لأن مصر، كياناً وأرضاً وجيشاً وشعباً وقيادة، تتعرض لحرب إرهابية مدمرة ينفذها الإخوان المسلمون باسم «أنصار بيت المقدس» لحساب قوى «عربية» للأسف، ولحساب قوى إقليمية باتت مكشوفة ومعروفة، فإنه على العرب الذين يقدرون أهمية هذا البلد العربي، ويعرفون مكانته في السابق واللاحق ألا يكتفوا بمجرد المؤازرة بالبيانات وببرقيات التأييد، فالمسألة في غاية الجدية، والأمور باتت تتخذ مسارات خطيرة بالفعل، وليعلم الجميع أنه إذا سقط الجدار المصري، لا قدَّر الله، فإنه «على الأمة العربية السلام»، ولن يستطيع حتى عربي واحد أن يأوي إلى فراشه مساء وهو مطمئن البال.

Ad

إن المعروف أن الخصم، وأي خصم، عندما يقرر «فرْط» السلسلة العربية فإنه يبدأ بكسر الحلقة الأقوى، والمعروف، وهذا من المفترض ألا نقاش فيه، أن الحلقة الأقوى والرئيسية في هذه السلسلة هي مصر، المستهدفة الآن بمكانتها بين أشقائها العرب ودورها العربي والإقليمي والإفريقي، ودورها في القضية الفلسطينية التي لم يتعامل معها الأشقاء المصريون من عهد فاروق إلى عهد عبدالناصر إلى عهد السادات إلى عهد حسني مبارك... إلى القفز من فوق عهد الإخوان المسلمين، الذي كان عهداً تآمرياً، والوصول إلى هذا العهد الذي إن تزعزع، لا سمح الله، فإن على العرب في كل دولهم وأقطارهم أن يتلمسوا رؤوسهم!

إنه لا يمكن تصديق أن ما يسمى «أنصار بيت المقدس» ليست مجرد واجهة للإخوان المسلمين لهذه الحرب الدموية القذرة التي تشن على مصر وشعب مصر وجيش مصر ومكانة مصر، ثم وإنه لا يمكن تصديق أنه لا توجد هناك دول من المفترض أنها إسلامية، ولا توجد هناك دول من المفترض أنها عربية وشقيقة تدعم هذه الحرب وتشارك فيها بالأموال الطائلة والأسلحة... هل يعقل أن يكون هناك مثل هذا الهجوم الذي تعرضت له قِطع بحرية مصرية في عرض البحر الأبيض المتوسط بدون أن تكون وراءه إحدى الدول الإقليمية التي تعرف أن الصمود المصري سيحرمها من مواصلة تمددها في هذه المنطقة العربية.

وأيضاً لا يمكن تصديق أنه لم يكن هناك زجٌّ مقصود للشعب الفلسطيني في قطاع غزة في استهداف مصر... إن المؤكد أن الحفاظ على تحويل هذا القطاع إلى قاعدة إرهابية لاستنزاف مصر هو سبب إفشال خطوة الوحدة الفلسطينية أولاً بالقيام بذلك الانقلاب الدموي المشبوه في عام 2007 على منظمة التحرير وعلى السلطة الوطنية، وثانياً باستدراج تلك الحرب الأخيرة التي كان الإسرائيليون ينتظرون مثل هذا الاستدراج ليرتكبوا كل الجرائم التي ارتكبوها، وثالثاً بالتفجيرات الأخيرة التي استهدفت العديد من منازل قياديي حركة فتح، والتي جاءت، وهذا ليس مصادفة، بينما معركة إقفال أبواب المسجد الأقصى أمام المصلين الفلسطينيين في ذروتها!

نحن نعرف أن هناك دولاً عربية أعلنت وقوفها إلى جانب مصر، وأعلنت مساندتها للشعب المصري والقيادة المصرية في مواجهة هذه المؤامرة التي تستهدف أهم ركيزة من ركائز العمل العربي، وفي طليعتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والمملكة الأردنية الهاشمية، لكن هذا في حقيقة الأمر لا يكفي، فالمثل يقول: «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض»، وليعلم بعض المترددين أن خيامهم «ستذريها» الرياح إن استطاعت المؤامرة الإقليمية وربما الدولية أيضاً إسقاط القلعة المصرية.

الكل يعرف أن الشاعر العربي الكبير إبراهيم اليازجي قال قبل عشرات الأعوام، وقبل أن تصل الأوضاع العربية إلى هذه الحالة التي تسر الصديق ولا تغيظ العدا:

تنبهـوا واستفيقـوا أيهـا العـرب

لقد طمى الخطْبُ حتى غاصت الركب

وهذا يفرض على الجميع المسارعة للوقوف إلى جانب مصر في حربها ومواجهة هذا التنظيم الذي اعتاد أن يكون أداة للقوى الإقليمية والقوى الدولية التي تستهدف الأمة العربية، ومواجهة بعض دول المنطقة التي تمادت في مد أيديها نحو الوطن العربي سواء في مشرقه أو في مغربه.