الاتفاق على نفط أربيل أبعد بكثير من جبال كردستان

نشر في 04-12-2014 | 00:15
آخر تحديث 04-12-2014 | 00:15
No Image Caption
شيعة العراق يستذكرون حروباً أهلية لم تحسم طوال قرن
باتت كواليس زيارة محافظ نينوى أثيل النجيفي لواشنطن تتكشف تدريجياً، فهي تضم وفداً سنياً أوسع كما يبدو، وتعلن دخول الحوار بين السُّنة والأميركان شوطاً جديداً، كما أن التوقيت ذو معنى؛ فالتطبيع المتفائل بين أربيل وبغداد وإبرام اتفاق نفطي نادر سيسمحان بالتفرغ للمشكلة السنية بنحو أفضل.

 والشيعة اليوم ينقسمون بين اتجاهين، وينظرون إلى حل المشكلة الفدرالية مع الأكراد على أنه يتجاوز حدود أربيل، ويصنع نموذجاً للتفاوض مع السنة، «شاء من شاء وأبى من أبى»، كما يردد قادة شيعة في جلساتهم الخاصة، إذ يعتقد الاتجاه الأول أنه من الضروري الاعتراف بحقيقة جديدة كبيرة، والاستفادة من تاريخ الصراع الأهلي طوال قرن مضى، وإدراك أن السُّنة اليوم هم مثل الأكراد في السبعينيات، حيث عجزت بغداد عن حكم مناطقهم رغم الجهود العسكرية والدبلوماسية الكبيرة التي بُذِلت بهذا الشأن.

وها قد أصبحت كردستان نموذجاً للإدارة اللامركزية الأقرب إلى الكونفدرالية في علاقتها مع بغداد، وهذا النموذج يغري السُّنة بأن يحققوا مكاسب مشابهة ويأخذوا من الحكومة المركزية حق تأسيس حكم سني في إطار فدرالي شديد اللامركزية، ولا توجد لهذا مناسبة أفضل من وجود تحالف دولي يريد الإطاحة بخليفة «داعش» الذي يسيطر على معظم المدن السنية في العراق اليوم.

هذا النوع من الشيعة يفضل، وإن بحذر، التعامل مع سنة أقوياء من رجال أعمال وضباط سابقين وزعماء قبائل، لتحقيق صيغة الاستقرار هذه، ويتفهم الخطوات الصعبة التي تتطلبها. وتعد الأحزاب القريبة من النجف حالياً والمعارضة لسياسات رئيس الحكومة السابق، مهيأة لدعم هذا الاتجاه، وهي أحزاب صاغت التهدئة مع كردستان، وأشاعت مناخاً إيجابياً يفتح ممكنات تسوية كبيرة مع السُّنة في ملفات السلطة والثروة والحق في حكم مناطقهم بأنفسهم، في تحول إداري وسياسي كبير من دولة شديدة المركزية أنتجت الاستبداد ثم تفككت، إلى اتحاد فدرالي يعترف بتنوع شعوبه.

أما الاتجاه الشيعي الآخر فهو القريب من طهران، والذي يعتقد أن ظهور كيان سني مماثل لكردستان، قد يحقق استقراراً عراقياً معيناً، غير أنه سيمنع الطائفة الشيعية العالمية، من تطوير أحلامها باستكمال طوق النفوذ في المنطقة، وهؤلاء يفضلون إبقاء السُّنة ضعفاء ليلعبوا على تناقضاتهم ويضربوا طرفاً بطرف لسنوات، معتقدين أن الإجراءات الميدانية الأخيرة ستوفر حماية لبغداد من أي انهيارات إضافية تحصل في المنطقة السنية، حتى لو كان هذا «لعباً بالنار».

ولذلك يعتقد الكثير من السنة أنهم اليوم ضحية صراع شيعي- شيعي، ويبحثون عن طريقة لتقوية الاتجاه الذي يمثله الساسة المقربون من النجف، ضد الأحزاب الممثلة لوجهة نظر طهران. وهذه قضية يقول ساسة كبار إنها ظلت مطروحة على طاولة الأميركان وفي اجتماعات إقليمية مهمة حضرها ممثلو نينوى والأنبار مؤخراً.

back to top