بعد أيام من توصل الولايات المتحدة وتركيا إلى اتفاق جاء بشق الأنفس لتدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، اتهمت الاستخبارات الأميركية أنقرة بعدم إعطائها الأولوية لمحاربة تنظيم "داعش" في سورية، بالتزامن مع بدء المبعوث الأممي زيارة لدمشق لتثبيت خطة وقف إطلاق النار المرتقبة.

Ad

وسط تصاعد المخاوف حول مصير 220 مسيحياً آشورياً خطفهم عناصر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في سورية، أعلن رئيس الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر أن محاربة التنظيم المتطرف ليست اولوية بالنسبة الى تركيا، ما يسهل عبور المقاتلين الأجانب عبر أراضيها الى سورية.

وقال كلابر، خلال جلسة استماع امام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أمس الأول: "أعتقد ان تركيا لديها اولويات اخرى ومصالح اخرى" غير تكثيف المشاركة في الحرب على التنظيم المتطرف، مشيرا الى ان الحكومة التركية قلقة اكثر ازاء المعارضة الكردية والشؤون الاقتصادية.

وبحسب كلابر فإن استطلاعات الرأي في تركيا تشير الى ان "داعش" لا ينظر اليه باعتباره "تهديداً رئيسياً"، وأنه ليس متفائلا بأنها ستقوم بدور اكثر فعالية في الحرب ضده.

وأضاف المسؤول الاميركي ان "نتيجة كل ذلك هو (وجود) أجواء متساهلة بسبب القوانين وإمكان السفر برا من تركيا الى سورية". وتابع: "وبالتالي هناك نحو 60 في المئة من المقاتلين الاجانب الذين يصلون الى سورية عبر تركيا".

وأوضح كلابر أن بعض الحكومات الاخرى ترددت في الانضمام الى الائتلاف الدولي ضد التنظيم الجهادي لان الولايات المتحدة لم تواجه نظام بشار الاسد بشكل مباشر. إلا ان "وحشية" مسلحي "داعش" وعمليات قطع رؤوس الرهائن وحرق الطيار الاردني، كان لها "اثر في توحيد" الرأي العام في الشرق الاوسط ضد التنظيم.

وقال: "أعتقد ان هناك رغبة اكثر في التعاون" مع الولايات المتحدة ضد التنظيم في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا لجهة تقاسم المعلومات، مقراً بأن الولايات المتحدة تعاني "ثغرات" في المعلومات الاستخباراتية في سورية اذ ليس لديها اي سفارة او انتشار هناك.

وأشار الى ان التنظيم يواجه صعوبات في الموصل بشمال العراق من اجل تأمين الاموال للطاقة الكهربائية وغيرها من الخدمات. وقال: "ليس لديهم ما يكفي من التمويل لتأمين الخدمات البلدية اللازمة لادارة مدينة يقطنها مليون شخص، وهناك مؤشرات على انقطاع التيار الكهربائي ووجود نقص في المواد الغذائية".

ومضى يقول إن هناك اشارات على ان التنظيم "يلجأ الى التجنيد الالزامي بعد تكبده خسائر جسيمة في المعارك خصوصاً حيث قتل ثلاثة آلاف من التنظيم على الاقل".

المبعوث الدولي

إلى ذلك، أعلنت الامم المتحدة أمس الأول ان المبعوث الدولي الى سورية ستيفان ديميستورا سيزور دمشق اليوم لإجراء محادثات مع الحكومة السورية حول اقتراحه اعلان وقف اطلاق نار موضعي في حلب.

وأعلن الناطق باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريتش ان ديميستورا "موجود حاليا في بيروت وسيتوجه السبت الى دمشق للقاء كبار المسؤولين الحكوميين السوريين وبحث وقف الاعمال الحربية" الذي اقترحه.

وكان ديميستورا قدم لمجلس الامن في 30 اكتوبر "خطة تحرك" في شأن الوضع في سورية تقضي "بتجميد" موضعي للقتال وخصوصا في مدينة حلب للسماح بنقل مساعدات والتمهيد لمفاوضات. وكانت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطة نقلت عن مصادر مطلعة قولها ان ديميستورا "سيبدأ مباحثاته في وزارة الخارجية السبت لبحث جديد مبادرته"، مضيفة أن نائبه رمزي عز الدين "اجرى مباحثات في وزارة الخارجية" خلال اليومين الماضيين.

أزمة اللاجئين

بدوره، قال المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انتونيو غوتيريس أمس الأول ان ازمة اللاجئين السوريين بلغت "منعطفا خطيرا" وطالب الاوروبيين ودول الخليج بان يكونوا اكثر سخاء واكثر حفاوة باللاجئين.

وأوضح انه بوجود 3.8 ملايين سوري لاجئ في دول الجوار السوري (خصوصا في لبنان والاردن) فان هؤلاء باتوا يشكلون "اكبر عدد من اللاجئين تحت رعاية المفوضية العليا".

واضاف ان هذه الازمة "تتجاوز قدرات التعاطي الحالية" وهناك نحو مليوني سوري دون 18 عاما "مهددون بأن يشكلوا جيلا ضائعا".

وتابع أمام مجلس الامن الذي اجتمع في جلسة حول الوضع الانساني في سورية: "كلما ازداد اليأس وتضاءل فضاء الحماية المتاح، نقترب اكثر من منعطف خطير".

ووجه غوتيراس نداء للدول الاوروبية ودول الخليج "لمنح المزيد من الفرص" للسوريين للاقامة في دولهم، لتخفيف العبء على دول الجوار وردع الراغبين بالهجرة بحرا.

وفي ظل هذه الظروف اضاف المفوض ان اجتماع المانحين المقرر في الكويت "سيكون له دور مهم في استقرار الوضع في بلدان استقبال اللاجئين".

وتحتضن الكويت المؤتمر الدولي الثالث للمانحين في 31 مارس والمخصص لجمع اموال للعمليات الانسانية في سورية.

حلب وحمص

ميدانياً، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تجدد الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم "داعش" شرق كوباني، وسط قصف عنيف ومتبادل بين الطرفين، بالتزامن مع قصف لطائرات الائتلاف الدولي على مواقع التنظيم.

في هذه الأثناء، فتح طيران النظام السوري نيران رشاشاته الثقيلة على تمركزات للكتائب المقاتلة في محيط قريتي حندرات وباشكوي بريف حلب الشمالي، في حين درات اشتباكات على اطراف حي بستان الباشا شمال شرق حلب، حيث تمكنت الكتائب المقاتلة من تأمين انشقاق عنصرين من قوات النظام في المنطقة.

وبينما دارت اشتباكات عنيفة في محيط محطة الحفنة قرب مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي بين عناصر "داعش" والنظام، سقطت ليل الخميس- الجمعة قذيفتان على مناطق في حي الحجر الاسود وردت قوات النظام بقصف مناطق في شارع الـ30 قرب مخيم اليرموك قرب دمشق.

(دمشق، واشنطن- أ ف ب، رويترز، د ب أ)