الأغلبية الصامتة: أبو تمام متجدداً في مراكش
نحن اليوم أمام إنجاز جديد يَعرف قدره جيداً أهل الشعر واللغة والنقاد والبحاثة، وهو يتمثل في تمكن مؤسسة البابطين: «من إعادة صناعة ديوان أبي تمام لتكون قصائده ضعف ما نشر له سابقاً، وهو إنجاز يليق بمكانة شاعر كبير منح أمته ذوب قلبه وثمرة خياله، وسجل ملاحمها ورثى أبطالها».
بدأتْ يوم الثلاثاء الماضي في مدينة مراكش الغربية فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، بالتعاون مع جمعية فاس سايس الثقافية، وأطلقت المؤسسة على هذه الدورة اسم دورة أبي تمام الطائي، والتي تزامنت مع احتفال المؤسسة بمرور ربع قرن على تأسيسها. وقد تشرفت مرتين، الأولى بحضور هذه الدورة، والثانية بعضوية وفد رابطة الأدباء الكويتيين الذي ترأسَته الأستاذة أمل عبدالله.ولمراكش وقع شديد في نفسي فهي عاصمة دولة المرابطين التي أسسها قائدهم يوسف بن تاشفين، والأرض التي ضمت قبر ملك إشبيلية الشاعر المعتمد بن عباد، ومن هنا تم، في مراكش، تبادل مواقع التأثير من قرطبة الأندلسية التي تحكمت في موازين المغرب الأقصى إلى مراكش التي هيمنت على ممالك دول الطوائف ضمن صراع المراوحة الطويل بين الوجود الإسلامي والتوسع المتزايد للممالك المسيحية.لقد كان اختيار مراكش المغربية لعقد دورة أبي تمام الطائي المشرقي من قبل مؤسسة البابطين اختياراً موفقاً يصب في خانة الجهود الجبارة لكسر تابوات المراكز والأطراف في الوطن العربي، وتكريس واقع أن الثقافة العربية كيان واحد مترابط متصل، ما يشع في قسم منه ينير بقيته، وما ينجز في قُطر ما هو في الواقع إلا منجز يمثل جميع الأقطار.وها نحن اليوم أمام إنجاز جديد يَعرف قدره جيداً أهل الشعر واللغة والنقاد والبحاثة، وهو يتمثل في تمكن مؤسسة البابطين: "من إعادة صناعة ديوان أبي تمام لتكون قصائده ضعف ما نشر له سابقاً، وهو إنجاز يليق بمكانة شاعر كبير منح أمته ذوب قلبه وثمرة خياله، وسجل ملاحمها ورثى أبطالها". وما سبق مأخوذ من كلمة الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين في حفل الافتتاح.وفي الختام انتهت مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري من حقبة دامت ٢٥ عاماً، وها هي تنتقل إلى مرحلة جديدة واعدة بالتجديد والانفتاح على داخل الثقافة العربية وخارجها، ضمن مسار جادٍّ مستقل عن العمل الرسمي دون أن يتصادم معه، ويقدم النموذج الحقيقي لكيفية مساهمة رأس المال الخاص في خدمة الثقافة والمجتمع، فتحيةً لهذه المؤسسة ولرئيسها وجميع العاملين فيها.