أوباما يعمق الانقسام في الحزب الديمقراطي
ربما تعلم قادة الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، وهم على وشك التحول إلى أقلية، أن عليهم النظر بقدر أكبر من الجدية إلى جناحهم التقدمي وإلى زملائهم في مجلس النواب، ولكن هذا يجب أن يمثل أيضاً نداء استيقاظ بالنسبة إلى الرئيس الذي هو في حاجة إلى أن يكون أكثر اهتماماً إزاء كيفية تعامله مع الكونغرس.
كم مرة يتعين على الرئيس باراك أوباما أن يهرع لإنقاذ رئيس المجلس النيابي جون بوهنر حتى عندما لا يرغب قادة الحزب الجمهوري في تقديم الكثير في مقابل ذلك؟ وهل يريد أوباما أن يترأس عملية انقسام في حزبه؟هذان سؤالان طرحا– ضمن أسئلة أخرى– في معركة الميزانية الدراماتيكية التي أوشكت أن تخرق الموعد النهائي لإغلاق الدوائر الحكومية في الولايات المتحدة، وقد تم إقرار قانون الميزانية في مجلس الشيوخ أخيراً وسط أجواء غضب حقيقية في الحزب الجمهوري بسبب المسرحيات المعتادة من جانب السيناتور تيد كروز وهو جمهوري من ولاية تكساس.
شيء غير متوقعولكن شيئاً غير متوقع تماماً حدث خلال تلك العملية: كاد الديمقراطيون التقدميون أن يعطلوا مشروع القانون لحجب فقرتين لا علاقة لهما بالضرائب أو الإنفاق، تنص الأولى على خفض الإصلاحات المالية الخاصة بقانون دود– فرانك من خلال تخفيف قيوده على قدرة البنوك على استخدام أموال دافعي الضرائب في إيداعات بعض من مخصصات عمليات مجازفة محتملة تشمل مشتقات.وكان النائب السابق بارني فرانك حذر من أن نقل مثل تلك الفقرة إلى مشروع قانون يتعين إقراره سوف يوفر "خارطة طريق لسرقة الإصلاح المالي"، كما وصفت السيناتورة إليزابيث وارن وهي ديمقراطية من ولاية ماساشوستس ذلك على أنه "أسوأ حكومة للأغنياء والأقوياء".وقد مزقت الفقرة الثانية بقدر أكبر قوانين تمويل الحملات الانتخابية من خلال السماح لكبار المانحين بالمساهمة بما يصل إلى 1.555.200 دولار إلى لجنة حزب سياسي خلال دورة انتخابية لسنتين، وإلى ثنائي لتقديم ما يصل الى 3.110.400 دولار.«حكومة للبيع»وتلقف النائب الديمقراطي كريس فان هولن رسالة "حكومة للبيع" قائلاً: "لقد جمعتم الأمرين في مشروع قانون واحد". يذكر أن الديمقراطيين أكثر حرصاً من الجمهوريين إزاء تفادي الإغلاق الحكومي الذي يماثل بشكل فعلي تقوية الشريحة التي تستخدم تهديدات الإغلاق الحكومي على شكل عملية أخذ رهائن، وكان بوهنر في هذه المرة يعمل من نقطة ضعف، وقد أراد بصورة يائسة تفادي مثل تلك الدراما، ولكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك عن طريق أصوات الحزب الجمهوري وحده؛ لأن أعضاء حزب الشاي الخاص به أرادوا خوض معركة مع الرئيس أوباما حول أوامره التنفيذية المتعلقة بالهجرة، وكان أن فقد بوهنر 67 عضواً من حزبه في الحصيلة النهائية لأصوات المجلس النيابي.وتعتقد زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي أن الظروف الحالية أعطت التقدميين فرصة لإخراج الفقرتين المذكورتين من مشروع القانون، ولكن قبل أن تتاح لهم أي فرصة لاختبار تأثيرهم الجديد أصدر البيت الأبيض بياناً يدعو الى إقرار مشروع القانون مع توجيه انتقاد الى الفقرتين المعنيتين، وكانت الإدارة تخشى إغراق اتفاق ترى أنه أفضل كثيراً من أي شيء يمكن للكونغرس الجديد تحقيقه.ولم تشعر بيلوسي، وهي من أشد الحلفاء الموالين للرئيس أوباما، بسرور لهذه النتيجة، وقالت "أنا أشعر بخيبة أمل كبيرة لأن البيت الأبيض يشعر أن الطريقة الوحيدة من أجل الحصول على مشروع قانون هي القبول بهذه الحصيلة".موافقة الديمقراطيينوقد وافق ما يكفي من الديمقراطيين في نهاية المطاف الرئيس، وتمكنوا من إقرار مشروع القانون، ولكن الديمقراطيين الذين يظنون أن عودة حزبهم تعتمد على الانفصال عن أوساط المصالح الخاصة الكلاسيكية بعثوا برسالة مفادها أنهم لن يكونوا موضع عبث، وأن التشظي في صفوف الجمهوريين في مجلس النواب يشير الى أن أصوات الديمقراطيين قد تنطوي على أهمية في السنة المقبلة.وما هو أكثر من ذلك أن أوباما لن يتمكن دائماً من التعويل على مجلس الشيوخ لعرقلة مشاريع قوانين الحزب الجمهوري التي يعترض عليها، ومن أجل الحفاظ على اعتراضاته سوف يتعين عليه الاعتماد على الموالين في مجلس النواب، وبعضهم قد أصيب بخيبة أمل من سلوك الرئيس في هذه المرة.وقللت بيلوسي في مقابلة أجريت معها في الأسبوع الماضي من أهمية مثل هذه المشاكل، كما أصرت على أن الخلافات مع البيت الأبيض في هذه المرة كانت بشكل رئيسي حول تكتيكات قصيرة الأجل، وقالت إن محاولة إقرار ميزانية أراد الرئيس وجماعته تنقية الصفوف، بحيث تشرع الإدارة والكونغرس في انطلاقة جديدة في السنة المقبلة.وقالت بيلوسي "أنا واثقة تماماً من البيت الأبيض ومن طريقة تقدمنا الى الأمام"، كما أن معارضة العدد الكبير من الديمقراطيين أرسلت إشارة الى بوهنر تفيد بوجود حدود لما يمكن أن تقبل مع زملائها به، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بتقليص الإصلاح المالي.ومما لا شك فيه أن بوهنر وزعيم الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماك كونيل سيفكران ملياً في هذه النظرة، وربما تعلم قادة الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، وهم على وشك التحول إلى أقلية، أن عليهم النظر بقدر أكبر من الجدية الى جناحهم التقدمي والى زملائهم في مجلس النواب، ولكن هذا يجب أن يمثل أيضاً نداء استيقاظ بالنسبة الى الرئيس الذي هو في حاجة، خلال آخر سنتين من ولايته، الى أن يكون أكثر اهتماماً إزاء كيفية تعامله مع الكونغرس، وخاصة مع حلفائه.