هلال عيد التحرير لا تحتاج رؤيته إلى اجتماع هيئة الرؤية الشرعية، ولا إلى ازدحام المواطنين على ساحل البحر أو في البراري والقفار، ولا تحتاج إلى الاستعانة بصديقنا "هلال سدير" أو أخذ رأي الجمهور الفلكي، كما أنها لا تحتاج إلى سماع صوت محمود الكويتي، وهو يغني إلياذة أعيادنا الخالدة: "العيد هل هلاله... كل الطرب يحلاله".

Ad

من أراد رؤية هلال عيد التحرير فليتوجه بنظره عبر مسافات الزمن نحو سماء 26/ 2/ 1991، هناك وُلِد هلالنا، وهناك تركناه وحيداً حزيناً جائعاً، ظمآنَ، هناك نسيناه أو تناسيناه إن صح التعبير.

كل الأهلة بعد ذاك الهلال مزيفة، أهلة "ستوك" أغرقت أرفف السوق الوطني! أهلة "تجيب العيد" للمصالح وللطائفة وللقبيلة وووو إلخ، ولكنها "ما تجيب ذكرى واحدة حقيقية لعيد تحريرنا"، هذا الشرف أكبر منها، حتى لو ادعت وصاله ولكن صعب جداً "مو لأنها تتشرف، بل لأنها ما تقدر" كما قال الشمالي!

هلالك يا وطن من صدقك، وذاك الهلال يا مواطن كان غير! كان صادقاً، وأراك حال الغربة في ديار وطن، أراك كيف يكون الحنين إلى الوطن وأنت تسكن أحضانه ولم تغادره، علمك كيف تنشد أشعارك الوطنية بطلاقة الصمت، قوافيك الريح وبحورك الغمام، وجمهورك التراب الأسير! علمك الرقص في عزاء الفرح، والغناء في وجه البسمات المتجهمة، لم يكذب عليك ويقص عليك قصص الهناء والسرور، بل حكى لك قصة: أنت هنا وباقٍ هنا، ولا شيء لك هناك إلا... هنا.

نسينا ذاك الهلال الصدوق أو تناسيناه، ليكتب التاريخ على صفحاته قصة تغريبتين، تغريبة بني هلال نحو إفريقيا، وتغريبة هلال عيد تحريرنا نحو الفراق.