قبل فترة التقيت شاباً كويتياً في نهاية العشرينيات من العمر في مطار الكويت قبل سفري، أخذ يتحدث عن السفر، ويتفاخر بأنه يستطيع أن يذكر جميع الرحلات التي تغادر مطار الكويت مساء إلى أوروبا والشرق الأقصى ومواعيدها من كثرة سفراته المتتالية طوال العام، قلت له إن جيلنا ونحن في سنه غالباً كان يصعب علينا السفر لوجود مهام العمل والزواج والعائلة وكل الاعتبارات الأخرى التي تمثل المسؤوليات في بداية تكوين الأسرة التي كان معدل سن تكوينها في أيامنا 25 عاماً تقريباً للرجل.

Ad

وقعت كلمة الزواج على أذن الشاب، وكأنها كلمة السر أو "الباسوورد" لينطلق في الحديث عن مصاعب زواج الشاب الكويتي في الطبقة المتوسطة أو محدودة الدخل، قائلاً: لن أتحدث عن غلاء المهور وتكلفة تجهيزات الزواج، التي من الممكن أن تتدبر بشكل أو بآخر، ولكن المشكلة الأساسية هي السكن، فأسعار إيجارات الشقق سواء في السكن الخاص أو المناطق الاستثمارية أصبحت خيالية، ولا يمكن أن تتحملها، كما أن المناطق المتدنية الإيجارات لا يمكن السكن فيها لغزوها من أسر آسيوية ووافدة من الصعب العيش معها، موضحاً أن سكن أسرته في منطقة ذكرها- تقع ضمن محافظة مبارك الكبير- لا يمكنه أن يستوعب أن يتزوج فيه مع أشقائه وشقيقاته.

 ذلك الشاب أشار إلى أن هناك مقترحاً نيابياً منذ شهور في اللجان البرلمانية بشأن قانون تقييم أسعار الإيجارات وفقاً لمواصفات فنية دقيقة، ولكنه يشك في إقراره، لكون أحد أهم مظاهر الثروة لدى الكثير من أصحاب القرار تبدأ بتملك العقارات وما تدره من مردود مالي، وارتفاع القيمة الإيجارية يرفع من قيمتها السعرية في السوق، كما أن عملية زيادة بدل الإيجار من دون وجود قانون يحددها هي كالدوران في حلقة مفرغة، لأن الأسعار سترتفع طردياً مع قيمة الزيادة على البدل.

مؤخراً بحثت عن ذلك المقترح النيابي الذي ذكره الشاب لي، فوجدت أن النائب فيصل الدويسان قدمه يوم الأربعاء الموافق 7 يناير 2015، أي منذ خمسة أشهر، وهو قانون يحدد القيمة الإيجارية للوحدات السكنية وفقاً لمساحتها وموقعها وجودة مرافقها، وهو أمر ليس ببدعة بل موجود في عدة دول، وإن لم يكن موجوداً فإن الدول تشرع وفقاً لحاجاتها وحلاً لمشاكلها الخاصة، ولا توجد اليوم مشكلة بخطورة مشكلة صعوبات تكوين الأسر الناشئة التي تواجه شبابنا.

والغريب أن هناك "لوبي" من الكويتيين في مناطق السكن النموذجي الذين حصلوا على تمويل من بنوك ذات طابع إسلامي، هم من يقومون برفع الإيجارات رغم أنهم مخالفون للقانون، لقيامهم بالتأجير في السكن الخاص، ولكن لا أحد يطبق القانون، ذلك "اللوبي" يضغط أيضاً على نوابه لعدم إصدار قوانين تحديد القيمة الإيجارية، إضافة إلى المواطنين الجشعين المخالفين بتأجير أجزاء من منازلهم بمبالغ كبيرة استغلالاً لحاجات الناس وتفاقم المشكلة الإسكانية.

ولم يدم استغرابي كثيراً بعد أن اطلعت على تصريح النائب د. يوسف الزلزلة بأن مجلس الأمة سيركز في نهاية أعماله على قوانين الدبلوماسيين والأحداث والجرائم الإلكترونية والكاميرات الأمنية... إلخ، دون ذكر أي قانون يتعامل مع تضخم إيجارات الوحدات السكنية وغلائها المجنون، وأدركت أن قضايا الشباب ومعاناتهم لا تستطيع أن تواجه "كارتيلات" المصالح، وغالباً سيكون "الطناش" مصير قضية تضخم الإيجارات التي تواجه الشباب اليوم... وإجازة سعيدة لنواب الأمة.