تقبّلي الحاجة إلى الآخر
يحتاج الإنسان بطبيعته إلى الآخر ويتعلق بأمور تسمح له بمتابعة العيش، ولا شك في أن الحبيب هو واحد منها. هل يحمل الحب إذاً جانباً من الإدمان؟ ليس تحديداً! الإدمان هو النسخة المَرَضية من التعلّق بالآخرين.لحسن لحظ، تبقى الحاجة إلى الآخر طبيعية في معظم الحالات وتُبنى العلاقات العاطفية على الاعتناء بالذات أولاً ثم ترسيخ اللحظات التي تقوي روابطنا بالآخر. هذا هو معنى الاستقلالية العاطفية التي تنجم عموماً عن لقاء {شخصيتين} تشعران بالأمان.
يشتق هذا الشعور بالأمان من مشاعر الثقة بالنفس وتقدير الذات وهو لا يتوقف حصراً على نظرة الآخرين. يمكن أن يعطي هذا الشخص من دون أن يشعر بأن الآخر يستغله أو من دون أن ينتظر تقديراً من الغير، وهو يجيد التعامل مع نفسه بعناية واحترام.تُبنى كل علاقة حب طويلة الأمد على معايير تتراوح بين {الوضع الطبيعي} و{العلاقة المَرَضية}. تشمل تلك المعايير ثلاثة مبادئ: طبيعة التعلّق بالآخر، سلوك الاعتناء (بين الحاجات والتوقعات)، المكانة الشخصية في العلاقة الزوجية. كلما ارتبط وجودنا وهويتنا وراحتنا بما ننتظره ونتلقاه من الآخر، يصبح التعلّق أكثر ميلاً إلى العلاقة المَرَضية.في المقابل، كلما استطعنا تلبية حاجاتنا الأولية، يبقى التعلّق بالآخر سليماً. لكن لا يمكن التعميم في هذا المجال. قد تنجح العلاقة بين ثنائيات انصهارية وأخرى يتسلط فيها طرف على الآخر، إذ يستطيع كل شخص أن يأخذ ما يناسبه لتلبية حاجته إلى الحب والأمان. المعاناة هي العامل الوحيد الذي يجب أخذه بالاعتبار. حين ينتج التعلّق بالآخر انزعاجاً بدل الراحة، لا بد من التساؤل عن الأسباب واكتشاف الأساليب الفاعلة للخروج من هذا الوضع.اختبارمن بين العبارات التالية، اختاري تلك التي تعبّر عنك.1. أتساءل في أغلب الأحيان عمّا يجده الآخرون فيّ.2. أحب البقاء وحدي.3. لا أتقاسم كل شيء مع الشريك.4. لا أستطيع معاشرة أشخاص لا يحبهم الشريك.5. لطالما حافظت على أسراري وسأتابع فعل ذلك.6. أعتبره نصفي الثاني.7. لكل واحد منا أصدقاؤه ونشاطاته الخاصة.8. نقلق على بعضنا دوماً.9. سأفعل كل ما يلزم كي لا يهجرني.10. أهتمّ براحتي الشخصية قبل كل شيء.11. ما يثير شغفه يثير شغفي أيضاً.12. ندلل بعضنا طوال الوقت.13. أتقبل وجود شوائب في علاقتنا.14. أكره أن أخبر تفاصيل حياتي.15. أخصص الوقت لنفسي دوماً.16. لا شيء يسعدني أكثر من إسعاد الشريك.17. مساحتي الشخصية محددة ومقدسة.18. الاهتمام والثقة هما في صلب علاقتنا.19. أحقق توقعاته ورغباته قبل أن يعبّر عنها والعكس صحيح.20. لا يمكن أن أشعر بالهدوء الداخلي إلا إذا شعر به أيضاً.21. لا أحب أن أشعر بالامتنان لأحد.22. لا أشعر بأنني أعيش إلا من خلال نظرته.23. لا شيء يسعدنا أكثر من العيش وحدنا.24. لدينا خلافات عابرة لكن ما من صراعات جوهرية.25. ثمة من يضحي دوماً أكثر من الآخر.26. أهرب من اللحظات العاطفية دوماً.27. أجيد التحكم بنفسي كي لا أضغط عليه أو أثير قلقه.28. أقوم بما يلزم لتجنب الصراعات والخلافات.29. نتواصل عبر الهاتف أو الرسائل النصية مرات عدة في اليوم.30. اهتماماتنا مشتركة ومعارفنا مشتركة.31. نصحح علاقتنا عند الحاجة.32. {لكل شخص عالمه}: إنها تركيبة الحب الدائم!33. لا مشكلة لدي إذا بقيتُ في المرتبة الثانية.34. لا أتحمل الانفصال. 35. أجد صعوبة كبرى في التعبير عن مشاكلي وهمومي.36. العطاء بلا حدود هو جوهر الحب الحقيقي.37. سعادتي وراحتي لا تتوقفان إلا على الآخر.38. علاقتي الزوجية تأتي قبل كل شيء وقبل الجميع.39. الثنائي المثالي: لقاء بين شخصين مستقلين.40. أحسد العازبين أحياناً.غالبية {أ}:علاقتك مبنية على الاستقلالية!الحاجة اللاواعية: لا تدخل مفرط ولا تجاهل تام...ينجم هذا الوضع عن شعور حتمي بانعدام الأمان. هو يتعلق بالأشخاص الذين عانوا بسبب شعور الإهمال أو التدخل المفرط أحياناً. هذان الوضعان المعاكسان ينتجان الرغبة نفسها في تجنب العلاقات الحميمة. قد يؤدي هذا السلوك إلى الهرب (خوف من الالتزام، تضاعف العلاقات القصيرة...) أو الفصل بين العلاقة الجسدية والمشاعر. الشخص المستقل يتكل حصراً على نفسه لتلبية حاجاته وتحقيق أهدافه وهو ينتظر الأمر نفسه من الشريك. يكون التواصل في هذه العلاقة واقعياً أو يرتكز على مواضيع تقلّ فيها الجوانب العاطفية. حين يرتبط شخصان مستقلان، يصبحان أشبه بفريق. كل طرف يحترم أسرار الآخر مع تقديم الدعم له لتجاوز الأوقات الصعبة.• نحو التوازن: حاولي الانفتاح على عواطفك من خلال تحديدها بدقة (حزن، خجل...)، ثم اتكلي عليها لتغيير نفسك. تدربي على ذلك وحدك قبل اقتراح التمرين على الشريك. هذا ما يسمح لك بلمس أعماقه وستتركينه بذلك يلمس أعماقك أيضاً. هذا النهج يقوي العلاقة الحميمة من دون خنقها.غالبية {ب}:علاقتك مبنية على الانصهار!الحاجة اللاواعية: عدم الشعور بالوحدة يوماًيفترض هذا النوع من العلاقات أن يتبادل الثنائي دور المعالج والمريض، ما يعكس شعوراً بالقلق وانعدام الأمان. لا تكون الروابط الأولية صلبة لبث شعور كافٍ من الأمان الداخلي. يشعر الشخص في هذه الحالة بأنه ناقص إلى أن يقابل {نصفه الآخر}. يكون هذا التعلّق بالآخر متبادلاً. فيعيش الشريكان وكأنهما شخص واحد. هما يمضيان الوقت كله معاً ولا يطوران أي علاقة أو نشاط دون الآخر ويهتمان بشكل مفرط براحتهما المشتركة...تعكس هذه السلوكيات كلها انصهاراً كاملاً في العلاقة. يصبح الانفصال في هذه الحالة مصدراً للمعاناة والتوقعات السلبية ومشاعر القلق. لا يحتفظ هذا النوع من الأشخاص بأي شيء له بل يصبح كل ما في حياته مشتركاً مع الآخر: الماضي، اليوميات في العمل، الأحلام، المشاكل، الرغبات... أي إغفال عن التفاصيل يجدد الخوف من الوحدة لديه لأن ذلك الخوف هو المحرك اللاواعي للانصهار. يشعر هذا الشخص بأنه حي وحيوي حين يلتصق بالآخر حرفياً ومجازياً: من دون الشريك، هو يشعر بالفراغ أو النقص.• نحو التوازن: يجب استعادة التوازن في العلاقة من خلال توسيع المساحة الشخصية. طوري علاقات جديدة أو مارسي نشاطاً من دون الشريك أو اتفقا على تخفيف عدد المكالمات الهاتفية اليومية ولا تخبريه بتفاصيل يومياتك كلها بل احتفظي لنفسك ببعض الأمور الخاصة.غالبية {ج}: علاقتك مبنية على التضحية!الحاجة اللاواعية: الشعور بالوجود من خلال نظرة الآخريقدم هذا الشخص بلا حساب، فيعطي من وقته وماله واهتمامه. ما من معاناة في هذا العطاء الكامل بل شعور بإيجاد معنى للحياة. يرتكز حب التضحية على نقص في تقدير الذات، فتُستعمل كامل الطاقة الشخصية لخدمة الآخرين. في الحالات الأكثر تطرفاً، يستعمل المستفيد موقعه لاستغلال الشريك وفرض سيطرته، بينما يستمتع الطرف الآخر بالاستسلام كلياً لرغبات الشريك ولكنه لا يحسن بذلك مستوى تقديره لنفسه.في بعض العلاقات، يشعر الشخص الذي يضحي بالسعادة حين يقدم نفسه للآخر أو يفعل كل ما يلزم كي ينجح شريكه. إنه وضع كل من يضحي بحياته المهنية كي تزدهر مهنة الآخر. في الحالتين، تكون المنفعة مزدوجة: تعزيز تقدير الذات ({أهميتي كبيرة لأنه سعيد أو ناجح بسببي!}) والشعور بحاجة الآخر إلينا (هو يدين بسعادته ونجاحه لي!).• نحو التوازن: يجب أن تعززي تقديرك لنفسك من خلال إنشاء مساحات تسمح لك بإثبات نفسك في حياتك اليومية. اتخذي القرارات وقدمي اقتراحات مضادة وارفضي المطالب أحياناً، لكن طبّقي هذه المقاربة تدريجياً. حددي الأحكام السلبية التي تطلقينها على نفسك وتخلصي منها وحضري لائحة بجميع مهاراتك وقومي بقراءتها من وقت إلى آخر.غالبية {ب}: علاقتك مبنية على التوازن!الحاجة اللاواعية: الحب ومتابعة التقدم معاً...السلوك السليم والتواصل المرن يميّزان الثنائيات التي تعيش تعلّقاً عاطفياً صحيحاً يرتكز على لقاء شخصين يشعران بالأمان العاطفي. يُترجَم هذا الوضع باهتمام متبادل وغير مفرط وبقدرة الشريكين على إنشاء مساحتهما الشخصية. تستلزم هذه العلاقة المتوازنة سلاسة في أداء الأدوار: تتغير المواقع بحسب تقدم كل طرف. يفيد التواصل في حل الخلافات بالإضافة إلى التعبير عن السعادة التي توفرها العلاقة الثنائية.تكمن قوة هذه العلاقات في تقبل لحظات الملل والإحباط العابرة. في هذه المواقف، يمكن أن يقدم طرف ثالث سبباً للسعادة والاندفاع. تتعزز هذه العلاقة المتوازنة بفضل الأمان الداخلي وتقدير الذات، وقد تنجم هذه المشاعر عن علاقة بناءة وصحية مع الأهل أو يمكن اكتسابها مع الخبرة على مر الحياة.• الحفاظ على التوازن: يمكن تحقيق ذلك من خلال حماية المزايا الخاصة، وتوسيع المساحة الشخصية والمساحة المشتركة، ومتابعة التواصل الصادق (من دون أحكام مسبقة) حول نقاط الخلاف.