بعد ساعات من سيطرته على مدينة بيجي الاستراتيجية في محافظة صلاح الدين، استطاع الجيش العراقي مدعوماً بمقاتلين من العشائر والحشد الشعبي فك الحصار على مصفاة بيجي، في حين وصل إلى بغداد فجأة رئيس أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي، لبحث «المرحلة الثانية» من الحرب على «داعش».   

Ad

تمكنت قوات الجيش العراقي أمس مدعومة بمقاتلين من العشائر وآخرين من «الحشد الشعبي» من فك الحصار الذي يفرضه تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ»داعش» منذ أشهر على مصفاة بيجي النفطية الأكبر في البلاد، وذلك غداة استعادة الجيش العراقي السيطرة على مدينة بيجي الاستراتيجية بغطاء جوي من الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن، في واحد من أبرز النجاحات العسكرية للحكومة العراقية منذ سيطرة التنظيم على مناطق واسعة في البلاد في يونيو الماضي.

وقال محافظ صلاح الدين رائد الجبوري، إن «القوات العراقية وصلت إلى إحدى بوابات المصفاة»، وذلك غداة استعادتها السيطرة على مدينة بيجي (200 كلم شمال بغداد) القريبة منها. وأكد ثلاثة ضباط في الجيش والشرطة فك الحصار عن المصفاة، التي كانت تنتج في السابق 300 ألف برميل من النفط يومياً، وتوفر نحو 50 في المئة من الحاجة الاستهلاكية للعراق.

وبدأت القوات العراقية مدعومة بعناصر مجموعات مسلحة موالية لها، هجوماً لاستعادة بيجي في 17 أكتوبر، وتمكنت من دخول المدينة نهاية الشهر نفسه، قبل أن تواصل التقدم تدريجياً، في مقابل اعتماد الجهاديين على التفجيرات الانتحارية والعبوات الناسفة. واعتبر ضابط برتبة عقيد في قوات التدخل السريع التابعة للشرطة أن فك الحصار عن المصفاة يحمل اهمية «استراتيجية وعسكرية».

وتعد بيجي (200 كلم شمال بغداد) ذات أهمية استراتيجية لقربها من المصفاة، ووقوعها على الطريق الى الموصل، كبرى مدن الشمال وأولى المناطق التي سيطر عليها التنظيم المتطرف. كما يمكن لاستعادة المدينة أن يتيح للقوات العراقية، عزل مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) التي يسيطر عليها التنظيم.

ويأتي هذا التقدم للقوات العراقية مدعومة بعناصر من «الحشد الشعبي» وابناء العشائر، ليضيف الى سلسلة اختراقات ميدانية حققتها في الفترة الماضية. وتمكنت هذه القوات ومجموعات مسلحة موالية لها من استعادة السيطرة خلال هذا الأسبوع على سد العظيم في محافظة ديالى (شمال شرق بغداد)، ومنطقة جرف الصخر (جنوب غرب) الشهر الماضي. إلا أن تنظيم «الدولة الاسلامية» مازال يسيطر على مناطق واسعة، وتحدى دول التحالف بأن الضربات الجوية لن توقف «زحفه»، وانه سيضطر إلى «النزول إلى الأرض» لقتاله.

ديمبسي

في سياق آخر، وصل رئيس هيئة الأركان المشتركة الاميركية مارتن ديمبسي الى العراق أمس، بحسب ما أعلن مسؤول أميركي. وقال بريت ماكغورك مساعد المنسق الأميركي للائتلاف الدولي ضد التنظيم، إن ديمبسي «وصل الى العراق للبحث مع المسؤولين السياسيين والعسكريين العراقيين، في المرحلة المقبلة لحملة القضاء على الدولة الإسلامية»، بحسب تغريدة له على حسابه الرسمي على «تويتر».

وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما تحدث قبل أيام عن «مرحلة جديدة» في الحملة ضد التنظيم.

وجاءت زيارة ديمبسي في أعقاب عزل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي هذا الأسبوع 36 من قيادات الجيش، بهدف «مكافحة الفساد»، في خطوة لاقت ترحيب واشنطن. وأكد وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أخيراً أن الحملة الجوية «ستتسارع بالوتيرة والكثافة بالتزامن مع تعزيز القوات العراقية تدريجيا».

وأجاز أوباما في السابع من نوفمبر، ارسال حتى 1500 جندي اضافي، سينضمون إلى 1400 جندي موجودين في بغداد واربيل. ومن المقرر أن يقوم الجنود الاضافيون بتدريب القوات العراقية والكردية، في معسكرات في شمال العراق وغربه وجنوبه. كما انتشر للمرة الأولى قبل أيام مستشارون أميركيون في قاعدة عين الأسد في محاظفة الأنبار، في وقت بدأت الحكومة العراقية بإشراك عشائر الأنبار في القتال وتقديم بعض السلاح إليها.

العبادي والحكيم

إلى ذلك، أعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، القائد العام للقوات المسلحة، أمس حرصه على «إجراء تغييرات جذرية في المؤسسة العسكرية لتكون أكثر فاعلية على الأرض»، مؤكداً أن «القوات الأمنية دفعت الخطر عن بغداد، وتعمل على تحرير كل الأراضي العراقية».

وقال العبادي في مؤتمر صحافي بعد لقائه رئيس المجلس الإسلامي العراقي الأعلى عمار الحكيم، إن «الحكومة أنجزت الكثير وأمامها مهام صعبة ومعارك مع الفساد والروتين والبيروقراطية»، وأكد أهمية «الإصلاح والاتفاق مع الدعوات المطالبة به».

ورداً على مطالبات بإجراء إصلاحات في وزارة الداخلية على غرار وزارة الدفاع قال العبادي، إن «هناك نقاشا مع وزير الداخلية لإجراء تغييرات في هيكلها ومنهجها».

وجدد رئيس الوزراء التزامه بحل جذري للمشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وذلك عقب التوصل الى اتفاق أولي لحل الخلاف.

من جانبه، قال الحكيم إنه ناقش مع العبادي «أوضاع البلاد والملف الأمني والسياسي وزيارات العبادي لبعض دول الجوار، فضلا عن زيارات السياسيين لدول الجوار والعالم»، في إشارة إلى زيارة الرئيس العراقي فؤاد معصوم إلى السعودية.

وأشاد الحكيم بـ»الانتصارات التي تحققها القوات الأمنية والحشد الشعبي، والتعاون مع العشائر العربية في المنطقة الغربية في مقاتلة داعش، والاستفادة من جهودها الوطنية في محاربة الإرهاب»، موضحا أن «العبادي تعهد بإطلاق رواتب الحشد الشعبي وأصدر تعليمات للجهات التنفيذية».

يذكر أن الحكيم يعتبر من مهندسي الاتفاق الذي جاء بالعبادي إلى السلطة وأقصى رئيس الحكومة السابق نوري المالكي.

(بغداد ـ أ ف ب، رويترز، د ب أ، العربية، السومرية، سي إن إن)