سرقة الديزل وليس سعر الدعم

نشر في 11-01-2015
آخر تحديث 11-01-2015 | 00:01
 مظفّر عبدالله أظن أن دراسة تقنين أو رفع الدعم الجزئي عن البنزين والكهرباء والماء قد توارت خجلاً بسبب تداعيات رفع الدعم عن الديزل، وهو ما دفع عدداً من نواب البرلمان إلى تقديم مقترح لتأجيل تطبيق رفع الدعم إلى العام المقبل، وهو في نظري اقتراح في محله.

أول العمود:

الموقف الأكثر عقلانية من جريمة "شارل إيبدو" بباريس هو التساؤل: لماذا يحدث القتل والرسم المسيء للأديان في بلد مثل فرنسا؟

من حق الدولة مراجعة أي دعم مالي تقدمه إلى المواطن والمقيم إن ثبت عدم جدواه سياسياً أو اقتصادياً، أو إن ثبت التلاعب به. وبحسب معلومة وزير النفط د. علي العمير فإن الدعم الكلي للعديد من السلع يكلف الدولة 18 مليار دولار سنوياً، ويأخذ دعم الديزل منه مليار دولار فقط، في وقت يقر وزراء بمشكلة تهريب الديزل وبعض المشتقات الأخرى، وكان مجلس الأمة كلف ديوان المحاسبة بالتحقيق في الموضوع وقد حصل.

إذن هناك اعتراف بأصل المشكلة وهي السرقة والتهريب والاستفادة، على خلاف الهدف الذي رسمته الحكومة حينما قررت دعم هذا المنتج ومنتجات أخرى كثيرة، وكان الواجب تفعيل وسائل الضبط من قبل وزارة الداخلية والجمارك والهيئة العامة للصناعة وهيئة البيئة وتقديم المهربين (أشخاصاً وشركات) إلى القضاء قبل الدخول في موضوع رفع الدعم الذي جاء متسرعاً وغير محسوب النتائج، ووصلت نتائجه السياسية إلى تنور المخابز التي أقفل بعضها احتجاجاً على رفع الدعم، واضطرت الدولة إلى زيادة إنتاج المخابز الآلية تحسبا للطوارئ.

من نتائج التسرع اليوم محاولة إيجاد استثناءات لهذا القطاع أو ذاك من رفع الدعم، كما حدث لشركات المواد الإنشائية، وهو ما يثبت عدم واقعية القرار بالشكل الذي أخرج فيه.

وأظن أن دراسة تقنين أو رفع الدعم الجزئي عن البنزين والكهرباء والماء قد توارت خجلاً بسبب تداعيات رفع الدعم عن الديزل، وهو ما دفع عدداً من نواب البرلمان إلى تقديم مقترح لتأجيل تطبيق رفع الدعم للعام المقبل، وهو في نظري اقتراح في محله، وأتمنى أن تفهمه الحكومة بأنه طوق نجاة لامتصاص النقد والهجوم الشعبي عليها.

مرة أخرى، يأتي موضوع تهريب الديزل ليثبت لنا ضعف القناعة بضرورة المحاسبة، فبضع شركات مخالفة أضرت بالناس جميعاً، مواطنين ومقيمين، ونتيجة ما حصل شيئان، الأول تحصين مهرب الديزل من المساءلة، وتراجع فرص الحكومة في الترويج لبرنامجها الاقتصادي الخاص بالترشيد بسبب سوء إخراج مشهد الديزل.

أعتقد أنه من الواجب الآن الإفصاح عن قيمة الديزل المهرَّب وإعلانها للناس، فضلاً عن محاسبة من ثبت عليه التهريب، لأنه جريمة سياسية.

back to top