«غربة»... مونودراما صادقة حول الغربة الحقيقية للعرب
عبدالحميد قامة كبيرة وحضور من الوزن الثقيل
قدّم مسرح الفن الحديث العراقي عرضا بعنوان «غربة»، وذلك ضمن فعاليات مهرجان الكويت للمونودراما في دورته الثانية، هذا العمل الذي دخل من خلاله الفنان القدير د. سامي عبدالحميد موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية، كأكبر ممثل (تجاوز 80 عاما) يؤدي دورا على خشبة المسرح.«غربة» تقدم رسالة صريحة وصادقة، ورد فعل جريئا على الغربة الحقيقية التي يعيشها الإنسان العراقي خاصة والعربي عامة، من خلال رحلة تغوص في أعماق آلام الشعب العراقي، عبر مراحل زمنية مختلفة، أفرزتها سياسة النظام البائد على الإنسان العراقي، محاولة أن تقلل من قيمته، عن طريق تهجيره إلى الخارج، وفي الوقت نفسه تضغط عليه في سجن الداخل. كما تقدم إشارة وإسقاطا على أن معظم العرب يشعرون بتلك الغربة في كل مكان يعيشون فيه، حتى وإن كانوا مقيمين داخل بلدانهم.
يتجسد ذلك في مشهد يقول فيه عبدالحميد: «يأتي اليوم الثاني والأربعون، يأتيك من يسأل عن أوراقك ويتفحص أختامك ويودعك الملجأ، هذا الملجأ الموقف السجن الزنزانة، نصفه من تاريخك، أليس نصف تاريخ العراق سجون ومواقف وملاجئ، ونصفه من زملائك، أليس نصف العراقيين تعرضوا للسجن والاضطهاد»؟ وفي مشهد آخر يصف ما يتعرض له العراقي من اضطهاد وتحجّر وإذلال في الجندية، لذا فكل عراقي يريد أن يتخلص من الجندية ويتطلع إلى الحرية، بقوله: «لم كبلت نفسي بالقيود، أريد أن أتحرر، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا»؟ قدّم عبدالحميد درسا تطبيقيا رائعا في القدرة على التنوع والتلوين في الأداء المسرحي، وتمنينا أن يحضر هذا العرض الفنانون الشباب وطلبة المعهد العالي للفنون المسرحية، ليشهدوا تجربة هذا المسرحي العملاق، ويروا بأنفسهم هذا الدرس المسرحي في استمرارية المبدع شيخ المسرح العراقي عبدالحميد في إبداعاته، رغم كبر سنه (87 عاما).طاقم العمل: التأليف جمال الشاطي، إخراج د. كريم خنجر، تمثيل د. سامي عبدالحميد، إدارة مسرحية فوزية عارف، موسيقى سليم سالم، ديكور سهيل البياتي، المدير الفني د. مظفر الطيب، كاتب الرسالة د. حسن السوداني.يبقى القول إن سامي عبدالحميد قامة مسرحية كبيرة وحضور من الوزن الثقيل.