معرض الكويت للكتاب العربي ليس دكانا لبيع الكتب. وليس معرض منتجات استهلاكية نراعي فيها صحة الانسان وسقمه. معرض الكتاب في الكويت تاريخ من المفترض أن نهتم به ونحافظ عليه، وندافع عنه كمنبر ثقافي وأحد معالم الحياة الثقافية في الكويت وهو يقترب الآن من عامه الأربعين. تغير المعرض منذ أيامنا الأولى ولم يعد زواره القلة الأكاديمية والأدباء ومن يهتم في الشأن الثقافي العربي لضعف النتاج الابداعي الكويتي والخليجي في ذلك الوقت. اليوم تغيرت الحال كثيرا وأصبحت كتابات الشباب في الكويت والخليج تشكل رافدا من روافد الابداع وتلقى قبولا في معارض الكتب لا تقل عن اقبال الشباب الخليجيين على الكتب العربية والعالمية. والحقيقة الواضحة أن الشباب - بغض النظر عن مستوى كتاباتهم – هم الأكثر انتشارا وتوزيعا في كل عام.
وبالرغم من هذه الاحتفالية التي نشهدها كل عام وتميز معرض الكويت جماهيريا وقوة شرائية رغم تواضع التنظيم وقلة الدور المشاركة وضعف مستوى الفعاليات المصاحبة للمعرض مقارنة بغيره من معارض خليجية أخرى، بالرغم من كل ذلك وفي كل معرض كتاب تظهر مشكلة تؤرق الكاتب والناشر والقارئء ويبدو أنها تتفاقم بشكل كبير سوف يفقد المعرض السنوي للكتاب أهميته وربما ينهي تاريخه الجميل وذكرياته الأجمل. تشكل الرقابة هاجسا لكتابنا الكبار وربما بحكم التجربة والخبرة يستطيع هؤلاء الكتاب أن يتجاهلوا الدور الرقابي الذي تفرضه الرقابة على كتبهم، ولكن هذه الخبرة لا تتوافر لكتاب في أول حياتهم الكتابية وينظرون الى عملهم الأول كالأساس الذي تقام عليه مسيرتهم الابداعية. وما يصيب هؤلاء الشباب من خيبة أمل تصيبهم وهم في أول الطريق.نؤمن أن الرقابة على الكتب يجب أن تكون ذاتية في الحالتين: الكتابية والقرائية. فرقابة الكاتب الذاتية أولا وايمانه بالقارئ الذي سيقدم له كتابه، الكاتب يدرك أهمية النص الذي يقدمه ويضع اسمه عليه، ويدرك الرسالة التى يحملها. لا يحتاج الكاتب الى وصاية أو رسم طريق أخلاقية له كي يسير عليها. والحال كذلك بالنسبة الى القارئ الذي يختار كاتبه أيضا دون وصاية من أحد معتمدا على رقابته الذاتية وذوقه القرائي. لا يمكن لأحد ما أن ينظر الى الكاتب أو القارئ كشخص ناقص النمو العقلي ويحتاج الى وضع وجبة ثقافية خاصة به ومنع وجبة أخرى سيعاني من عسر فهم في حال قراءتها.وفي الوقت الذي لا نجد فيه سببا منطقيا لفرض وصاية بأي شكل من الأشكال على ذهنية القارئ والكاتب، يبدو أن احباط الشباب وفرض رقابة على أعمالهم الأولى لا يشكل هما يؤرق القائمين على الرقابة، التي لا تلقي بالا لرفض أعمالهم الأولى. وربما يرى من يؤيد الرقابة على كتابات الشباب أن هناك تجاوزات أخلاقية أو دينية تستحق منع هذه الكتب. ولكن تلك ليست الحال مع الشابين فيصل الحبيني وفيصل الرحيل.قرأت العملين ولا اعرف حقيقة ماهي الأسباب التى أدت الى منع الكتابين، ففي الوقت الذي ندافع فيه عن أعمال ضعيفة المستوى لغة ومضمونا، حتى لا أقول هابطة، تمنع كتب مبشرة وناضجة وان كانت تجارب أولى للشباب. لا نعرف ما الأسس التي تعتمدها الرقابة في منع الكتاب، خصوصا أن التدقيق في كل جملة وكلمة يتم على الكتب الكويتية ولا يتم بالمثل على كتب عالمية، أتمنى فعلا أن نعرف ما الخطر الفكري الكبير الذي يشكله هذان الكتابان على عقلية المتلقي حتى نوافق مع الرقابة على منعهما.
توابل - مزاج
معرض منع الكتاب
23-11-2014