قوة الدولة بالمعارضة
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
حين يتحدث بعضنا عن أن المعارضة انتهت، فهذا الكلام ينافي المنطق، فالمعارضة قد يخبو صوتها بعضاً من الوقت بسبب سياسات الداخل القمعية التي تمارسها السلطة عبر هراوات القوات الخاصة إلى سحب جناسي المواطنة، أو بسبب الوضع الإقليمي العربي وتراجع وانحسار موجة التغيير لمصلحة قوى المحافظة الحاكمة ومافيات الدولة العميقة، إلا أن المعارضة تظل موجودة بألوان مختلفة تضعف أضواؤها أحياناً وتتوهج في أحايين أخرى. البعض ينتقد المعارضة - وهذا أمر واجب - متى كان هذا النقد من أجل تقويم مسارها، لا من أجل الاصطفاف مع الجماعات الانتهازية ومداهنة السلطة العامة، وهي التي تمتلك مقادير الدولة الاقتصادية دون منازع. وتظل هناك عيوب وأخطاء كبيرة وقعت فيها مجموعات عريضة من المعارضة تمثلث في انعكاس أمراض السلطة عليها مثل علل الواسطة والمحسوبية، أو ميل بعضها إلى جماعاتها القبلية والمؤيدة لها، وصمتها عن بعض جرائم الفساد متى كان المتهمون فيها محسوبين على هذه القبيلة أو تلك «الشلة»، أو حين تقوم فئات من المعارضة باحتكار أجهزة وإدارات في الدولة بكاملها لرفاقها، وتم هذا في زمن مضى تحالفت فئات من المعارضة مع السلطة، وظهرت لها الأخيرة في عدة إدارات ومؤسسات كاملة، أيضاً كانت لهذه المعارضة أخطاؤها الفاحشة حين وقفت ضد حقوق المرأة وضد حريات الضمير وأهمها حق التعبير، وحاولت حين كانت «تشارك» جزئياً في المجلس تشريع قوانين «دراكونية» ضد حرية العقيدة، وسكتت، في المقابل، عن طرح تعديلات مشروعات قوانين مقابلة تغلق أبواب استفراد السلطة في مسائل خطيرة مثل الجنسية.... لكن يبقى في النهاية الإقرار بأنه لا يمكن تخيل الدولة الكويتية من دون معارضة، وعلى السلطة أن تقتنع بأن قوة الدولة - وهي دولة صغيرة - تكمن في دستورها وتوفير هامش للحرية، فليس لدى هذه الدولة جيوش جرارة ولا تحالفات دولية فعالة تحافظ بها على حدودها وسيادتها، هي لا تملك غير هذا الدستور وهذا الهامش البسيط من الحرية... فلماذا يتم قضمه شيئاً فشيئاً؟ انتبهوا!