في خطوة انقلابية استكمالية، اعلن الحوثيون أمس، تشكيل لجنة أمنية عليا تقود البلاد إلى حين تشكيل مجلس رئاسي، بينما ارتفعت الأصوات السياسية الرافضة لهذا الانقلاب، وخرجت تظاهرات غاضبة ضد «أنصار الله» التي عمد مسلحوها إلى قمع التظاهرات واعتقال الناشطين.

Ad

بعد يوم على الإعلان الدستوري الانقلابي الذي أصدره الحوثيون ويقضي بحل البرلمان اليمني وإقامة مجلس وطني بدلا منه، تمهيداً لتشكيل مجلس رئاسي ثم حكومة وحدة وطنية لمرحلة انتقالية مدتها عامان، أعلن الحوثيون أمس، تشكيل لجنة أمنية عليا لإدارة شؤون البلاد حتى تشكيل المجلس الرئاسي.

وفي أول قراراتها عقب الإعلان الدستوري، أصدرت ما تسمى "اللجنة الثورية للحوثيين" التي يقودها محمد الحوثي، قرارات جديدة تتضمن تعيينات، يتضمن قرارها الأول تكليف وزير الدفاع في حكومة خالد بحاح المستقيلة اللواء محمود الصبيحي قائماً بأعمال وزير الدفاع، ووزير الداخلية في الحكومة المستقيلة اللواء الرويشان قائماً بأعمال وزير الداخلية. كما صدر القرار الثاني الذي ينصّ على تشكيل اللجنة الأمنية العليا برئاسة الصبيحي، وعضوية الرويشان و16 من القيادات العسكرية والأمنية.

وقال البيان الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي يسيطر عليها الانقلابيون، إن "اللجنة الأمنية العليا ستدير شؤون البلاد حتى تشكيل المجلس الرئاسي". وأثار تعيين الصبيحي وظهوره إلى جانب القادة الحوثيين عند إصدارهم "الإعلان الدستوري" تشكيكاً في محيط هذا الضابط الذي يعتبر موالياً للرئيس المستقيل والمقيم في الحجز الإجباري عبدربه منصور هادي.

وألمح مدير مكتب الرئيس في تصريحات عدة مساء أمس الأول، إلى أن اللواء الصبيحي "أجبر بالقوة على الظهور مع الحوثيين"، وقال لوكالة فرانس برس "قطع كل اتصال معه ونحن قلقون على حياته".

العاصمة

وشهدت صنعاء أمس، انتشاراً كثيفاً لمسلحي حركة "أنصار الله" الحوثية بعد تجدّد التظاهرات بدعوة من منظمات حقوقية وشبابية يمنية ضد الإعلان الدستوري في عدد من المحافظات اليمنية. وعلى الرغم من الإجراءات المشددة على كل مداخل القصر الجمهوري، أدى انفجار عبوة ناسفة قام مجهولون بزرعها في المدخل الجنوبي للقصر إلى جرح عسكري ومدني.

وقال الشهود، إن مسلحي الحوثي أغلقوا شارع القصر الذي يمر أمام بوابته الجنوبية وأجبروا أصحاب المحلات التجارية على الإغلاق، مؤكدين أن هناك عبوات ناسفة أخرى لم تنفجر يجري البحث عنها.

وفي ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء فرق المسلحون الحوثيون بالرصاص الحي تظاهرة لعشرات خرجت رفضاً للإعلان الدستوري. واتهم منظمو التظاهرة الحوثيين باعتقال 17 ناشطاً في التظاهرة واقتيادهم إلى جهة مجهولة.

وقال شهود عيان، إن المسلحين الحوثيين أغلقوا كل المداخل المؤدية إلى ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء لمنع المتظاهرين من الوصول والتجمع في الساحة وقاموا بحملة اعتقالات واسعة لطلاب جامعة صنعاء.

كما أغلقوا عدداً من الشوارع في الضاحية الشمالية للعاصمة، حيث من المقرر أن يقام حفل جماهيري دعت إليه الجماعة "انتصاراً لثورة 21 سبتمبر" حسب منظمي المهرجان الذي سيلقي فيه زعيم حركة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي خطاباً عبر قناة المسيرة الخاصة به إلى المحتفلين.

تظاهرات

وإلى جانب التظاهرات في العاصمة، تظاهر سكان مدينة تعز الواقعة في جنوب غرب اليمن احتجاجاً على حل الحوثيين البرلمان. واختطف مسلحو الحوثي الناشط أحمد الوافي من وسط مدينة تعز واقتادوه إلى جهة مجهولة، كما اقتحموا المركز الثقافي بمحافظة تعز بقوة السلاح. وخرجت تظاهرات في عدن رفضاً للإعلان الدستوري، كما خرجت تظاهرات غاضبة في مدينة الحديدة غرب البلاد، ووصف المتظاهرون التصرف الحوثي بأنه "اغتصاب للسلطة بقوة السلاح".

وفي البيضاء، وسط اليمن تظاهر المئات واصفين الحوثيين بعملاء إيران.

رفض سياسي

وفي مأرب، وسط البلاد، أعلنت قبائل مأرب رفضها إعلان الحوثيين، وأكدت تمسكها بمخرجات مؤتمر الحوار، محذرة من أن الإعلان الدستوري للحوثيين قد يقود إلى حرب أهلية، وطالبت مجلس التعاون الخليجي بعدم التخلي عن اليمن.

ورفضت السلطات المحلية في حضرموت (جنوب) إعلان الحوثيين، وأكدت عدم التعامل معه. كما رفض الحزب الناصري الإعلان الدستوري، وأكد أنه يعد "انقلاباً على العملية السياسية". بدورها أعلنت السلطة المحلية بمحافظة شبوة (جنوب) رفضها للإعلان الدستوري وعدم تعاملها معه، داعية إلى اجتماع موسع لأبناء المحافظة .

ورفضت المعارضة اليمنية في الخارج بشكل قاطع الإعلان الدستوري، معتبرة أنه "كارثي"، واصفة إياه بـ"الانقلاب المكتمل الأركان على اليمن وشعبه وكل مقومات الدولة والبلد".

وصرح محمد إسماعيل الشامي، رئيس مجلس المعارضة اليمنية بالمهجر، من العاصمة الفرنسية باريس: "لن نظل نتفرج على جماعة مغمورة تعمل على تدمير البلد وتشظيه وتفتيته وتغامر بمستقبل البلد عبر تصرفاتها الطفولية غير محسوبة العواقب تنفيذاً للرغبات الإيرانية باليمن، وأطماعها بالمنطقة على حساب الشعب اليمني".

كما رفض مجلس شباب الثورة الإعلان الحوثي ودعا إلى مقاومته. ومن جهته، قال رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الجنوب، إن إعلان الحوثيين يعد انقلاباً مكتمل الأركان.

بن عمر يعود

إلى ذلك، عاد إلى صنعاء فجر أمس، جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن بعد زيارة قصيرة للمملكة العربية السعودية في إطار جهوده الرامية إلى التوصل إلى مخرج للأزمة السياسية الراهنة فى اليمن.

وذكرت وكالة أنباء "سبأ" اليمنية التي يسيطر عليها الانقلابيون، إنه من المقرر أن يجري المبعوث الأممي خلال الزيارة لقاءات مع "اللجنة الثورية" الحوثية التي تقود الانقلاب وقيادات المكونات والاحزاب السياسية لبحث سبل الخروج من الأزمة الراهنة واستكمال بقية خطوات المرحلة الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة.

واشنطن والخليج

وصرح مسؤول أميركي رفيع بعد اجتماع بين وزير الخارجية جون كيري ومسؤولين في مجلس التعاون الخليجي في ميونيخ أمس الأول، بأن واشنطن تعارض إنشاء مجلس رئاسي في اليمن. وقال المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، لصحافيين رداً على سؤال عن موقف واشنطن بعد إعلان الحوثيين حل البرلمان وتشكيل مجلس رئاسي: "لا نوافق على ذلك، وهم كذلك غير موافقين" على ذلك، في اشارة الى المسوؤلين الخليجيين.

وأضاف أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري دعا الدول الخليجية إلى مضاعفة اتصالاتها مع جميع الأطراف في اليمن، بعد أن تحدثت عن مخاوفها من "خطر" الفراغ في السلطة على الاستقرار في المنطقة. إلا أن هذا المسؤول الأميركي أوضح أن الولايات المتحدة لم تحدد بعد كيفية تعاملها مع "الأحداث الملتبسة والتي تجري بسرعة"، موضحاً أنها ستجري مشاورات حول الخطوات المقبلة.

والتقى كيري طوال تسعين دقيقة وزراء خارجية ومسؤولين من البحرين وسلطنة عمان وقطر والإمارات ونائب وزير الخارجية السعودي.

مجلس الأمن

وأعرب مجلس الأمن عن قلقه الشديد إزاء قيام جماعة الحوثي بحل البرلمان، والسيطرة على جميع مؤسسات الدولة مهدداً باتخاذ "خطوات أخرى" في حال عدم استئناف المفاوضات.

ودعا رئيس مجلس الأمن والممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة السفير ليو جيه يي في بيان مساء أمس الأول، جميع الأطراف ولاسيما الحوثيين إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومخرجات الحوار الوطني واتفاقات السلام والشراكة.

وطالب يي برفع الإقامة الجبرية المفروضة على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء.

(صنعاء - أ ف ب، رويترز، د ب أ)