مقابل الضجة على الكلاب الضالة في مصر نشرت بعض وسائل الإعلام العربية مقطعاً مصوراً آخر لجنود الاحتلال الإسرائيلي وهم يطلقون ثلاثة كلاب مدربة على فتى فلسطيني في الخامسة عشرة من العمر، وسط صيحات الجنود الهستيرية لتشجيع الكلاب على نهش الجسد الضئيل لهذا الطفل العربي، ولكن لم نسمع أو نرَ أي ردود أفعال من الجمعيات الحقوقية والإنسانية

Ad

ولا حتى الحيوانية.

 أثارت وسائل الإعلام الغربية ضجة كبيرة على مقطع مصور نشر على مواقع الإنترنت لمجموعة من الفتيان المصريين وهم يقومون بقتل أحد الكلاب الضالة، ولم تكتف مؤسسات الرفق بالحيوان الأوروبية بشجب هذه الجريمة النكراء وإدانتها بأقوى العبارات، بل استنفرت من فورها بوضع خطة طوارئ لحماية الكلاب الضالة في مصر، وإيفاد ممثلين من جمعياتها إلى مصر للقيام بإحصاء عدد هذه الكلاب التي قدرت بأربعة ملايين كلب، وإيجاد الملاجئ لها ثم التسويق لها عبر الإعلان بحثاً عمن يكفلها، وأخيراً شراء مئات الآلاف من الإبر المخدرة لحقن ما تبقى منها تمهيداً لإعدامها بالموت الرحيم من خلال إبر خاصة أخرى.

قد يكون هذا الاستنفار الغربي أحد الوجوه المشرقة لأوروبا التي تنم عن العطف والتسامح مع الحيوان، وبالتأكيد فإن التدخل في الشؤون الداخلية لدولة عربية تحت ذريعة إنقاذ الكلاب يعكس الجانب الوحشي للعرب وأطفالهم وكأن العرب لم تنقصهم سمعة الإجرام والهمجية!

في مقابل هذه الضجة على الكلاب نشرت بعض وسائل الإعلام العربية مقطعاً مصوراً آخر لجنود الاحتلال الإسرائيلي وهم يطلقون ثلاثة كلاب مدربة على فتى فلسطيني في الخامسة عشرة من العمر، وسط صيحات الجنود الهستيرية لتشجيع الكلاب على نهش الجسد الضئيل لهذا الطفل العربي، ولكن لم نسمع أو نرَ أي ردود أفعال من الجمعيات الحقوقية والإنسانية ولا حتى الحيوانية؛ لإدانة هذه الجريمة البشعة أو حتى السعي إلى التدخل لإنقاذ هذه الكلاب المجندة لممارسة الإرهاب بحق الإنسان وخصوصا الأطفال!

بطبيعة الحال العامل المشترك في المشهدين هو الإنسان العربي، حتى لو كان طفلاً لا يملك كامل الإرادة على أعماله وأفعاله، فالعربي وإن كان طفلاً فهو مجرم، ويجب أن تستنفر كل القوى من أجل إنقاذ وحماية ضحيته وإن كانت كلباً، ولكن عندما ينهش ويقطع الجسد العربي وإن كان طفلاً فلا أحد يبالي وإن كان الجاني كلباً أيضاً؛ لأن القاضي في كلتا الحالتين هو نفسه الخواجة المثقف الذي لا ينفكّ كتاب القراءة من يديه، وإن كان على متن رحلة قصيرة في القطار أو بانتظار الأوتوبيس!

طبعاً هذه ليست مقارنة من أجل التحريض على قتل الكلاب، فديننا المقدس يجّرم التنكيل بالحيوان أو تعذيبه، وقد خسف الله تعالى بأمة شاركت وباركت قتل فصيل ناقة، ولكن المقارنة هنا من أجل من ينتظرون قدوم الأميركيين والبريطانيين لإنقاذ شعوب العالم العربي من كلاب "داعش" وهم ينهشون لحم الأطفال والنساء في إبادات جماعية مستمرة ومتعاظمة عبر سنوات أمام مرأى ومسمع العالم، بل في ظل دعم ومباركة وتمويل من بعض حكوماتهم، ومع هذه المآسي والتناقضات والمعايير المزدوجة يريد الغرب أن ينصب نفسه والياً وقيماً علينا، المهم ألا يمس أحد كلابهم وإن تسلطت على رقاب الشعوب العربية!