«معالم الوعي القومي» في «طي الذاكرة»
ضمن مشروع {طيّ الذاكرة} لدى {المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات}، أعيد نشر كتاب {معالم الوعي القومي} بقلم المؤرّخ والمفكّر اللبناني رئيف خوري.
ويهدف {طيّ الذاكرة} إلى البحث عن المنسيّ والمفيد من الكتب القديمة، وإعادة نشر المتميز منها؛ بغية ترميم الجسور المعرفية، وردم الهوّة بين عوالم الأفكار ومراحلها، وإعادة الوعي والاعتبار إلى ما نُسي أو كاد يُنسى منها.
ويهدف {طيّ الذاكرة} إلى البحث عن المنسيّ والمفيد من الكتب القديمة، وإعادة نشر المتميز منها؛ بغية ترميم الجسور المعرفية، وردم الهوّة بين عوالم الأفكار ومراحلها، وإعادة الوعي والاعتبار إلى ما نُسي أو كاد يُنسى منها.
بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على صدوره للمرة الأولى، صدر حديثاً كتاب المؤرّخ والمفكّر اللبناني رئيف خوري بعنوان {معالم الوعي القومي}.يقع الكتاب في 184 صفحة من القطع الكبير. وتكمن أهميته في إعادة اكتشاف النقاش والسجال الفكري اللذَين شهدتهما المنطقة العربية في أربعينيات القرن الماضي، حين كانت أوروبا تعيش في فضاءات الحرب العالمية الثانية وانقساماتها الأيديولوجية؛ إذ كان رئيف خوري حاضراً في تلك الانعطافة التاريخية حين قرّر مناهضة الفاشيّة والنازيّة، ومواجهة الأفكار المتطرفة التي حذّر من خطرها على وحدة المنطقة وحريتها واستقلالها.
في الكتاب قسمان: تضمّن القسم الأوّل مناقشة رئيف خوري كتاب الوعي القومي لقسطنطين زريق الذي صدر لأوّل مرة في عام 1939، بينما صدر كتاب خوري للمرّة الأولى في عام 1941. أمّا القسم الثاني ففيه محاضرات ألقاها الكاتب ودراسات نشرها في صحفٍ ومجلات كانت تصدر في بيروت ودمشق، وقد ارتأى المركز إضافتها إلى الكتاب، لأنّها تتعلّق بالموضوع ذاته الذي يناقشه القسم الأوّل، وهو الوعي القومي.رؤيتان في القسم الأوّل من الكتاب يقوم رئيف خوري بالردّ على زريق، موضحاً عثراته وأخطاءَه التي وقع فيها، منتقداً {الوعظ المملّ} الذي وقع فيه في مقدمة كتابه، ومنتقداً أيضاً تحيّز زريق إلى روحانية الشرق؛ إذ نجده عندما يتحدّث عن الفلسفة في البلدان العربية يؤكد أسماء كبيرة في الفلسفة الغربية أمثال أفلاطون وديكارت وإيمانويل كانط، وينسى، كما يقول خوري، الفلاسفة الماديين أمثال بيكون وفيورباخ ولوك.ويعرض الكتاب رؤيتين متغايرتين للوعي القومي؛ الأولى مثالية وطوباوية عند قسطنطين زريق، والثانية واقعية جدلية عند رئيف خوري الذي اختار أن يختم كتابه باقتباسٍ من جبران خليل جبران يقول فيه: {لبناني هو الفلاحون... والرعاة... والكرامون... والبناؤون... والحائكون وصانعو الأجراس والنواقيس...}؛ أي أنّ الوعي القومي يرتكز على العمل لا على التنظير فحسب. ويستند إلى القوى العاملة في المجتمع وإلى أبناء الشعب الناشطين لا إلى من آثروا العيش في أبراجهم العاجيّة.وفي القسم الثاني من الكتاب، والذي اشتمل على تسع محاضرات ومقالات لرئيف خوري، يعالج المؤلف التطوّر الذي حصل في مفهوم القومية العربية. ويوضح أنّها قومية تحررية. في حين يتكلّم في عددٍ من النصوص عن مسألة الاتحاد العربي والقومية العربية الجامعة. ويرى أنّه لا استقلال للعرب إلّا باتحادهم، وبتجاوز العصبيات السامّة التي تحرّك خيوطها الدول الاستعمارية.ورئيف خوري كاتب وناقد وصحافي وأديب لبناني. كان أحد أهم أركان مجلة «الآداب» مع كل من نزار قباني، ونازك الملائكة، وعبد الله عبد الدايم، وخليل حاوي. ولد سنة 1913 في لبنان، وتخرج سنة 1932 في الجامعة الأميركيه في بيروت بشهادة بكالوريوس في الأدب العربي وتاريخ الآداب الشرقية. درّس في كلٍّ من لبنان وسورية وفلسطين. دافع عن قضية فلسطين في كلمة ألقاها كممثل للشباب العربي في مؤتمر الشبيبة العالمي الثاني المنعقد في نيويورك سنة 1938. نتيجة ذلك منع من دخول فلسطين عند عودته بأمر من المندوب السامي فعاد إلى لبنان وإلى مهنة التدريس. وعُرف عنه موقفه المعادي لقرار تقسيم فلسطين 1947. وله نحو عشرين كتاباً.