يعبّر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، في تصريحات  أخيرة له،  عن استيائه لما وصل إليه حال الأغنية الوطنية في مصر، وتحولها إلى وسيلة لنفاق السلطة ودعم الرؤساء، على حد قوله، مشيراً إلى أن ذلك نوع من التدني، مؤكداً أن هذه الظاهرة تعود إلى أيام الحكم الملكي حينما غنى محمد عبد الوهاب أغنية «الفن»، وكانت، بحسب الأبنودي، إشادة باهتمام فاروق بالفنون ورعايته لها.

يضيف: «في فترة حكم الرئيس عبد الناصر انتشرت أغنيات تمجد ثورة يوليو وما تم من إنجازات، غير أن «العيار انفلت» في عهد السادات ومن بعده مبارك وصولا إلى اليوم».

يختتم الأبنودي حديثه بأن وصول تلك الأعمال إلى حالة متدنية يبعد عنها صفة  {الأغنية الوطنية}، في ظل دأب الشعراء الحاليين على تقديم صور جديدة من النفاق والرياء، من دون ذكر اسم الرئيس بشكل مباشر، مع الاكتفاء بتمجيد صفاته والإشارة إليه بشكل واضح، لذا ستظل الأغاني الجيدة محفوظة في وجدان المصريين وتراثهم الغنائي، فيما تذهب الأعمال الحالية هباء.

بدوره، يهاجم الناقد الفني طارق الشناوي الأعمال المنتشرة على الساحة ويصنفها بـ {أغان حماسية وطنية}، مؤكدا أنها لا تستحق غير ذلك، وعلى المستويات كافة، سواء من ناحية الكلمات والألحان أو الإخراج، واصفاً إياها بالفقيرة.

يضيف: {مع بداية عهد مبارك، اتسمت {الأغنيات الحماسية} بالهدوء الحذر، تحديداً ما يخص التغني بمزايا الحكم وحكمة القائد الرئيس، لكن في الثلث الأخير من عصر مبارك، طغت الأغنية الوطنية الحماسية عموماً والرياضية خصوصاً، كترجمة للإنجازات الرياضية الدولية وعبرت عن أحداث لا علاقة لها  بحياة المواطنين البسطاء ومشاكلهم}.

يرفض الشناوي المساواة بين الأعمال التي احتفت بدوائر رسمية في السلطة، مشيراً إلى أن الأغاني الخالدة ما زالت صالحة وباقية في ذاكرة المصريين والعرب، لأنها وطنية بالمعايير كافة، والأساس في أي ذكرى للاحتفالات والإنجازات، بدليل أنها تصدّرت ثورة 25 يناير وكأنها صنعت من أجلها.

تعبير عن حالة

يرى المطرب الشاب شريف عبد المنعم أن التعميم والأحكام المطلقة على الأعمال مسألة غير منطقية ومرفوضة، مؤكداً أن ثمة أعمالاً صدرت حديثاً تعبر عن حالة تعيشها قطاعات عريضة من الناس مثل {بشرة خير}، التي تجاوب معها الجمهور وحققت ضجة لفترة ليست قصيرة.

يضيف أن أول ألبوماته كان وطنياً ولم يتضمن أي أغنية عاطفية أو تتحدث في سياق خارج الحس الوطني، مشيراً إلى أن تلك النوعية من الأغاني بات لها متلقون يزدادون يوماً بعد يوم، ما يعكس {اهتماماً حقيقياً}، وليس تجارياً من الجمهور، بالوطن وهمومه، لافتاً إلى أن ذلك يدفع الفنان لبذل أقصى ما لديه لنقل رسالة إلى الناس من خلال عمل يحمل مقومات الفن الحقيقي.

من المبكر الحكم على أغنية منير الأخيرة، برأي الناقدة ماجدة خيرالله، واصفة إياها بأنها تعبر عن السياق التاريخي، وتعكس حالة الناس، وقد تلقى رسالته قبولا أو رفضاً.

تضيف: {تكمن الأزمة في اعتبار أي أغنية أو عمل يقترب من السلطة مجرد {تملق مفضوح} لأنظمة الحكم}، مشيرة إلى أن تلك النوعية من الأعمال لا تلاقي إعجاب الشرائح كافة، {ففي ثورة يناير ناهضت مجموعة مؤيدة للنظام القديم أي تجارب فنية جديدة، ورفضت الأغنيات التي ظهرت حينها وستظل ترفضها، في المقابل  ثمة من يرى أن ما يفعله مطربو المرحلة مجرد نفاق للسلطة}، لافتة إلى أن المعيار في ذلك هو مدى بقاء الأغنية ومدى تعبيرها عن حياة الناس.

back to top