لماذا ابتعد الكبار عن البطولة السينمائية؟
ابتعد في الفترة الأخيرة كثير من النجوم الكبار عن تقديم البطولات السينمائية، وأصبح ظهورهم على الشاشة الفضية محدودا جداً، خصوصاً أولئك الذين طالما قدموا أدوار البطولة السينمائية أمثال عادل إمام ومحمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني ومحمود ياسين وفاروق الفيشاوي وليلى علوي وغيرهم... في السطور التالية نحاول التعرف إلى أسباب هذا الابتعاد، ونسأل هل السينما لا تعترف إلا بالشباب؟
قدَّم النجم الكبير محمود حميدة بطولات سينمائية كثيرة ثم اختفى ليعود هذا العام عبر ثلاثة أفلام، أكَّد في هذا السياق أنه لا يفكر في مساحة الشخصية التي يجسدها، وأن ما يهمه فعلاً هو الإضافة التي سيقدمها له الدور كفنان، علاوة على اهتمامه بعدم تشابه دوره الجديد مع أدوار قدمها سابقاً، مشيراً إلى أنه لا يربط مشاركاته بالبطولة فحسب، بل يقدم ما يستفز مشاعره الفنية أياً كانت مساحة الشخصية التي يجسدها.يشير حميدة إلى أن السينما لا تقف على أحد، ولا تنتظر أي فنان، وأن من يعتقد أن الشاشة الفضية ستخسر بسبب عدم وجوده في الأفلام كبطل أوحد هو الخاسر الأكبر، موضحاً أنه فوجئ بمستوى ثقافة شباب الفنانين الذين تعامل معهم خلال هذا الموسم، بالإضافة إلى أدائهم المتقن ومدى قدرتهم على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة ومرونتهم وتقبلهم النقد وتنفيذهم تعليمات المخرج.
أما الفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز فأوضحت أن جيلها أخذ حقه من البطولات السينمائية بشكل كبير، وأنها راضية عمَّا قدمته خلال مشوارها الفني، ويجب عليها الآن أن تأخذ بيد الشباب، وأن تشارك معهم في أدوار مكملة لهم بعدما تمتعت بالبطولات والنجومية على مدار فترة طويلة ثم ابتعدت تماماً بإرادتها عن الحياة الفنية، حيث ترى أن الاستقرار الأسري أهم من الشهرة والنجومية.تستكمل عبدالعزيز كلامها: «فخطوات الأعمال الفنية تنجز بسرعة فائقة، على عكس ما كان يحدث في الماضي، وهذا الأمر يحتاج إلى الشباب»، مشيرة إلى أن من يرفض هذا الكلام شخص غير عاقل، فالشباب هم القادرون على تجسيد البطولات، وهذا يحدث في السينما العالمية أيضاً.من جانبه يؤكد الفنان الكبير محمود ياسين الذي شارك في أكثر من فيلم إلى جانب الشباب مثل «الجزيرة1» و{جدو حبيبي» أن السينما فن شاب ويجب أن يعلم العاملون فيها أن أساسها هم الشباب، سواء كانوا ممثلين أو مخرجين أو مشاهدين، ويجب على الفنانين الكبار أن يقتنعوا بالوقوف إلى جانب الممثلين الشباب، فهذه هي سنة الحياة ولا يمكن تغييرها أبداً.ويقول ياسين: «وقف إلى جانب جيلنا الجيل الأكبر من نجوم أدوا أدواراً ثانوية في مقابل حصدنا نحن البطولة، وعلينا أن نرد الجميل إلى النجوم الجدد، موضحاً أنه لا يخجل عندما يظهر مع فنان شاب، مطالباً زملاءه وأبناء جيله بالامتثال إلى هذا الأمر، لأنه أصبح أمراً واقعاً ومن لا يفعل ذلك سيكون خارج حسابات السينما والفن.من ناحيته أشار أمير رمسيس، وهو مخرج فيلم «بتوقيت القاهرة»، الذي جمع كل من ميرفت أمين ونور الشريف وسمير صبري، إلى أن الفنانين الكبار الذين عملوا معه في «بتوقيت القاهرة» كانوا يحترمونه كمخرج للعمل، وأنه لم يجد أي مشاكل أو أزمات أو صعوبات في التعامل مع هؤلاء النجوم الكبار، بل شعر بالارتياح معهم لأنهم يحترمون المخرج. يقول رمسيس: «لم يتضايق أحد منهم عندما كنت أطلب إعادة تصوير بعض المشاهد، وذلك بسبب حرصهم الشديد على أن يظهر الفيلم بشكل جيد حفاظاً على تاريخهم»، مشيراً إلى أنهم لم يعترضوا على ترتيب أسمائهم على ملصق الفيلم، وأن الجميع تفانى في أن يظهر «بتوقيت القاهرة» بشكل جيد بعيداً عن اسم البطل، وتعاملوا كأنهم فريق واحد، وكانت هذه الروح سبباً في نجاح الفيلم.مغامرة«أتاحت شاشة التلفزيون لكثير من الفنانين الكبار فرصة لا تعوض وهي ظهورهم وأداؤهم أدوار البطولة من دون اللجوء إلى السينما التي تحتاج إلى كثير من المغامرة»... بهذه الكلمات بدأت الناقدة خيرية البشلاوي حديثها معنا، موضحة أن السينما تعتمد في المقام الأول على النجوم الشباب، وأن كثيراً من النجوم الكبار لا يقدرون الآن على تحمل مسؤولية فيلم بمفردهم.تستكمل البشلاوي كلامها: «حالة الركود الكبيرة التي عانت منها السينما المصرية في الآونة الأخيرة ساعدت أيضاً في خوف وابتعاد النجوم الكبار عنها، خصوصاً بعد عزوف الأسر المصرية عن دخول دور العرض السينمائي، واستفحال ظاهرة أفلام العشوائيات التي تجلب فئات معينة من الجمهور، ووجود غالبية المنتجين في الدراما التلفزيونية التي تطورت بشكل غير مسبوق».من جانبه، يرى الناقد السينمائي نادر عدلي أن الأسباب التي أدت إلى ابتعاد عادل إمام ومحمود عبدالعزيز ويحيى الفخراني مختلفة من فنان إلى آخر، قائلاً: «ابتعد الفخراني منذ فترة طويلة بعدما شعر أن السينما لا تتوافق معه، فيما وجد عبدالعزيز مساحات كبيرة في الدراما مع ضعف الإقبال على أفلامه. أما عادل إمام فهو الوحيد الذي استطاع أن يقدم البطولة السينمائية حتى وقت قريب، لكن استمراره فيها مرهون بوجود الشباب في أفلامه».يشير عدلي إلى أن معظم النجوم الكبار عندما أرادوا أن يظهروا في السينما عملوا إلى جانب الشباب أمثال نور الشريف مع أحمد عز في «مسجون تراتزيت»، ومحمود عبدالعزيز مع أحمد السقا في «إبراهيم الأبيض»، ومحمود ياسين في «الجزيرة». أما محمود حميدة فله أسلوبه الخاص بالإضافة إلى مشاركته البطولة مع كثير من الفنانين سواء كانوا كباراً أو شباباً، علاوة على عدم رغبته في أن يكون البطل الأوحد.