يرى خبراء الصناعة النفطية أن مشهد الطاقة أخذ يتغير، وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يتفوق الطلب على النفط في الدول النامية على نظيره في البلدان الصناعية.

Ad

شهدت أسعار النفط في نهاية الأسبوع الماضي هبوطاً جديداً عقب ارتفاعها أكثر من 2 في المئة أخيراً، مدفوعة بهبوط في مخزون الخام الأميركي والتوترات في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى محللون أن الطاقة لن تتمكن من التعافي في المستقبل المنظور نتيجة مجموعة عوامل تقنية واقتصادية متمثلة في التوسع باستخدام مصادر الطاقة البديلة مثل مزارع الرياح، والألواح الشمسية، والسيارات الهجينة والكهربائية والموفرة للوقود، إلى آخر ما هنالك من السبل التي تقلص إلى حد كبير الاعتماد على الطاقة التقليدية.

وفي المقابل، كان الطلب العالمي على المنتجات النفطية قوياً بصورة لافتة نتيجة تحسن معدلات الاستهلاك مدفوعة بانخفاض أسعار النفط، وانسحب ذلك حتى على الأسواق الأوروبية.

ثمة حقيقة شبه مؤكدة اليوم مفادها بأن توجهات مسار الطاقة أصبحت على درجة من التعقيد بحيث لم يعد بوسع حتى أكثر العارفين ببواطن الأمور رسم صورة واضحة لمستقبل النفط. وعلى سبيل المثال، شهدت بوصلة النفط تذبذباً لافتاً خلال السنوات الماضية نجم عن زيادة عمليات استخراج الزيت الصخري – وخصوصاً في الولايات المتحدة وكندا، لكن هذه الطفرة ما لبثت أن تراجعت إثر هبوط أسعار النفط منذ الصيف الماضي، وارتفاع تكلفة الاستخراج بحيث غدت العملية غير مجدية اقتصادياً.

الطاقة النووية

الأمل الآخر الذي تبدد - إلى حد كبير- كان التعويل على الطاقة النووية، وسط توقعات تشير إلى أن العالم سوف ينفق نحو 300 مليار دولار أمريكي حتى عام 2020 في بناء محطات جديدة للطاقة النووية، لكن الكوارث الميدانية – كما حدث في مفاعل  تشيرنوبل في أوكرانيا عام سنة 1986 والذي اعتبر أسوأ كارثة إنسانية في القرن العشرين، وكارثة محطة فوكوشيما اليابانية التي نجمت عن تسونامي بحري في مارس 2011، لعبت دوراً مؤثراً في الابتعاد عن هذا المصدر المحفوف بالمخاطر.

وفي السياق، قررت ألمانيا في أعقاب تلك الحوادث التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، ويبدو أن العالم أصبح الآن في طريقه نحو الاعتماد على طاقة نووية تعتمد على أنواع حديثة من المفاعلات، تشكل الخيار الآمن لمستقبل الطاقة.

ويرى خبراء هذه الصناعة أن مشهد الطاقة أخذ يتغير، وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يتفوق الطلب على النفط في الدول النامية على نظيره في البلدان الصناعية.

أما الجانب المعقد في هذا السياق، فيتمثل في الأسباب التي دفعت إلى هذا الهبوط السريع في أسعار النفط، والجواب أن ذلك يرجع إلى المبدأ التقليدي في العرض والطلب.

وعلى سبيل المثال، فإن الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة الأميركية وصل إلى حوالي الضعف في السنوات الست الماضية، مما قلص من كمية المستوردات من الخارج، كما أن بعض الدول المنتجة مثل المملكة العربية السعودية ونيجيريا والجزائر أصبحت تنافس فجأة على الأسواق الآسيوية، بالتالي اضطرت إلى خفض أسعار إنتاجها.

السؤال الأخير الذي طرحته صحيفة «نيويورك تايمز»، ويشغل بال كل المعنيين في هذه الصناعة من منتجين ومستهلكين ومستثمرين، هو متى تتعافى أسعار النفط أو متى يحتمل ذلك ولو كان ذلك بنسب متفاوتة؟، وكان الرد أن ذلك لن يتحقق في وقت قريب، لأن انتاج النفط آخذ في الازدياد في الولايات المتحدة الأميركية وفي بعض الدول الأخرى.

ولكن الصحيفة توقعت أن يشهد ذلك الانتاج هبوطاً خلال النصف الثاني من هذه السنة، ورأت أن ذلك سوف يفضي إلى درجة من التعافي بأسعار النفط، وبصورة دائمة بعيداً عن التقلبات التي ميزت الفترة السابقة التي أعقبت شهر يونيو عام 2014.