الكويت إلى الخصخصة
الواضح أن قوانين التوظيف في القطاع الخاص بيدها مفتاح الحل، وهي التي تحتاج إلى معالجة جذرية إن أردنا أن نطمئن لمشاريع الخصخصة القادمة، وإلا فستظل محاربة من غالبية الشعب، فالتجارب علمته أن الخارج من خزينة الدولة يذهب إلى فئة قليلة من التجار ولا يناله المواطن.
يبدو أن فكرة الخصخصة التي انطلقت في بداية الثمانينيات ببريطانيا لم يكتب أي نجاح لها لا في الكويت ولا في أي دولة من دول العالم الثالث؛ لغياب الأهداف والآليات والتشريعات اللازمة، إلا أنها عادت مرة أخرى إلى الحياة تحت شعار رفع كفاءة الأداء والتشغيل وتحريك عجلة الاقتصاد، وكبديل لحالة التردي الخدماتي الذي يعيشه البلد. التجارب الميدانية لمشاريع الخصخصة محكومة بالفشل، وذلك بسبب اختلاف قواعد وجودها وبعدها عن هدفها الأساسي، والتي تحتم استفادة المواطن وضمان دخوله في منظومة العائد التشغيلي والنفعي، فمن خلال تتبع القطاعات التي تنازلت عنها الدولة للقطاع الخاص لم نرَ أي إبداع يستحق الإشادة من ناحية الخدمة، بل كان بإمكان الدولة تبني فكرة تطوير خدماتها منفردة وبتكلفة أقل على المال العام، كما أن فكرة إشراك القطاع الخاص لم تساهم في حل مشكلة التوظيف التي مازال القطاع الحكومي يعانيها. مقارنة نجاح مشروع الخصخصة مع الغرب لا يستند إلى منهج علمي، فلو نظرنا إلى الظروف التي ساهمت في وجودها ورواجها بالدول الغربية لوجدنا أنها مرتبطة بعجلة الاقتصاد، حيث جاءت الفكرة لتقليل حجم الدولة ودورها في إنتاج السلع والخدمـات عبر:- زيادة الكفاءة الإنتاجية للمؤسسات. - إضعاف نفوذ نقابات العمال ودورها في القطاع العام.- توسيع دائرة امتلاك الأسهم.- تشجيع ملكية العاملـين.كل الأهداف السابقة وما سوّق له في الكويت من فرضية تحسين الخدمة لم يتحقق أي منها؛ لذا فمجرد طرحها بهذه الصورة يعتبر بمثابة التفات على المال العام، ونوع من الاستغلال إن لم يصاحبها تشريعات وقوانين خاصة تنظم العمل بأصل الفكرة. في الكويت هناك معضلة لا أعتقد إن بمقدور المشرع تجاوزها، والتي تدور حول دور العامل أو الموظف الوطني في مشاريع الخصخصة، وذلك بسبب العقلية التي يفكر فيها التاجر عندنا، فبمجرد النظر إلى بند الرواتب والكيفية التي يدار بها تعرف أن ما حصل لموظفي مؤسسة الخطوط الجوية لم يكن من باب المصادفة.الواضح أن قوانين التوظيف في القطاع الخاص بيدها مفتاح الحل، وهي التي تحتاج إلى معالجة جذرية إن أردنا أن نطمئن لمشاريع الخصخصة القادمة، وإلا فستظل محاربة من غالبية الشعب، فالتجارب علمته أن الخارج من خزينة الدولة يذهب إلى فئة قليلة من التجار ولا يناله المواطن.مسارات إنعاش الميزانية العامة يجب أن تتنوع بعد انخفاض سعر النفط، لكنها يجب ألا تمس جيب المواطن، والطرق كثيرة ومتعددة والخصخصة ليست الوحيدة، وإن كانت من ضمن الخيارات لكنها لا تتناسب والواقع التشريعي الذي جاء بنصف جناح يطير فيه التاجر لوحده.ودمتم سالمين.