تشعرين بالإرهاق؟ خصصي الوقت لذاتكِ

نشر في 02-05-2015 | 00:02
آخر تحديث 02-05-2015 | 00:02
هل تشعرين بالإرهاق والاستياء والاضطراب والاختناق؟ أصبحت قلة الوقت أحد أبرز مصادر الضغط النفسي المعاصرة. ولا يقتصر الأمر على الحياة المهنية، فقد تأثرت أيضاً الأوقات المخصصة للراحة والترفيه.
ما عدنا نملك الوقت لفعل كل ما نريده! لكن يمكن تطبيق قواعد بسيطة لتحسين ارتباطنا بالوقت!
كيف يمكن أن نستعيد الوقت الحميم الذي نخصصه لذواتنا؟ ما هو الجزء الداخلي الذي ينجذب إلى النشاطات الترفيهية والخارجية؟ هل نرغب في التحكم بحياتنا وبأوقات فراغنا؟ هل نريد تطوير شخصيتنا أم الاستسلام لمختلف مصادر الإلهاء التي باتت تغزو حياتنا؟ لا شك في أن هذه السهولة في ملء جميع أوقات الفراغ تؤدي مباشرةً إلى الملل أو الانزعاج. إنه شكل من التحديات الجديدة التي نواجهها على مستوى نوعية حياتنا. لم تعد مختلف المساعي تركّز على زيادة وقت الفراغ بل تحديد الوقت المخصص لنا وسط انشغالات الحياة المفرطة، أي ذلك الوقت المرتبط برغباتنا الدفينة وطموحاتنا الحقيقية.

38 دقيقة من وقت الفراغ!

كشفت دراسة أوروبية أن المرأة لا تملك أكثر من 48 دقيقة من وقت الفراغ في اليوم الواحد. لكن لا تستفيد المرأة دوماً من ذلك الوقت لنفسها. قيّمت الدراسة أيضاً عدد الدقائق المخصصة لأوقات الفراغ، أي الوقت الذي لا يفرض على المرأة أي واجبات فورية لإتمام عمل معين أو تربية الأولاد أو القيام بالأعمال المنزلية. في النهاية، تبين أن المرأة عموماً تملك 38 دقيقة من الوقت الشخصي، علماً أن النساء في بعض البلدان المتقدمة مثل فنلندا يستفدن من 69 دقيقة من الهدوء بكل سهولة. تجدر الإشارة إلى أن عمر الأولاد يؤثر على النتائج النهائية. تستفيد {الأم الشابة} (لديها طفل عمره أقل من 3 سنوات) من 28 دقيقة فقط في اليوم في مقابل 49 دقيقة لأمهات الأولاد الأكبر سناً (بين 11 و13 سنة). وفق الدراسة نفسها، لم يكن الفرق بين الطفل الوحيد (44 دقيقة) وثلاثة أشقاء (31 دقيقة) كبيراً جداً. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية لا تكون {حرة} بمعنى الكلمة، فبحسب الدراسات 17% من النساء فقط يخصصن تلك الدقائق لنفسهنّ!

تخصيص فترة من العزلة!

من الضروري دوماً أن نحافظ على التواصل مع نفسنا. حين نعيش حياة زوجية أو عائلية، قد نظن في نهاية المطاف أن حياتنا لا معنى لها من دون الآخرين. لذا يجب إنشاء مساحة شخصية وتخصيص الوقت للذات من دون الشعور بأي ذنب (هذا السلوك ليس أنانياً بأي شكل!)، أي ترك فسحة ذاتية صغيرة وسط المساحة العائلية الكبرى. للاحتكاك مع الذات، تقضي طريقة أخرى باللجوء إلى تقنيات التأمل. من خلال الجلوس يومياً طوال ربع ساعة من دون التحرك، مع إغلاق العينين وسط جو من الصمت التام، يمكن الغوص في أعماق الذات وتأمل الحياة بكل هدوء. ولا داعي لأن تترافق هذه الجلسة بالضرورة مع أي دوافع روحية معقدة. إنه مجرد لقاء حميم أو وقت بسيط نخصصه للإصغاء إلى الذات وفهم حقيقتنا وإعادة التركيز على نفسنا، فضلاً عن استرجاع احترامنا لذاتنا بطريقةٍ ما.

الاستراحة حاجة طارئة...

حين نبالغ في الاهتمام برب العمل والعائلة والعملاء والأصدقاء، قد نجازف بنسيان الاهتمام بنفسنا. المرأة هي الأكثر تأثراً بهذا الوضع. يمكن أن تدرك هذه الأخيرة المشكلة حين تضطر إلى وقف جميع نشاطاتها بسبب مرض أو بطالة أو طلاق أو تقاعد، ما يسبب لها نوعاً من الإحباط ويجبرها على إعادة النظر بمعنى وجودها الأصلي. هكذا ستشعر بالحاجة إلى استعادة مقاربة سليمة للتعامل مع الوقت.

كلما اجتاحت الانشغالات المفرطة حياتك، تصبح الاستراحة حاجة طارئة في حالتك. إذا لم تقتنعي بضرورة تخصيص هذا الوقت لنفسك، فلن يتخذ أي شخص آخر هذا القرار عنك. وإذا لم تتخذي هذا القرار، فلن يتغير شيء في حياتك بل سيترسخ الضغط النفسي والتعب والإرهاق في يومياتك. أنت المسؤولة الوحيدة عن كسر هذه الحلقة المفرغة.

يصعب أحياناً أن تتحمل المرأة أعباء العمل وتربية الأولاد وتقرر تخصيص الوقت لنفسها في ظل هذه الانشغلات. وسط المشاريع المهنية والنشاطات الأسبوعية وخطط نهاية الأسبوع والتسوق والفروض المنزلية، قد تجد المرأة صعوبة في الابتعاد عن هذه الواجبات كلها من دون الشعور بالذنب.

عملياً، يجب أن تفكر المرأة، وسط أفراد العائلة عند الحاجة، بطريقة تحديد الوقت المخصص لها. هل تستطيع ممارسة تمارين البيلاتس أو اليوغا في إحدى الأمسيات؟ هل يمكن أن تذهب إلى السينما مع الأصدقاء في أحد أيام الأسبوع؟ هل يمكن أن تخصص نصف يوم في الأسبوع للذهاب إلى المنتجع أو زيارة المتحف أو القراءة أو التمدد على الكنبة بكل بساطة؟ هذه الخطوات كلها مفيدة شرط الشعور بالتحسن وتغيير الأفكار الخاطئة. عند الحاجة، يمكنك التفاوض مع الشريك وأفراد العائلة والدفاع عن مساحتك الشخصية. لكن يجب أن تصرّي على موقفك وإلا قد تستسلمين أمام أبسط مشكلة.

لحظات أساسية للتوازن

لا تعبّر الحركة الدائمة عن استمرارية الحياة لأن بعض المجالات لا يكون مرئياً بل يرتكز على المشاعر الشخصية. إنها لحظات أساسية لاستعادة التوازن النفسي. في بعض مراحل الحياة، تتعزز حاجتنا إلى العزلة ونسج الأحلام والصمت وإبطاء مسار الحياة. يتأثر إيقاعنا الشخصي أيضاً بلحظات الراحة هذه. إذا شعرت بالذنب والانزعاج لمجرد الجلوس وعدم القيام بشيء ملموس والتركيز على مواجهة العواطف، يجب أن تتعلمي التعبير عن تلك المشاعر بشكل تلقائي.

إبطاء مسار الحياة

منذ بضع سنوات، أصبحت النزعة إلى إبطاء مسار الحياة رائجة. لكنّ هذه النزعة لا تستثني سرعة الأداء أو الفاعلية. بل تعني هذه المقاربة تحديد السرعة المناسبة بحسب ظروف الحياة للتهرب من الحلقة المفرغة المبنية على الكمية بدل النوعية. كلما تراكمت الأهداف المنشودة، سينهار كل شيء وتتراجع الفاعلية، فينتهي بنا الأمر بعيش الحياة بطريقة سطحية. يجب تخصيص الوقت للراحة واستعادة الحرية والقدرة على الابتكار والتبادل.

تقضي الخطة الفاعلة بالتحكم بطريقة توزيع الوقت وإعادة تحديد الأولويات وعدم الالتزام بإيقاعات مستحيلة ومقاربة الوضع بموضوعية. سرعان ما تنجح المرأة تدريجاً بتقدير كل لحظة من حياتها من دون أن تعزل نفسها عن محيطها. هذا النهج الجديد إيجابي، فهو يجدد الحيوية ويُعتبر شكلاً من المقاومة للضغوط. يجب أن نتعلم الرفض في بعض الظروف لتجنب الأعباء التي تُفرَض علينا.

وقت فردي بلا شعور بالذنب!

يجب أن نسمح لنفسنا بالاستمتاع بحياتنا وإيجاد مصادر الراحة الحقيقية. من حقنا أن نستمتع بوقتنا ونبتسم ونضحك لأنها العوامل التي توفر لنا السعادة، والسعادة هي أقل ما نستحقه وهي تسمح لنا أيضاً بمنح السعادة للآخرين. لذا يُعتبر وقت الراحة ضرورياً. يجب أن نتعلم كيفية إدارة لحظات الاسترخاء التي لا تُعتبر بأي شكل مضيعة للوقت! يعكس تخصيص الوقت للذات مستوىً عالياً من الذكاء، فهو يعني احترام الذات واحترام الحياة والحصول على فرصة عيشها بكامل تفاصيلها. بدل أن نرزح تحت عبء الواجبات اللامتناهية والالتزام بمهام إضافية، ننصح الجميع بتخصيص فترة يومية للغوص في أعماق الذات من خلال الاسترخاء والتأمل أو عدم القيام بشيء بكل بساطة. لكن يجب الامتناع عن الشعور بالذنب وعدم التفكير بأي شخص آخر خلال هذه اللحظات الشخصية. إنه وقت للتعبير عن حب الذات.

يجب أن نجيد توزيع الوقت لتحقيق النجاح المنشود في نهاية المطاف: بفضل هذه المقاربة، يمكن تعزيز الفاعلية وإيجاد الوقت للنشاطات الترفيهية وللاعتناء بالذات وبالآخرين وتحقيق السعادة التي يصبو إليها الجميع، حتى أننا قد نربح دقائق وأيام وسنوات إضافية من الحياة. هذا هو التحدي الفعلي: لا تتعلق الصعوبة الحقيقية بتخصيص الوقت للذات بل بفعل ذلك من دون الشعور بالذنب.

مسألة استراتيجية

يقترح الخبراء الاستراتيجيات المفيدة التالية لتجنب الضغط النفسي السلبي والإجهاد التام:

استباق الأحداث وتنظيم جدول النشاطات ووضع “خطة احتياطية” للذات ولجميع أفراد العائلة.

* عدم السعي إلى الكمال.

* طلب المساعدة عند الحاجة من دون تردد.

* تعلّم كيفية تحديد الأولويات بالشكل المناسب.

* تخصيص الوقت للذات وفق خطة منتظمة (رياضة، نشاط ترفيهي، استرخاء، عطلة...).

* الاستعانة بمربية إذا كانت الإمكانات المادية تسمح بذلك.

* وقف الناس (أو حتى الذات أحياناً) عند حدّهم حين يفرضون عليك مشاغل إضافية والتجرؤ على رسم الحدود.

* العمل على تحسين الوضع الذاتي من خلال إدارة الوقت والتطوير الشخصي.

* البدء بعلاج نفسي عند الحاجة.

التأمل

إليك تعليمات مفصلة لممارسة التأمل في جو من {الوعي الكامل}:

- اجلسي في وضعية مريحة في المكان نفسه كل يوم. لكن تجنبي الوضعيات التي يمكن أن تجعلك تنامين.

- احرصي على إبقاء ظهرك مستقيماً وإرخاء كتفيك وتمديد عنقك وذقنك. يجب إرخاء الوجه أيضاً.

- حاولي التنفس عبر الأنف. اشعري ببطنك وهو ينتفخ وراقبي حركة الكتفين مع تصاعد إيقاع التنفس. ركزي على الزفير.

- ركزي على جانب من التنفس، وتحديداً حركة الهواء الذي يدخل ويخرج من فتحات الأنف، أو انتفاخ البطن وتفريغه من الهواء.

- راقبي حركة التنفس. حين تتشتت أفكارك، أعيدي التركيز على التنفس والحركة التي اخترت مراقبتها.

-  كرري هذه المقاربة كلما احتجت إلى ذلك. ما من تأمل مفيد وتأمل سيئ: إنه مجرد تقييم ذاتي للتمرين، لذا يجب تجنب مصادر الإلهاء وإعادة التركيز على التنفس في كل مرة.

- في المرحلة الأولى، يمكن البدء بتطبيق هذا التمرين بين 5 و10 دقائق ثم إطالة المدة حتى الحفاظ على وضعية الجلوس طوال 30 دقيقة.

back to top