وثيقة لها تاريخ : الدولة العثمانية تتردد بعد اعتراض بريطانيا... والبوعينين لن يعدلوا عن الرحيل إلا بعزل عبدالرحمن عن الوكرة

نشر في 26-09-2014
آخر تحديث 26-09-2014 | 00:04
أشرت في مقال الأسبوع الماضي الى أن البريطانيين سعوا إلى تحذير العثمانيين من التدخل في موضوع الخلاف بين آل ثاني والبوعينين، وتم لقاء بين المعتمد البريطاني ووالي البصرة بهذا الخصوص، وفي هذا اللقاء قدم المعتمد البريطاني إلى الوالي العثماني رسالة (1 ديسمبر 1908) هذا جزء من نصها المترجم:ِ

"لقد تم افادتي بأن مجموعة من البوعينين سكان الوكرة على ساحل قطر تقدموا لكم بطلب الحماية والمساعدة. إنني أتشرف بأن اذكر سعادتكم بأن حكومة جلالة الملكة لا تعترف بالسيادة التركية على شبه جزيرة قطر وان التدخل (في موضوع البوعينين) لا يمكن السماح به". إلا انه يبدو أن المساعي البريطانية جاءت متأخرة بعض الشيء، إذ ورد بعد يومين (3 ديسمبر 1908) في كتاب للمعتمدية البريطانية في البحرين موجه إلى المعتمد في بوشهر تقول فيه إن أحمد بن خاطر البوعينين قد عاد إلى الوكرة من البصرة ومعه كتابان من والي البصرة أحدهما موجه إلى قائد القوة العثمانية في الدوحة يأمره بتأسيس قوة عسكرية في الوكرة لحماية قبيلة البوعينين، والثاني موجه إلى الشيخ جاسم بن ثاني ولا يعرف محتوى هذا الكتاب.

وقد سعت المعتمدية البريطانية في البحرين إلى الاجتماع بشيخ البوعينين شاهين بن طوق الذي يقيم في بلدة عسكر خارج المنامة، إلا أنها لم تستطع، وذكرت في رسالة لها بتاريخ 12 ديسمبر 1908 بعض التفاصيل الأخرى وهي مثلما وردت كما يلي (النص مترجم):

"رغم أنني بذلت كل جهدي إلا أنني لم أوفق لمقابلة الشيخ شاهين بن طوق حتى الآن، ولكن من المحتمل الاجتماع به خلال يوم أو يومين. ان الشيخ شاهين يعيش في عسكر التي تبعد أكثر من ثلاثة ساعات عن المنامة ويبدو انه بسبب الديون المستحقة لتجار أجانب في المنامة ان الشيخ شاهين لا يتردد على المنامة كثيرا كعادته في السابق".

وفي وثيقة مهمة تتضمن معلومات دقيقة توضح مطالب البوعينين للعدول عن قرارهم بالرحيل من الوكرة، قال التاجر والوجيه البحريني يوسف بن أحمد كانو في رسالة بعثها إلى المعتمد البريطاني في البحرين وتاريخها 19 يناير 1909 انه التقى شاهين بن طوق الذي أبلغه أن الخلاف بين سكان الوكرة من البوعينين وبين آل ثاني يبدو عليه ظاهرياً التصالح، إلا أن البوعينين في قرارة أنفسهم غير راضين، وأنهم لن يرضوا إلا إذا قام الشيخ جاسم بن ثاني، شيخ قطر، بعزل ابنه عبدالرحمن من إمارة الوكرة. وإليكم نص الرسالة:

"لقد توافيت الآن مع شاهين بن طوق البوعينين وتذاكرة (تذاكرت) معه منطرف (من طرف) جماعته المقيمين في الوكرة كيف الان ممشاهم مع آل بن ثاني، وكيف آل بن ثاني، معهم فأجب (فأجاب) انه ما عنده علم محقق الا انه يسمع أقوالهم أنهم في الظاهر مصلحين ولكن في الباطن يذكر غير متصافين الا انكان (ان كان) يعزل عبدالرحمن ولده عنهم، ولا عنده جواب يستفاد منه...".

وإذا دققنا في تواريخ الرسائل المذكورة أعلاه ومحتواها نجد أن الموقف البريطاني، الذي جاء متأخرا قليلاً، قد أدى الى نتيجة، فمن الواضح أن الدولة العثمانية تفاعلت في البداية مع موضوع البوعينين الذين اعتبرتهم رعايا عثمانيين واتجهت لحمايتهم عن طريق توفير قوة عسكرية صغيرة في الوكرة، الا أنها في ما يبدو بعد اعتراض بريطانيا، التي لا تعتبر شبه جزيرة قطر جزءا من الدولة العثمانية، قد راجعت قرارها بشأن القوة الرمزية وأخذت تفكر بوسيلة أخرى لإنهاء الأزمة.

في المقال المقبل بعون الله سأوضح ما حدث بعد ذلك، وكيف رحلت قبيلة البوعينين عن الوكرة.

back to top