وثيقة لها تاريخ: الإنكليز يطلبون إذناً لاستكشاف «القار» عام 1913 ويتطلعون إلى امتياز نفطي
عندما كنت مديرا لإدارة الإعلام البترولي والعلاقات العامة في وزارة النفط (2000-2006) اهتممت بتاريخ النفط في الكويت، وأتيحت لي الفرصة لزيارة أرشيف شركة البترول البريطانية مع الأخت الشيخة تماضر خالد الصباح والأخ العزيز مضحي الشمري.وتمخضت هذه الزيارة، التي لم تستغرق أكثر من خمسة أيام، عن عدة نتائج ملموسة، هي تأليف ثلاثة كتب نفطية، وإقامة معرض للصور النادرة التي عثرنا عليها في أرشيف الشركة الذي يقع بجامعة بريطانية خارج لندن. الكتب التي تم تأليفها هي «صور من تاريخ الكويت النفطي»، الذي نفدت طبعته منذ سنوات عديدة، و»وثائق نفطية»، و«مستندات نفطية» الذي كان للزميلة المحترمة سندس العبيد دور كبير في إعداده وترتيبه.
وكانت الانطباعات عندي من خلال ما عرفته في تلك الفترة أن بدايات النفط كانت في الثلاثينيات، وتكللت بتوقيع أول اتفاقية امتياز للنفط عام 1934. إلا أنني عندما أتيحت لي الفرصة للاطلاع على أرشيف المكتبة البريطانية في لندن، من خلال زيارات متكررة، وجدت أن هناك معلومات غائبة عني في موضوع بدايات النفط في الكويت، لذلك أخذت نسخا من هذه الوثائق قبل سنتين تقريبا واحتفظت بها. وأجدني اليوم متوجها للكتابة حول هذا الموضوع لعل فيه فائدة للقراء الكرام. ونبدأ بالقول إن بدايات الاستكشاف عن النفط لم تكن في الثلاثينيات من القرن الماضي، بل قبل ذلك بعقدين من الزمان على أقل تقدير. ولنبدأ بالوثيقة الأولى الدالة على ذلك، وهي رسالة من المقيم البريطاني في الخليج سير بيرسي كوكس تاريخها 27 أكتوبر 1913 وهي كما يلي:«من كرنل سر بيرسي كاكس باليوز وقنصل جنرال الدولة البهية القيصرية في خليج فارس الى جناب الاجل الاحشم حميد الشيم عمدة الاصحاب الشيخ سر مبارك الصباح ك سي آي اي حاكم الكويت دام بقاه،، غب سؤالنا عن خاطركم لا زلتم في خير وسرور بعده منخصوص المذاكرة الذي جرة بيننا امس اذا جنابكم ما تشوفون فيها اعتراض ارجو من جنابكم ان ترخصوني اخبر الدولة البهية القيصرية الانكليزية بان جنابكم راضين بوصول جناب ادمرار اسليد لاجل ملاحظة مكان القار في البرقان وغير اماكن واذا صار في نظرهم امل تحصيل الكاز منه جنابكم تقبلون بان لا تعطي امتياز في هذا الخصوص الى احد سوى الشخص المعين الموصّا له منطرف الدولة البهية القيصرية الانكليزية هذا ما لزم بيانه لجنابكم ودمتم سالمين محروسين.26 ذي القعدة 1331 مطابق 27 أكتوبر 1913».ونجد في هذه الوثيقة أن الإنكليز وجدوا دلائل تشير الى وجود النفط (أو كما ذكر في الوثيقة القار)، وهو أمر يعرفه أهل الكويت، فالقار الطافح على وجه الأرض استخدمه أهل الكويت في القديم كعلاج للجرب في الجمال وبعض الدواب، كما استخدم أيضا كمادة عازلة في المباني ويسمى «الطار». ويفهم من الوثيقة أيضا أن الإنكليز يريدون القيام بالاستكشاف في منطقة برقان التي تفجر فيها أول بئر نفطية عام 1936.في المقال المقبل إن شاء الله سأعرض لكم أعزائي القراء رد الشيخ مبارك، وبعض التفاصيل الأخرى والوثائق المرتبطة بالموضوع.