قمة كامب ديفيد... ثقة مفقودة!

نشر في 14-05-2015
آخر تحديث 14-05-2015 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة تنعقد قمة كامب ديفيد الخليجية – الأميركية وسط انعدام ثقة في إدارة الرئيس باراك اوباما بسبب قراراته المرتبكة التي أدخلت المنطقة في وضع خطير، وجعلتها على وشك مواجهات مدمرة وفوضى عارمة، وأيضاً قراءة أوباما للأوضاع فيها التي بعضها ساذج أو مضلل، والذي اعتبر في حديثه إلى الصحافي توماس فريدمان أن ايران دولة متماسكة ومستقرة، في حين نصح الخليجيين بالانتباه للسخط الداخلي في بلدانهم، وهو لا يرى في ما يحدث في بلوشستان وكردستان والأحواز في إيران وما حدث في احتجاجات يناير 2009 في طهران وما نتج عنها من قتل في الشوارع واعتقالات أي تأثير على استقرار الجمهورية الإسلامية وتماسكها!

 الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري وإدارته الديمقراطية لعبت أدواراً مدمرة  في منطقتنا خلال السنوات السبع الماضية، أخطرها ما فعلته في سورية في صيف 2013 عندما رضخت للرؤية الإسرائيلية بعدم عقاب نظام الأسد عقب استخدامه للسلاح الكيماوي ضد شعبه وخذلان البشرية كلها بترك نظام يقصف شعبه بالطيران، وترك الوضع على ما هو عليه حتى يدمر الأسد سورية ومقدراتها، وهو الوضع الذي نشأ نتيجة له الفوضى التي أنتجت "داعش" وفروعه التي كانت بذرتها منذ سنوات في أقبية الاستخبارات السورية والإيرانية، وكانت بدايات نشاطاتها في العراق.

 بل إن الإدارة الأميركية لم تتجاوب على الأقل، مع المطالب التركية بإنشاء مناطق آمنة في مناطق محددة في سورية لحماية الشعب السوري والمعارضة المعتدلة،  لتعم الفوضى كل منطقة الشام والعراق التي تعبث بها إيران برضا واشنطن التي تعتقد أنها جوائز ترضية لطهران لتشجعها على المرونة والتجاوب على طاولة المفاوضات النووية!

وأوباما الذي أتى عند بداية ولايته الأولى إلى جامعة القاهرة ليقدم رسالة الشراكة والسلام العادل لم يحقق منها شيئاً، وإسرائيل تفعل ما تشاء من استيطان وتقويض أسس الدولة الفلسطينية، والإدارة الأميركية اتخذت خيارات خاطئة مع الإخوان المسلمين في مصر عقب ثورة يناير وجعلتها خياراً مشابهاً للعدالة والتنمية في تركيا، وهي مقاربة خاطئة وسطحية بسبب اختلافات جذرية في بيئتيهما وظروف نشأتهما.

 كما يجب أن تعلم الإدارة الأميركية الحالية أن مواجهة التطرف الجهادي هي مسؤولية ثنائية أميركية – خليجية بسبب أنها صناعة مشتركة قدمت خدمة كبيرة إلى واشنطن والغرب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عبر استنزاف الاتحاد السوفياتي في أفغانستان وإسقاطه وبقاء الولايات المتحدة سنواتٍ طويلة الزعيم الأوحد للعالم والمنظم له، ونحن اليوم ندفع ثمن تلك الخدمة لأميركا التي تريد أن تكون دولة عظمى دون أن تقاتل أو تقدم دماء ثمناً لذلك، وهو خرافة ووهم لأنه لا يوجد دولة عظمى بالتاريخ حافظت على مكانها دون أن تقاتل في سبيل ذلك.

باختصار فإن هذا الأستاذ الجامعي الحالم الذي فاز بانتخابات الرئاسة في مرحلة إحباط لدى الشعب الأميركي من الأزمة الاقتصادية السيد أوباما، ووزير خارجيته كيري صاحب المهارة في الزواج بالسيدات الثريات لا يمكن الثقة بهما، بل إن جون كيري المتناقض الذي قاد المفاوضات الأممية لمحاكمة المسؤولين عن الإبادة الجماعية في كمبوديا يقول عن سورية التي تشهد أكبر إبادة جماعية: "إن الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سورية على المدى البعيد" أي أن أمامه وقتاً ليكون جزءاً على المديين القريب والمتوسط، ولم يذكر شيئاً عن محاكمته وأفراد نظامه المجرمين!

 لذلك فإن أوباما وإدارته يرتكبان نفس الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها إدارة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون عندما تجاهلت تهديدات القاعدة ونشأتها في التسعينيات، واليوم يعتقد أوباما أن تحالفه مع نظام ثيوقراطي ذي مشروع قومي في إيران وعقد اتفاقيات معه سيحقق مصالح أميركا ويحميها وحلفاءها في أوروبا، وهو خطأ تاريخي قاتل ستتضح نتائجه لاحقاً، ولكن علينا كدول مجلس تعاون خليجي أن نوضح لواشنطن مخاوفنا مما تمارسه إيران في المنطقة وخطورة حصولها على سلاح نووي، وكذلك مطالبنا لحماية أمن المنطقة واستقرارها، ونستمع لما عند الإدارة الأميركية التي أعتقد أنها ستتلخص في ما نشره وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس في "الفويرن أفيرز" بأن أميركا لن تقاتل مجدداً لحماية أمن دول الخليج، وعليها أن تقبل دعماً لوجستياً وفنياً أميركياً فقط، وعليها أي - دول الخليج- أن تشتري مزيداً من الأسلحة الأميركية.

back to top