تناولت في مقالتي السابقة منطقة الحساوي، وما تعج به من مشاكل، سواء في الخدمات أو النواحي الأخلاقية والصحية، فكانت ردود فعل ساكني الحساوي معي متباينة ما بين مؤيد لما تطرقت إليه من مشاكل، وبين عاتب لعرضي الموضوع من أصله، المؤيد معروف موقفه وسبب تأييده، أما الغاضب فهذا الذي حاولت أن أرصده بدقة شديدة، لأنها معاناة بشر.

Ad

 وفي المعاناة تحن القلوب وتنتبه العقول إلى محاولة إيجاد حل لهموم أناس تركوا أهلهم وذويهم من أجل لقمة العيش الشريفة التي تقيهم السؤال وطلب المساعدة من اللئيم، فتركوا أولادهم وأوطانهم من أجل أن يوفروا لقمة العيش لمن يعولون، فمنهم من وفقه الله ومنهم من يقتله الألم بسبب الحاجة وعدم قدرته على توفيق وضعه في العمل، منهم من يحمل همَّ الإقامة، ومنهم من يحمل همَّ تدبير كفيل آخر بعد انتهاء عمله مع الكفيل الأول، منهم من لم يجد عمل أصلاً، لأنه جاء على عمل وهمي.

الحساوي بها الكثير من الهموم والآلام بخلاف ما تم عرضه من مشاكل، إنها المشاكل الإنسانية، وهذه بعض من كل، أضعها أمام المسؤولين من صانعي القرار لإيجاد الحلول قبل سبل العقاب، وكانت رسالتي أن أنقل هذه الهموم.

أول مشكلة تطرق إليها ساكنو الحساوي كانت تتمثل في "أين نذهب؟"، فكانت إجابتي "المدينة العمالية"، وكان السؤال التالي: "وأين المدينة العمالية؟"، قلت: في مكان ما بالكويت، وهل هذا المكان سيراعي المناطق البعيدة والقريبة؟ فكانت إجابتي: من المؤكد أن الأجهزة المسؤولة بالكويت تدرس ذلك جيداً، فأضاف أحدهم: بمقالك ستعجل بهدم الحساوي! قلت له: القرار معد سلفاً ولكنها مسألة وقت، فأجاب: طيب نحن هنا بالحساوي ومعظم قاطنيها يدفعون 10 دنانير سكناً مقابل 50 ديناراً بأماكن أخرى مثل حولي والفروانية والأحمدي، فمن أين لنا أن ندفع 50 ديناراً؟ كانت أسئلتهم ونظرات عيونهم وواقع حالهم كلها تدفع إلى عرض همومهم، ليعرفها صانعو القرار لترحمهم القرارات قبل أن يقتلهم واقعهم الأليم.

مشكلة أخرى تم عرضها، وهي مشكلة اختلاط الجنسيات العربية والهندية والآسيوية، هذا الأمر ينتج عنه كثير من الشجار، ما قد يودي بحياة أشخاص في بعض المناوشات.

هذه بعض من ردود أفعال مَن سمعتهم يعترضون على تناولي منطقة الحساوي، ومن باب الأمانة المهنية والأخلاقية، وجب عليّ أن أقوم بنقل الصورة كما عرضها من تعرض لهم المقال، لثقتي بأن أولي الأمر بالكويت، قبل أن يشرّعوا أو يتخذوا القرارات يراعون البعد الإنساني ويحاولون جاهدين توفير سبل الراحة والأمان لكل من يقطن الكويت، وهم في حراك قانوني مستمر لتأمين الوافد ولتوفير سبل معيشية مناسبة للجميع.