يأمل حزب «الجبهة الوطنية» الفرنسي بزعامة مارين لوبان، أحد أقوى أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، بتحقيق فوز في الدورة الأولى لانتخابات مجالس الأقاليم في فرنسا، والتي انطلقت أمس، ومن المتوقع أن تفضي الى هزيمة لـ «اليسار» الحاكم في فرنسا.

Ad

وقد فتحت مراكز التصويت، أمس، في إطار الدورة الأولى، باستثناء باريس وليون (المدينتين الكبيرتين، حيث لا توجد مجالس أقاليم) بينما يتوقع أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة.

ويحظى «الجبهة الوطنية» بحوالي 30 في المئة من نوايا التصويت، في حين تشير استطلاعات الرأي إما الى تقدمه على حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» (يمين الوسط) الذي يتزعمه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، وإما يأتي مباشرة وراءه.

ويعتبر هذا الاقتراع جولة تسخين ما قبل الأخيرة قبل انتخابات مجالس المناطق أواخر العام الحالي والانتخابات الرئاسية المقبلة في 2017.

وقالت لوبان هذا الأسبوع: «في غضون بضعة أشهر ننطلق الى المناطق ثم سنتوجه نحو الإليزيه».

في المقابل، يتوقع أن يسجل الحزب الاشتراكي الفرنسي (يسار الوسط) بزعامة الرئيس فرنسوا هولاند تراجعا كبيرا، ولاسيما مع تدني شعبية السلطة التنفيذية بعد شهرين من تحسّنها لفترة عابرة على إثر اعتداءات باريس الإرهابية. فاليسار المنقسم (الاشتراكيون، أنصار البيئة، الشيوعيون) الذي يترأس 61 إقليما من أصل 101، مهدد بخسارة نحو 30 منها في الدورة الثانية المرتقبة في 29 الجاري، والتي قد يستبعد فيها عددا من مرشحيه.

ويتوقع في الحالة هذه أن يفوز «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الذي يعيد رص صفوفه، مع حلفائه الوسطيين، مستفيدا من انتقال منتظر لأصوات من اليسار إليه من أجل قطع الطريق أمام «الجبهة الوطنية» الذي يطمح الى الفوز بواحد أو أربعة أقاليم.

وفرص «الجبهة» الرئيسية تكمن في إقليم فوكلوز أحد ابرز معاقلها في جنوب شرق فرنسا، وإقليم اين الفقير في شمال البلاد. وفي مجمل الحالات يبدو من المؤكد أن «الجبهة» ستضاعف عدد منتخبيها في مجالس الاقاليم الذين يبلغ عددهم حاليا ثلاثة.

يأتي ذلك خصوصا بينما تمكّن حزب لوبن بعد سنة على نجاحه في الانتخابات البلدية والأوروبية في عام 2014، من فرض خطابه المناهض لأوروبا وللنظام والهجرة في قلب المشهد السياسي الفرنسي. كما انه لا يخفي مطلقا رغبته في الوصول الى سدة الرئاسة.

فبعد أن ظل منبوذا لفترة طويلة في المناطق الريفية بات اليمين المتطرف يشق طريقه بنجاح، ولاسيما أن هذه المناطق تعاني صعوبات اقتصادية محصورة في الغالب وتضربها الأزمة.

وأكد باتريك فاسور صاحب كشك في قرية ريبمون في إقليم اين «ان الجميع يعاني هنا. وعندما تعانون تريدون حلا جذريا (...) إن الاقتصاد هو الذي يدفع الى صعود الجبهة الوطنية، وكذلك نقص العمل وارتفاع الضرائب».

وسعيا منه الى تعبئة معسكره أطلق رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس هجمات شرسة على اليمين المتطرف، معبرا عن «خوفه» من «الجبهة»، لكن هذا الموقف لم يكن له أي وقع على ما يبدو لدى الرأي العام، حيث تدهورت شعبيته بعشر نقاط منذ شهر، في حين تثير استراتيجيته التشكيك لدى المحللين السياسيين.

وقال بريس تانتوريه من معهد ايبسوس للاستطلاعات الرأي ان «ذلك يضع الجبهة الوطنية في مركز اللعبة».

وعلّق المؤرخ والمحلل السياسي نيكولا لوبور على ذلك بالقول «نفهم تكتيكه: إعادة التركيز على المسألة الأخلاقية قبل اقتراع قد يكون كارثة لفريقه»، لكنه أكد في الوقت نفسه «أن موضوع مناهضة الفاشية لم يعد ينجح».

فالتصويت لـ «الجبهة» لم يعد تعبيرا عن الاحتجاج فقط، بل وأيضا عن «تضامن» ضد الهجرة كما قالت فرجيني مارتان الاختصاصية في اليمين المتطرف في مركز الابحاث «فكر بشكل مختلف».

وقد أكدت مارين لوبان «أولوية العمل بالنسبة للفرنسيين» و»وقف الهجرة»، مركزة أثناء حملتها الانتخابية على المواضيع التي يشدد عليها حزبها، مستفيدة أيضا من الخوف الناجم عن اعتداءات باريس للمطالبة بـ»تجميد بناء المساجد» في إطار مكافحة الارهاب.

ويثير صعود الجبهة الوطنية المتواصل أيضا الارتباك في المعارضة اليمينية المنقسمة حول سبل وقف هروب ناخبيها باتجاه مارين لوبان وتسعى أحيانا لاصطياد أصوات من ناخبيها.

وقد عبّر ساركوزي هذا الأسبوع عن تأييده لاختفاء الوجبات الخالية من لحم الخنزير في المطاعم المدرسية، ومنع ارتداء الحجاب في الجامعات.

(باريس ـــ أ ف ب)