يعد سوق المباركية من المعالم التراثية والسياحية التي يقصد وجهتها العديد من الزوار والسياح في دولة الكويت، ما دفع إلى الاهتمام بهذه المنطقة من خلال تطويرها لإظهارها بحلّة جديدة تحافظ على الجانب التراثي وتبرزه من الناحية الجمالية.

Ad

«الجريدة» جالت في منطقة المباركية التي تعد من أبرز معالم البلاد التراثية، للتعرف على مدى تأثرها بالتطوير الذي شهدته في الآونة الأخيرة، حيث التقت عدداً من أصحاب الأنشطة التجارية ورواد المنطقة الذين بينوا أنها مازالت تفتقد بعض المتطلبات التي يحتاج إليها الرواد، الى جانب تأثر الحركة السوقية لأصحاب المتاجر.   

في البداية، أكد أحمد محمد، وهو مدير أحد الأنشطة التجارية بمنطقة أسواق المباركية، أن المنطقة تحتاج الى المزيد من الاهتمام والنظافة والترتيب وتجميلها والمحافظة على الوجه التراثي، أما بالنسبة لحركة روادها فنجدها أصبحت وجهة سياحية، إلا أن الحركة السوقية لم تنتعش، ولم تصبح أفضل من السابق، ما لم تكن أقل منه.

وبيّن أن عملية تطوير المنطقة حافظت على الوجه التراثي، لتكون من الوجهات السياحية بالدولة، التي يرتادها كثير من السياح والرواد، إلا أن هناك بعض العقبات التي يواجهها الزوار، والتي لم يطلها الاهتمام في ظل ما تم من تطوير، نظرا لمعاناة زوار المنطقة التي بات العديد منهم يعزف عن التوجه إليها، والتي من أبرزها عدم إيجاد مواقف السيارات، كفيلة بتحمل كثافة رواد المنطقة، ما تسبب في وجود عقبة تحول دون استقطاب المنطقة عددا أكبر من الزوار، إضافة الى ما تعانيه من قلة المرافق العامة كدورات المياه التي تعد من أهم المرافق التي يحتاج إليها الرواد، مشيرا الى أن تطوير المنطقة خدم بعض أصحاب العقارات الواقعة بها، لكونهم رفعوا أسعار إيجارات المحال.

تطور لافت

 من جانبه، قال محسن الحمدي، صاحب متجر بالمنطقة، إن التطور الذي شهدته المنطقة لافت للنظر، حتى أصبح أحد المعالم التي يشار لها، وأصبح وجهة أغلب الخليجيين وغيرهم من زوار البلاد الذين يقصدون زيارة السوق، نظرا لما له من طابع خاص يجسد التراث الكويتي، ولاسيما بعد أن تمت إعادة إحياء الروح التراثية لهذا السوق، حيث شهد تنظيفا وترتيبا وتعديلا، حتى أصبح واجهة للبلد، وأرى أن مردود السوق أصبح خلال السنتين السابقتين أفضل مما كان عليه في السابق.

وأضاف أن هناك أموراً تحتاج الى إعادة نظر وتسليط الضوء عليها، لكون رواد المباركية بالذات يشتكون قلة المرافق العامة، فالمرافق الصحية غير متوافرة لتلبية احتاجات الرواد، ما يحتم على بعض الرواد اللجوء إلى مرافق المساجد الموجودة بالمنطقة، أو أن يطول انتظاره ليتمكن من قضاء حاجته في المرافق العامة التي لا تزيد على مرفقين، ويزدحم عليها أصحاب الحاجة من الرواد، الى جانب قلة مواقف للسيارات التي لا تتسع لركن سيارات المرتادين.

وزاد أن كثيرا من الناس يغيرون وجهتهم ويبتعدون عن التوجه لمنطقة أسواق المباركية، أما من الناحية التسويقية، فمنذ أن تم تطوير المنطقة وإحياء الوجه التراثي للمنطقة الذي تضمن تبليط الأرضيات وتسقيف السوق وإعادة الاهتمام بالمنطقة، فقد أصبح السوق أفضل من الأول بنسبة تقارب 30 في المئة.

رفع الإيجارات

 وأضاف: نرى أن تطوير المنطقة أصبح عكسيا على أصحاب الأنشطة التجارية بالمنطقة، حيث بدأ الجشع على أصحاب بعض العقارات بالمنطقة، لأن بعضهم لجأ الى رفع إيجارات المحال التابعة لعقاراتهم على المستثمرين، بمعدل 20 الى 25 في المئة، ما يتسبب في عجز لبعض أصحاب المحال عن سداد ايجاراتهم في الفترات التي لا تكون فيها مواسم، على الرغم من أن الدولة هي التي عملت على تطوير المنطقة، من دون أن تكون عليهم أي كلفة.

وقال: كان من المفترض أن تكون ضمن استراتيجية تطوير المنطقة الزام أصحاب العقارات الواقعة بها عدم استغلال ذلك التطوير، وعدم رفع الإيجارات إلا بعد مضي فترة يتم تحديدها، على ألا تقل عن 10 سنوات على الأقل من بعد التطوير.

منطقة تجارية

 من ناحيته، قال جميل الأسيوطي صاحب أحد محلات بيع الأقمشة الرجالية بالمنطقة، إن «أسواق المباركية تعتبر من أهم مراكز التسوق في البلاد، سواء للكويتيين أو السياح، ومنذ 3 سنوات ماضية بدأ الاهتمام بالمنطقة، حيث شهدت تطويراً بها كمنطقة تجارية ذات طابع تراثي، وذلك بترصيف وتجميل الساحات والميادين والأسقف والإنارة وما شابه، لتكون منطقة جاذبة للسياحة المحلية والخليجية والعربية، نظراً لما تتمتع به من مطاعم وساحات مفتوحة وأسواق تراثية، وسط طابع تراثي يعيد للأذهان حلاوة التسوق التي عاصرتها الأجيال السابقة والبعيدة كل البعد عن طابع التسوق الحديث، وسط المولات الحديثة المغلقة».

جودة عالية

وبيّن أن سوق الأقمشة له مواسم أفضلها الشتاء، لاسيما أن الأقمشة الرجالية التي تستوردها الشركات في الكويت تعد من أفضل الأنواع في المنطقة، والتي يحرص الكثير من الرواد على شرائها كالأصواف الإنكليزية، وبعض الماركات العالمية ذات الجودة العالية غير الموجودة في بعض الدول الخليجية، إلى جانب توفير أنواع أخرى من شأنها أن تتنناسب مع جميع رغبات الزبائن، كما أن الأقمشة الرجالية الصيفية التي يوفرها السوق الكويتي تعد من أفضل الأنواع، والتي تكون أغلبية مبيعاتها للاخوة الخليجيين الذين يرتادون الأسواق الكويتية.

وأوضح أن حركة المبيعات ما بعد تطوير المنطقة لا بأس بها، مشيراً إلى أن هناك دوراً مهماً للفعاليات والمهرجانات التي تقام في أسواق المباركية والتي تستقطب رواد المنطقة.

من جانبه، ذكر المواطن أحمد البدري، وهو من رواد منطقة أسواق المباركية، أن المنطقة شهدت تطويراً عمرانياً ممزوجاً بتراث الماضي الجميل، ولاشك أنه لا يوجد مشروع متكامل أو مشرق، فلكل مشروع  جوانب مضيئة ومشرقة، مضيفاً أن الحديث عن المباركية جزء من المعالم الكويتية.

وأضاف أن هناك بعض المعالم تمت إزالتها من البيئة، لافتا إلى أن هناك احتياجاً إلى أمور كالمرافق الخدماتية التي مازالت بحاجة الى تعديل وتطوير وتوسعة، إلا أنه بشكل عام بدأت منطقة المباركية تستقطب الرواد، بعد ان كانت شبه خاوية ومنطقة أشباح.

معلَم كويتي

وزاد ان المواقع الشعبية بمنطقة اسواق المباركية بدأت تستقطب الرواد للمنطقة، بعد أن شهدت فترة غيبوبة طويلة بعد التحرير،

وأتصور أن المنطقة أصبحت في ركب المعالم الكويتية ان لم تكن أبرزها.

وقال إن المنطقة تعاني معاناة كبيرة من مواقف السيارات، التي نقول إنه من الممكن أن يتقبل أهل الديرة قلة المواقف بالمنطقة، إلا أن زوار البلد يعانون بشدة قلتها، ونناشد المسؤولين المحافظة على المنطقة، إضافة إلى الاهتمام بالجوانب الترفيهية، واثراء المنطقة بالمهرجانات الموسيقية.   

وقال أحمد سالم، وهو من وراد أسواق المباركية، إن المنطقة شهدت مرحلة انتقال إيجابية، والدليل أننا نرى العديد من زوار السوق من السياح الخليجيين والعرب يتسوقون فيها، لذلك يجب أن يكون هناك اهتمام بالمنظر العام حتى يتوافق مع الوجه التراثي سواء من ناحية الأبنية والديكورات، وترتيب المحلات والمواقع الخاصة بكل من سوق السلاح وسوق التمر والبشوت العطور.

وذكر أنه يرى أن الخدمات جيدة، والمشكلة ان المنطقة تعاني قلة في مواقف السيارات، وهناك من يستغل مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن السوق يتطلب أن يتم العمل على زيادة المواقف أو استحداث مواقع قريبة أو جديدة لمواقف السيارات، لتلبية احتياجات رواد المنطقة، مشيراً إلى معاناة الكثير من قلة المواقف بالمنطقة، مما يجعل البعض يعزف عن الحضور إلى سوق المباركية.

وأشار إلى أن السوق يحتاج إلى توسعة واستغلال بعض الأراضي الفضاء ببناء المجمعات التجارية الجديدة بذات الطابع التراثي لتوسعة مساحة السوق، لكون المباركية السوق الرئيسي بالكويت، ويعد سوقا شعبيا وجهة العديد من السياح، وأسعاره مناسبة لجميع المستويات.

 واجهة تراثية

بينما قال حميد مخلف، أحد رواد المنطقة: «يذكرني سوق المباركية بالطفولة حينما كنت آتي إلى السوق مع الوالد»، وتطوير المنطقة أحيا حركة رواد السوق إلا أن هناك غياباً لبعض الاهتمام والمتابعة خصوصاً زيادة نسبة الإنارة مع ضرورة الاهتمام بالنظافة والأرضيات.

وأضاف مخلف، أن السوق يحتاج أيضاً إلى الاهتمام بالمحلات والتنظيم، في وقت تحتاج مسمكة السوق إلى مزيد من الاهتمام، خصوصاً لناحية معالجة ظاهرة الروائح الكريهة هناك التي تزعج رواد السوق والمنطقة القريبة منه.

وأوضح أن المطاعم تحتاج أيضاً إلى متابعة من البلدية كونها تتعامل بالمواد الغذائية إضافة إلى أن هناك الكثيرين لا يأتون إلى السوق بسبب قلة المواقف والازدحام لدى الدخول والخروج علاوة على أن السوق يفتقد إلى توفير خدمات دورات المياه، ففيه فقط دورتان للمياه واحدة للرجال والأخرى للنساء.

ورأى أن الأسعار في السوق مناسبة، خصوصاً أن غالبية الزوار من الوافدين، والسوق عموماً يعد واجهة تراثية وسياحية للكويت ويتحلى بالطراز الخاص الذي يعيد زوار الكويت إلى الماضي القريب قبل 50 عاماً.

وذكر مخلف أن هناك العديد من الدول التي تنشئ الأسواق الحديثة بالطراز التراثي، «لكن في المقابل علينا المحافظة على السوق التراثي بطرازه الكويتي، إذ يتخلل هذا السوق بعض الأشكال المأخوذة من أسواق عربية وعالمية بعيداً عن التراث الكويتي، فعلى سبيل المثال فوانيس الإنارة المعلقة هي أشبه بالفوانيس في أسواق حلب، وبعيدة كل البعد عن التراث وعن الفانوس الكويتي أي «السراج».

وأضاف أن هناك أعمدة تزيّن ممرات السوق شبيهة بما هو موجود في أسواق حمص وبيروت مع وضع بعض الرتوش واللمسات التاريخية لتزيين ممرات السوق بوضع صور حكام الكويت ولوحات لمعالم كويتية، مثل البوم ولوحات السدو وصور من كويت الماضي، وما شابه ذلك.

الكندري: لجنة عليا لتنظيم السوق والاهتمام بتطويره

قال عضو المجلس البلدي عبدالله الكندري، إن سوق المباركية من المواقع التراثية المهمة في الدولة التي يقصدها السياح وقد شهد سوق المباركية خلال الفترة السابقة تطويراً يدل على وجود الاهتمام من قبل البلدية بهذا الصرح.

وأضاف الكندري: «لدينا صرح في دولة الكويت يقصده السياح دائماً كالأفنيوز وسوق المباركية فالأول يدل على التطور والمستقبل والآخر يرمز إلى ماضي الكويت العريق، إلا أن إلغاء الفريق المختص بتطوير المباركية من جهاز البلدية يثير الاستغراب، ويجعلنا نتساءل عن دور البلدية في الأيام المقبلة في تطوير هذا الصرح». وطالب بوجود جهة في البلدية تتولى إدارة سوق المباركية، بحيث لايقتصر ذلك على الصيانة فقط بل يشمل جميع متطلبات السوق من أجل مواكبة التطوير وتوفير الاحتياجات المهمة، مشيراً إلى أن السوق يفتقر إلى الكثير من الخدمات لبعض فئات المجتمع مثل خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة ما يستوجب ضرورة أخذ رأي الهيئة العامة للإعاقة في هذا الجانب.

وأشار إلى عدم وجود طريق للدراجات الهوائية أو دورات للمياه تلبي احتياجات زوار المنطقة فضلاً عن افتقاد السوق إلى اللمسات الفنية التي تعكس الجانب المعماري التراثي للحفاظ على هوية السوق التراثية.

وطالب الكندري بأن تكون هناك لجنة عليا مشكلة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والهيئة العامة للإعاقة ووزارة التجارة والصناعة، لتكون القرارات الصادرة في تنظيم السوق متوافقة مع متطلبات السوق ومواكبته للطابع التراثي، وأن تكون واجهة المحلات ذات نمط تراثي موحد كما في الأسواق التراثية لدول مجلس التعاون.

صيانة دورية

وذكر أن المنطقة تفتقد إلى النظافة التي تليق بهذا الصرح أو بزوار المنطقة داعياً البلدية إلى وجوب الاهتمام بأعمال النظافة من خلال توفير معدات حديثة لتنظيف منطقة أسواق المباركية على مدار الساعة.

وأشار إلى ضرورة أن تشمل عقود الصيانة الدورية الأرضيات والإنارة والمتطلبات كافة التي تحتاج إلى صيانة، فضلاً عن سرعة إنشاء مواقف سيارات ووجوب افتتاح ساحة الصفاة التي تم الانتهاء من أعمال تطويرها وتجميلها.